الاتحاد الأوروبي يؤجل اجتماعاً وزارياً مع الجامعة العربية بسبب دمشق

رغم إعلان وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بعد اجتماع الجامعة العربية في التاسع عشر من أيار/ مايو الماضي، أن الدول العربية ستعمل على التواصل مع “الشركاء الغربيين” لوضعهم في صورة الرؤية العربية بشأن إعادة العلاقات مع حكومة دمشق، ومدى إسهامها بحل الأزمة السورية، ووسط تقارير عن ضغوط سعودية إماراتية على الولايات المتحدة ودول أوروبية من أجل تخفيف العقوبات عن دمشق، لا يزال الاتحاد الأوروبي متشدداً في موقفه إزاء رفض أي تطبيع للعلاقات مع حكومة دمشق.

مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، قال خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط في القاهرة، إنه تم تأجيل الاجتماع الوزاري العربي الأوروبي الذي كان مقرراً عقده هذا الأسبوع، بسبب عودة سوريا للجامعة العربية، رغم تأكيده على حرص الاتحاد الأوروبي على تعزيز علاقته بالجامعة، التي اعتبر أنها شريك مهم للتكتل الأوروبي حيث تم التعاون على مدى السنوات الماضية في العديد من القضايا المهمة مثل مكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان وعملية السلام بالشرق الأوسط”، على حد تعبيره.

وبحسب بوريل، فإنه ورغم احترام الاتحاد الأوروبي لقرار الجامعة العربية “السيادي” بشأن عودة سوريا للجامعة، إلا أنه تم دون أن تقدم حكومة دمشق أي جهود لتخفيف الصراع في البلاد، مجدداً التأكيد على أن موقف التكتل لن يتغير تجاه دمشق، إلا إذا حققت الأخيرة تقدماً في تطبيق قرارات الأمم المتحدة بشأن سوريا وعلى رأسها قرار مجلس الأمن اثنان وعشرون أربعة وخمسون”.

يأتي هذا بعد أقل من أسبوع على تصريحات لبوريل خلال مؤتمر للمانحين لجمع الأموال من أجل سوريا نظمه الاتحاد الأوروبي في مدينة بروكسل، قال فيها إن تطبيع الدول العربية علاقاتها مع سوريا ليس المسار الذي يريده التكتل، الذي لن يتخلى عن دوره بدعم الحل السياسي في سوريا، والعمل مع الشركاء على ضمان المساءلة والمحاسبة على الجرائم المرتكبة هناك بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”، ومشدداً في الوقت نفسه على ضرورة مواصلة استهداف حكومة دمشق بالعقوبات، وبذل الجهود من أجل دفعها للانخراط في مفاوضات سياسية حقيقية تقود إلى حل للأزمة المتواصلة منذ أكثر من عقد”.

وأطلق بوريل خلال المؤتمر، تحذيرات من أن أكثر من ستين بالمئة من الشعب السوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي بسبب الأزمات الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في حين طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في كلمة خلال المؤتمر، المانحين بتحصيل أحد عشر مليار دولار لدعم الشعب السوري، داعياً إلى تكاتف دولي من أجل دعم اللاجئين السوريين في دول الجوار والعمل على الوصول إلى حل سياسي يشارك فيه جميع السوريين دون استثناء”.

وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، قد قال خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان في الرياض قبل نحو أسبوعين على هامش أعمال مؤتمر التحالف الدولي لمحاربة داعش، إن بلاده لن تكون جزءاً من عملية تطبيع العلاقات مع النظام السوري، لأنه لم يستحق بعد الحصول على خطوة نحو الاعتراف به، مشدداً على ضرورة التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية وفق القرارات الأممية، وتوسيع نطاق المساعدات الإنسانية وتهيئة الظروف لعودة آمنة للاجئين السوريين ومكافحة تجارة المخدرات والنفوذ الإيراني داخل الأراضي السورية”، وذلك بالتزامن مع تصريحات لوزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، قالت فيها إنه من غير المفهوم إعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية، قبل أن يلب الشروط الدولية المطلوبة منه وقبل أن يقدم أي تنازلات بشأن الحل السياسي”.

استمرار الموقف الغربي الرافض للتطبيع مع حكومة دمشق

ويقول الأكاديمي السوري المعارض الدكتور يحيى العريضي في هذا السياق: “إن الغرب لا زال لديه شيء من الكرامة ويعرف النظام السوري المجرم وما فعله على مدار السنوات الماضية، وهناك صعوبة شديدة للتطبيع مع جهة تعتبر حالة من إجرام الحرب، مشيراً إلى أن الكونغرس الأمريكي لا يزال يناقش قانوناً حول مناهضة التطبيع مع النظام، كما أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أكد من السعودية أن الموقف الأمريكي لا يزال معارض للخطوات العربية “الفارغة والمشؤومة”، كما أن نظام الأسد لم يتزحزح باتجاه الحل ووزير خارجيته “يتبجح” بأن نظامه خطا ألف خطوة ولم يتلق خطوة واحدة”، على حد تعبيره.

ويضيف الدكتور العريضي في حديث لمنصة تارجيت: “أن التصريحات الأوروبية لا تزال تقول إن هذا النظام مجرم وإرهابي ويخرق القانون الإنساني، وبالأمس محكمة لاهاي قبلت دعوى لتجريمه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، ومن هنا غير متوقع أن تكون بلدان تحترم القانون وتحرص على حقوق الإنسان،أن تستجيب لدعوة لاجتماع مع جهة كانت وما تزال ترتكب الجرائم ومع من يطبعون معها”.

التصريحات الأوروبية والأمريكية القديمة الجديدة، تعيد إلى الواجهة الحديث عن أن مسارات التطبيع التي أطلقتها دول عربية مع حكومة دمشق، رغم التعويل العربي عليها بأن تكون بداية للحل، ليست الطريق الأمثل لوضع حد للنزاع في سوريا وإنهاء الأزمة المستمرة هناك منذ ما يزد على اثني عشر عاماً، كما أنها تعيد التأكيد على أساسية الدور الغربي بشأن سوريا وأن أي حل يحتاج لمفاوضات سياسية حقيقية تشارك فيها جميع القوى والتيارات السورية دون إقصاء، تحت رعاية دولية، وتنطلق من القرارات الأممية ذات الصلة التي تنص على تشكيل هيئة حكم انتقالي وتأسيس دستور جديد يراعي حقوق جميع المكونات وإطلاق سراح جميع المعتقلين والكشف عن مصير المغيبين، وضمان عودة آمنة للاجئين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا