القاهرة ـ محمد اسماعيل
يتعامل تنظيم الإخوان الدولي ـ المصنف ارهابياً في بعض الدول العربية والولايات المتحدة الأميركية ـ مع انتخابات 14 مايو في تركيا باعتبارها معركة خاصة به، ربما معركة بقاء، وقد ظهر ذلك بوضوح من خلال مجموعة من البيانات التي تخرج يوماً تلو الآخر من بعض الشخصيات الدينية أو من يمكن تسميتهم بالدعاة الإسلاميين يدعون الناخب التركي إلى التصويت لـ “أردوغان” بل ذهب بعضهم إلى وصف التصويت له بـ”الواجب الشرعي”.
من بين أبرز تلك البيانات التي صدرت خلال الساعات الماضية بيان لما يسمى بـ “علماء الأمة” والذين يدعون إلى انتخاب أردوغان، إلى جانب بيان آخر لما يسمى بـ “المجلس الإسلامي السوري”، وغيرها من البيانات التي دافعت عن سياسات الرئيس التركي التدخلية، ودعت إلى انتخابه، رغم أن المسألة بالأساس يفترض أنها تخص الناخب والشعب التركي، كما كان ملاحظا ارتباط تلك الشخصيات بدولة قطر.
بيان “علماء الأمة” خيانة وشرعنة للاحتلال التركي
يقول حازم العبيدي المحلل السياسي العراقي، في تصريحات لمنصة تارجيت الإعلامية: “إن أهم ما استوقفه في أحد بيانات الدعوة لانتخاب “أردوغان” هو بيان من يسمون أنفسهم علماء الأمة”، موضحاً “أن البيان يتضمن جانبا من الخيانة، لأنه اعتبر أن تدخل أردوغان في ليبيا واحتلال بعض المناطق في شمال سوريا، أمراً عاد على المسلمين في هذه المناطق بالخير”.
وقال “العبيدي”: “ما الخير الذي يتحدثون عنه؟، هؤلاء من الواضح أنهم باعوا أوطانهم وخانوها لأجل مصالحهم الضيقة التي يرعاها النظام التركي وأردوغان، إن ما حدث في شمال سوريا بعد الاحتلال التركي ما هو إلا خراب وهدم وتهجير وجرائم حرب، فكيف يمكن أن يوصف ذلك بأنه خير للمسلمين؟، هذا عبث ومحاولات منهم مستمرة لتزييف الحقائق والخديعة لعوام الناس”.
وشدد “العبيدي” على أن (أردوغان) وذيوله من هؤلاء الذين يسمون أنفسهم (علماء الأمة) ما هم إلا مجموعة من المتاجرين بالدين وبالإسلام من أجل تحقيق المصالح الخاصة بتنظيم الإخوان الدولي الارهابي، ومصالح من يدعم هذا التنظيم من دول الغرب التي راهنت على ما يسمى بالفوضى الخلاقة في المنطقة، وتحت شعار الدين استقطبت الشباب للقتال والإرهاب”.
وفي ختام تصريحاته لمنصة “تارجيت”، يقول العبيدي: “إن هذا البيان كان يجب أن يسمى بيان علماء الإرهاب وخونة الأمة وليس علماء الأمة، لأن هؤلاء لا يفتون إلا بالدم والتخريب والإرهاب، واعتبروا بوضوح بهذه الدعاوى أن المعركة الانتخابية في تركيا ليست معركة للشعب التركي فقط، بل هي معركة تنظيم يستغل الدين ويتاجر به، و”أردوغان” كذلك هو أكثر مَن يستغل الدين من أجل كسب الأصوات الانتخابية وتوفير الغطاء لتدخلاته وأعمال التخريبية، لأنه يريد البقاء في السلطة أطول فترة ممكنة.
استغلال “أردوغان” للدين والاستقواء بالشعارات الدينية نهج أصيل لديه
ومع كل انتخابات في تركيا بمختلف مستوياتها تتحول جميع منصات جماعة الإخوان وكل من يدور في فلكهم إلى أبواق دعائية للنظام التركي، والهجوم الشديد على المعارضة التركية خصوصاً حزب الشعوب الديمقراطي وحزب الشعب الجمهوري، ويصورون للناس أن هزيمة أردوغان هزيمة للإسلام والمسلمين، وهو نفس الدور الذي يقوم به عدد ممن يمكن وصفهم كذلك بـ “شيوخ السلطان” داخل تركيا.
من جهته، يقول محمود الشناوي مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية، في تصريحات لمنصة “تارجيت” الإعلامية: “إن من يحسبون على علماء المسلمين الذين يصدرون بيانات لها طابعا سياسيا تؤكد أن الأمر ليس له علاقة بالدين بشكل مباشر، وإنما هي مسألة استغلال للدين واستقواء بالشعارات الدينية، وهذا هو “النهج الأردوغاني” الأصيل.
وأضاف “الشناوي”: “كلنا يعلم كيف ركب أردوغان موجة الإسلام السياسي حتى يكمل مشروعه وأن يكون خليفة للمسلمين بدء من رئاسة تركيا لمنظمة التعاون الإسلامي، مروراً بدعم كل التنظيمات التي لها طابع سياسي ديني وعلى رأسها تنظيم الإخوان واحتواء هذه التنظيمات وركوب موجة فيما عرف بالربيع العربي”.
وقال الشناوي: “إن العلاقة بين أردوغان وهذه التنظيمات المتطرفة لم تنقطع”، مشيراً إلى أن “هذا الملف أحد أهم الملفات الشائكة في العلاقات المصرية – التركية، باعتبار أن أردوغان هو من احتضن تنظيم الإخوان، سواء بمنحهم الغطاء السياسي والنوافذ الإعلامية وفتح التمويل لهم واستقبال كل التمويلات الخارجية حتى يكونوا قوة موجودة على الساحة حتى لو على مستوى الضجيج وليس لهم قوة فعلية”.
ليس للدين علاقة بانتخاب أردوغان
وقال “الشناوي” إن قيام من يحسبون على شيوخ الإسلام في سوريا بإصدار ما يشبه الفتوى بأن انتخاب أردوغان واجب ديني في حقيقة الأمر هو نوع من المغالاة والقفز على الحقائق واستخدام هو الأسوأ من نوعه للدين والشعارات الدينية”، وتساءل “الشناوي”: “ما علاقة الدين بأن انتخاب شخص ما واجب ديني وخصوصاً عندما يكون هذا الشخص هو أردوغان؟”، مشيراً إلى أن جرائم أردوغان في الدول العربية والإسلامية لا تزال شاخصة في سوريا وليبيا والصومال وغيرها من المناطق سواء بالتدخل العسكري المباشر، أو من خلال دعم التنظيمات الإرهابية حتى تقلب الأمور في تلك البلاد.
وأكد مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط، في معرض حديثه لمنصة تارجيت، أن “هذه التنظيمات تخشى سقوط أردوغان في الانتخابات المقبلة، خصوصاً وأن هذه التنظيمات لن تجد شخصاً مثل أردوغان لديه هذا الحلم الإمبراطوري ووهم الخلافة، لأنه حتى لو جاء زعيم آخر من داخل حزب العدالة والتنمية لن يكون لديه شغفاً بهذه الأفكار مثل أردوغان، أي الزعامة الدينية والسياسية التي يحلم بها وإعادة مجد الإمبراطورية العثمانية، ولديه قناعات بأن معظم الدول التي حوله أجزاء من الدولة العثمانية أي تابعة لتركيا ويجب إعادتها”.
ذيول قطر جاهزة دائما لخدمة “أردوغان” وأجندته التخريبية
كان ملاحظاً أن البيانات الصادرة حملت توقيع عديد من الشخصيات ذات العلاقة والولاء لدولة قطر، خصوصاً ما يسمى بـ “الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين”، وكان من اللافت للنظر في بيانهم الذي حمل توقيعات كثيرين من هذا الاتحاد، أنه اعتبر وقوف تركيا إلى جانب قطر في مواجهة السعودية والإمارات والبحرين ومصر من الأمور التي عادت على المسلمين بالخير.
ويحمل ذلك إشارة إلى الأحداث التي وقعت قبل سنوات عندما قررت الدول التي عرفت باسم “الرباعي العربي” وهي مصر والسعودية والإمارات والبحرين مقاطعة قطر وفرض مجموعة من الإجراءات العقابية ضدها، حتى تتوقف عن التدخل في شؤون الدول العربية، ودعم التنظيمات التخريبية والإرهابية، وكذلك ما تقوم به قناة الجزيرة القطرية من تدخلات وتغطيات مغايرة للحقيقة في هذه الدول فقط خدمة للأجندة القطرية – التركية – الإخوانية.
في هذا السياق، يقول عمر رأفت الباحث في الشأن التركي، لمنصة “تارجيت” الإعلامية: “ان دعوة من يسمون أنفسهم بعلماء العالم الإسلامي في قطر للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة هو دليل على التوجه القطري غير المباشر لاستمرار أردوغان الذي يدعم أجندتهم السياسية الخارجية”.
وأضاف أن “تلك الدعوة ما هي إلا إثبات جديد من قطر بالتدخل في شؤون دول أخرى لمساندة سياساتها التي يؤيدها أردوغان بشكل كامل سواء في دعم التنظيمات الإرهابية وممارسة الضغوط على جهات معينة من أجل تحقيق أهدافها الخبيثة”ً، لافتا إلى أن وصف هؤلاء العلماء لتأييد أردوغان بـ الواجب الديني هي نبرة إخوانية لتأييد المرشح الذي يدعم جماعة الإخوان الارهابية حتى وإن أظهر غير ذلك، فالرئيس التركي هو المرشح عن حزب العدالة والتنمية الإخواني الذي تدعمه قطر بشكل واضح”.
ويقول الباحث في الشأن التركي، في معرض حديثه لمنصة “تارجيت”:إ”ن هذه السياسة أيضاً تعتبر سياسة إخوانية، وهي السياسة التي تسعى لحشد الجميع لمساندة أردوغان واللعب على وتر الدين، حيث يعتبرون أن أردوغان هو خليفة المسلمين في الأرض وأمل الجماعة الإخوانية في النهوض من جديد بعد الانتكاسات التي تعرضت لها خلال السنوات الماضية”.
وفي ختام تصريحاته، قال “رأفت”: “ونظراً لدعم الرئيس التركي للدوحة أثناء المقاطعة العربية، فهم يعتبرون هذا الأمر وهذه البيانات رداً للجميل وضرورة لاستكمال السياسات القطرية خاصة في الشرق الأوسط”.