القاهرة ـ محمد اسماعيل
تأتي انتخابات 14 مايو البرلمانية والرئاسية في تركيا لتكشف عن التحول الكبير في هذا البلد الآسيوأوروبي من تجربة ديمقراطية واعدة إلى نموذج للدولة الاستبدادية التي يهمين عليها رجل واحد، وهو ما ظهر بوضوح من خلال تسخير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كافة موارد الدولة لصالحه في الانتخابات وحرمان معارضيه منها وكأنها ملكا خاصا له.
وينظر كثير من المراقبين إلى انتخابات 14 مايو بأنها مصيرية بالنسبة للرئيس التركي، كونها بحسب كثير من التحليلات واستطلاعات الرأي تحمل فرصا متساوية سواء لـ”أردوغان” الذي اعتاد حسم الانتخابات بسهولة، وكذلك المعارضة التي تبدو أكتر توحدا ولديها فرص أقوى من أي انتخابات ماضية.
ويجمع مراقبون كذلك على أن هذه الانتخابات بمثابة استفتاء على مستقبل الدولة التركية خلال قرنها الثاني، فإما استمرار السقوط تحت نظام استبدادي يقوده “أردوغان”، وإما العودة إلى التجربة الديمقراطية والتي لطالما عانى الأتراك من أجلها.
المنافسة العادلة تغيب عن الانتخابات التركية
في هذا السياق، تقول دراسة لمشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، وهي منظمة غير ربحية في الولايات المتحدة الأمريكية، إنه من المؤكد أن المنافسة لن تكون عادلة في الانتخابات التركية، مع تزايد سيطرة “أردوغان” على القضاء والإعلام والموارد العامة على مدى العقد الماضي، وبالتالي هذا ساعد الرئيس التركي على دفع سيناريوهات الانتخابات لصالحه.
وأضافت الدراسة أنه بالكاد تحظى حملات المعارضة بتغطية إعلامية محدودة، ويواجه السياسيون المعارضون للنظام التركية تحقيقات جنائية بشكل منتظم تفتقد إلى أي دليل ولا أساس لها، مشيرة إلى أن الرئيس التركي لا يزور الانتخابات لكنه يفسد الأجواء النزيهة اللازمة لانتخابات عادلة وعبر تكتيكات مناهضة للديمقراطية، وهذا ما يجب أن تضعه المعارضة في الاعتبار إذا أرادت العودة إلى الديمقراطية.
تكتيكات أردوغان في مرحلة ما قبل الانتخابات
تحدثت الدراسة عن تجربة السنوات الماضية فيما أسمته تكتيكات أردوغان خلال ما قبل الانتخابات، حيث استخدمت حكومة أردوغان مجموعة متنوعة من التكتيكات غير العادلة لقمع أصوات المعارضة قبل الانتخابات والتي دعت إلى التشكيك في نزاهة وشفافية العملية الانتخابية.
وذكرت أن هذه التكتيكات تشمل تحقيقات جنائية ذات دوافع سياسية مع خصوم أردوغان، والرقابة الشديدة على وسائل الإعلام المستقلة أو المؤيدة للمعارضة، والعنف الذي تقره الحكومة لترهيب أحزاب المعارضة وناخبيها، وهي نفسها التكتيكات التي يعتمدها النظام التركي لانتخابات العام الجاري.
الكرد الضحية الأولى لـ “أردوغان” قبيل الانتخابات
تقول الدراسة الأمريكية أيضا إن من بين تكتيكات أردوغان الأكثر شيوعا لقمع معارضته قبل الانتخابات تجريم أحزاب أو زعماء المعارضة، والضحية الأولى لهذا التكتيك كان حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، ثاني أكبر حزب معارض في تركيا بعد حزب الشعب الجمهوري، ففي يونيو 2015، حقق حزب الشعوب الديمقراطي نصرا انتخابيا كبيرا وأصبح أول حزب ذو أغلبية كردية في تركيا يدخل البرلمان، مما تسبب في خسارة حزب العدالة والتنمية للأغلبية البرلمانية لأول مرة منذ عام 2001.
ومنذ ذلك الحين، ومن أجل تقويض شرعية الحزب وقوته الانتخابية، تعامل أردوغان مع حزب الشعوب الديمقراطي باعتباره امتداداً لحزب العمال الكردستاني، والذي تحظره السلطات التركية، ولم يكتف أردوغان وحلفاؤه السياسيون ووسائل الإعلام بأن يبقى الأمر عند مجرد توجيه الهجمات الكلامية ضد حزب الشعوب الديمقراطي فقط، لكن السلطة القضائية التي يسيطر عليها حزب العدالة والتنمية بدأت تحقيقات جنائية مع مئات من أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي واعتقلت العشرات.
وأشارت دراسة مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط إلى أنه لا يزال كثيرون، بمن فيهم الزعيم المشترك السابق للحزب صلاح الدين دميرتاش، خلف القضبان، كما قام البرلمان الذي يسيطر عليه حزب العدالة والتنمية بتجريد عديد من نواب حزب الشعوب الديمقراطي من مقاعدهم البرلمانية، كما أزالت الحكومة التي يسيطر عليها حزب العدالة والتنمية عشرات من رؤساء البلديات المنتخبين شعبياً من حزب الشعوب الديمقراطي من مناصبهم في الجنوب الشرقي ذي الأغلبية الكردية، واستبدلتهم بأشخاص معينين.
“أردوغان” يصعد المعركة ضد الكرد قبل انتخابات 2023
أما في الفترة التي تسبق انتخابات 2023، نقل أردوغان هجماته ضد حزب الشعوب الديمقراطي إلى المستوى التالي، ففي يونيو 2021، وافقت المحكمة الدستورية التركية على مراجعة القضية التي رفعها المدعي العام في أنقرة لإغلاق حزب الشعوب الديمقراطي وفرض حظر سياسي على مئات من أعضاء الحزب، بما في ذلك النواب المنتخبين، بداعي وجود صلات مزعومة بحزب العمال الكردستاني.
وفق الدراسة، يُنظر إلى القضية على نطاق واسع على أنها ذات دوافع سياسية، مع تزايد سقوط القضاء تحت سيطرة الحكومة في السنوات الأخيرة، وعلى الرغم من أن المحكمة لم تصدر حكماً بعد، يبدو أن الحزب مستسلم لمصيره بالإغلاق، حتى أنه في أواخر مارس، أعلن أنه لن يترشح باسمه في الانتخابات البرلمانية، ولكنه بدلاً من ذلك قدم مرشحيه تحت راية حزب اليسار الأخضر.
المضايقات القضائية تحاصر حزب الشعب الجمهوري كذلك
ولأن أردوغان يستهدف كل من يعارضه، واجه حزب المعارضة الرئيسي حزب الشعب الجمهوري مضايقات قضائية، وعلى الأخص في ديسمبر الماضي، إذ أدانت محكمة تركية عمدة حزب الشعب الجمهوري في إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، بـ “إهانة الدولة” بسبب تصريحات له عام 2019 انتقدت المجلس الأعلى للانتخابات في تركيا.
ولم تحكم عليه المحكمة بسنتين وسبعة أشهر في السجن فحسب، بل فرضت عليه أيضًا حظرًا سياسيًا من شأنه، إذا أيدته محاكم الاستئناف، عزله من منصبه كرئيس للبلدية كما يمنعه من تولي المنصب في حالة ترشحه مرة أخرى ويمنعه من الترشح للانتخابات الرئاسية.
وتقول الدراسة إن هذه الخطوة أدت فعليًا إلى إزاحة إمام أوغلو، الذي كان يُعتبر في ذلك الوقت منافسًا محتملًا لأردوغان في انتخابات عام 2023، خصوصا وأنه استطاع انتزاع بلدية إسطنبول من حزب العدالة والتنمية وهي البلدية التي كان يحكمها أردوغان ذات يوم، والتي يقول بنفسه إن من حكمها يحكم تركيا، في وقت تعمل المعارضة على الاستفادة من شعبية إمام أوغلو عبر تعيينه نائبا للرئيس حال فوز كمال كليجدار أوغلو بالرئاسة وهو المنافس الرئيسي لأردوغان والمدعوم من 6 أحزاب سياسية.
سيطرة الحكومة والتلاعب بوسائل الإعلام
تقول نفس الدراسة إن التحيز والرقابة على وسائل الإعلام الموالية للحكومة من المشاكل الرئيسية في الانتخابات الأخيرة، بما في ذلك آخر تصويتين في تركيا على الصعيد الوطني: الانتخابات العامة 2018 والانتخابات المحلية لعام 2019.
فمن خلال ملكية الدولة المباشرة لوسائل الإعلام أو الشركات المتحالفة مع الحكومة، أصبح أردوغان يمارس نفوذاً كبيراً على 90٪ من وسائل الإعلام الرئيسية في تركيا على مدى العقد الماضي، وفي الانتخابات الحالية روجت هذه الوسائل الإعلامية بشكل كبير للحزب الحاكم مع الحد من تغطية المعارضة.
وبالإضافة إلى السيطرة على الغالبية العظمى من المشهد الإعلامي، عملت الحكومة على إسكات الأصوات الناقدة القليلة المتبقية، ففي الفترة التي سبقت انتخابات 2018 و2019، فرضت السلطات غرامات باهظة وحظرا على وسائل الإعلام المستقلة أو المؤيدة للمعارضة، بل وألغت تراخيصها بسبب مزاعم جامحة بأنها كانت تنشر دعاية أو تدعم الجماعات الإرهابية.
وبالمثل، قامت الحكومة بتكميم أفواه وسائل التواصل الاجتماعي، والتي أصبحت مهمة للغاية بالنسبة لوصول المواطنين الأتراك إلى المعلومات في السنوات الأخيرة، ففي عام 2017، حظرت الحكومة ويكيبيديا وأبقتها محظورة قبل انتخابات 2018، وقبل انتخابات 2019 ويوم التصويت، منعت الحكومة الوصول إلى تويتر ومنصات أخرى في مناطق معينة من البلاد.
وشهدت حملة انتخابات 2023 تحركات مماثلة لمنع الوصول إلى المعلومات وقمع النقاش، حيث لا تزال هناك وسائل إعلام مستقلة تواجه غرامات بسبب تغطيتها، وفي أوائل أبريل، فرضت هيئة تنظيم البث في تركيا (RTÜK) غرامة على 3 قنوات مستقلة هي FOX TV وHalk TV و TELE1 بنسبة 3 في المائة من عائدات الإعلانات الشهرية لكل منهم بسبب انتقاد مذيعي الأخبار للحكومة، كما واجهت القنوات الثلاث بالفعل سلسلة من الغرامات في فبراير ومارس بسبب تغطيتها الانتقادية لاستجابة الحكومة للزلزال.
وفي 13 أبريل، أصدرت 20 منظمة دولية لحقوق الإنسان بيانًا مشتركًا دعت فيه RTÜK إلى التوقف عن فرض غرامات على القنوات، وأشارت المنظمات إلى أن هذه الأمور من شأنها منع الإعلام من تغطية نزيهة لانتخابات 14 مايو. كما اكتسبت الحكومة سلاحًا آخر في ترسانتها من القمع في أكتوبر الماضي، وفق الدراسة، عندما أقر البرلمان الذي يقوده حزب العدالة والتنمية قانونًا جديدًا، يُعرف عموما باسم “قانون التضليل”، والذي ينص على أحكام بالسجن تصل إلى ثلاث سنوات لأي مواطن يُدان بنشر أي أمر تعتبره السلطات أخبارًا مزيفة والتي غالبًا ما تكون مجرد انتقاد للسلطات.
وفي فبراير طبقت محكمة هذا القانون للحكم على الصحفي سنان أيغول بالسجن 10 أشهر بسبب تغريداته التي زعمت تورط ضابط شرطة وجندي في قضية اعتداء جنسي، وهي التغريدات التي حذفها لاحقًا واعتذر عنها، كما استخدمت السلطات القانون لاعتقال اثنين من الصحفيين بسبب منشوراتهما على مواقع التواصل الاجتماعي حول رد الحكومة الفاشل على الزلزال.
أردوغان يكثف الحملة على الصحفيين والمحامين قبيل الانتخابات
منظمة مراسلون بلا حدود بدورها كانت أصدرت تقريرها عن حريات الصحافة في العالم يوم الثالث من مايو، وأشارت إلى أن حكومة أردوغان زادت من حملتها القمعية على الصحفيين في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، مشيرة إلى أن “أنقرة” باتت تحتل المرتبة 165 على مؤشر حرية الصحافة بين 180 دولة لتكون بذلك قريبة من تصنيف كوريا الشمالية التي تتذيل المؤشر.
وذكر تقرير مراسلون بلا حدود أن تركيا خلال الـ 11 شهرا الماضية شهدت اعتقال 34 صحفيا وهو أعلى معدل لاعتقال الصحفيين خلال أقل من عام في العالم، مشيرا إلى أن عدد كبير منهم من الصحفيين الكرد، عبر تهم جاهزة منها الدعاية لمنظمة إرهابية في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني.
وانتقد حزب الشعوب الديمقراطي المعارض الاعتقالات التي تطال الصحفيين والمحاميين وتكثيفها خلال الأسابيع الماضية مع اقتراب الانتخابات، مؤكدا أن هذه الاعتقالات تستهدف من يراقبون العملية الانتخابية ومن سينقلون المعلومة الصحيحة للجمهور عن الانتخابات من محاميين وصحفيين.
أردوغان يملأ فترة الانتخابات باحتفالات عن إنجازات صناعية
تقول وكالة أنباء “رويترز” أيضا إن أردوغان يقود حرباً بلا هوادة من أجل البقاء السياسي، وتقول إنه ملأ الفترة السابقة للانتخابات باحتفالات بإنجازات صناعية، بما في ذلك إطلاق أول سيارة كهربائية تركية وتدشين أول سفينة هجومية برمائية، والتي تم بناؤها في إسطنبول لحمل طائرات مسيرة تركية الصنع، كما أسرع أردوغان بتسليم أول شحنة من الغاز الطبيعي لمحطة بحرية من احتياطي مكتشف في البحر الأسود ووعد بتوفير الغاز الطبيعي مجاناً للمنازل، وافتتح أول محطة للطاقة النووية في تركيا في حفل شارك فيه عبر الإنترنت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ولفتت الوكالة إلى أن وسائل الإعلام الرئيسة منحت تغطية واسعة لأردوغان، بينما لم يُولِ الإعلام الحكومي اهتماماً يذكر بمنافسه الرئيس في الانتخابات كمال كليجدار أوغلو، مما أثار اتهامات من المعارضة بعدم إتاحة الفرص المتكافئة.
صحيفة أحوال التركية المعارضة بدورها أشارت إلى أن الرئيس التركي قرر زيادة أجور العمالة الحكومية في البلاد بنسبة 45 بالمئة، وذلك يوم الثلاثاء 9 مايو، اعتباراً من يوليو المقبل في محاولة لاستقطاب الناخبين، لكن مثل هذه المحاولات العشوائية ستكون لها تداعيات سلبية على اقتصاد يعاني الكثير من الازمات، وفق الصحيفة، إذ تعاني تركيا من أزمة اقتصادية غير مسبوقة حيث بات انهيار الليرة وارتفاع التضخم من أبرز تداعياتها.
الإعلام المنحاز
وقد اشتكت المعارضة التركية من انحياز الإعلام الحكومي للرئيس التركي في الدعاية الانتخابية، حيث أصدر عضوا المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون التركي (RTÜK) إلهان تاشجي وتونكاي كيسير، وهما منتميان لحزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي تقريراً مهماً بعد تحليل التغطيات الحية التي قام بها التليفزيون التركي لقادة الأحزاب خلال التجمعات الانتخابية في الفترة من 1 أبريل وحتى 1 مايو.
حيث بث التليفزيون الحكومي ما يعادل 32 ساعة من الخطب الحية للرئيس رجب طيب أردوغان خلال التجمعات الانتخابية، في حين خصص للمرشح الرئاسي لتحالف الأمة المعارض كيليجدار أوغلو 32 دقيقة فقط خلال نفس الفترة.
الأغرب كذلك وفق الرصد، ظهور زعيم حزب الحركة القومية دولت بهجلي حليف أردوغان لمدة 25 ساعة في التغطيات الانتخابية للتليفزيون الرسمي، بينما ظهرت زعيمة حزب الخير ميرال أكشينار لمدة 10 دقائق فقط في المجموع وهي ضمن تحالف المعارضة.
وانتقد عضوا حزب الشعب الجمهوري أداء قناة “تي آر تي” والتي تواصل عملها اعتمادا على الضرائب التي يدفعها 85 مليون مواطن تركي، حيث تبدو وكأنها تحولت إلى وسيلة دعاية صريحة لحزب العدالة والتنمية وحلفائه، وباتت تتصرف كما لو كانت شركة علاقات عامة مكلفة بإدارة الحملة الانتخابية للحزب الحاكم والدعاية لمرشحه الرئاسي.
أساليب تكشف غياب النزاهة عن الانتخابات
تعليقاً على تلك الوقائع، يقول محمد ربيع الديهي الباحث في العلاقات الدولية، لمنصة “تارجيت” الإعلامية، إن تسخير موارد الدولة بهذا الشكل لخدمة “أردوغان” وحملته الانتخابية أسلوب متبع من النظام التركي ويؤكد غياب النزاهة عن الانتخابات، مضيفا: “ليس من حق أردوغان أن يقوم بذلك، لأنه على سبيل المثال التليفزيون الرسمي هذا ملك لكل مواطن تركي، وبالتالي مطالب بالمساواة بين جميع المرشحين، لكن أن يمنح أردوغان 32 ساعة مقابل 32 دقيقة لمرشح المعارضة، فهذا يكشف عن الحالة التي وصلت إليها الحياة السياسية في تركيا”.
ويؤكد “الديهي” أن الانتخابات الحالية تشكل اختباراً صعباً للرئيس التركي، وهو يخشى الخسارة التي ستكون تبعاتها صعبة، وبالتالي فإنه سيفعل كل ما يمكن القيام به من أجل الحفاظ على سلطته سواء بطرق مشروعة أو غير مشروعة، وهوما يتضح في هيمنته على الإعلام والقضاء وعدم إتاحة المجال العام لمنافسة انتخابية حقيقية.