القامشلي ـ علي عمر
لم يمض أكثر من أسبوع على اجتماع عمان التشاوري الذي جمع وزراء خارجية كل من الأردن والسعودية ومصر والعراق وسوريا، والذي تضمن بيانه الختامي بنداً بشأن محاربة تجارة وتهريب المخدرات على الحدود السورية الأردنية، حتى قصفت الطائرات الحربية الأردنية عدة مناطق شمالي البلاد وجنوبي سوريا، قالت وسائل إعلام أردنية إنها استهدفت عمليات تهريب المخدرات.
وسائل الإعلام الأردنية، أفادت نقلاً عن سكان محليون بسماع دوي انفجارات في محافظة إربد وتحليق مكثف للطيران الحربي في سماء مدينة الرمثا شمالي البلاد فجر الإثنين، في حين تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، أن غارات جوية أردنية استهدفت معملاً لإنتاج المخدرات في منطقة “خراب الشحم وتلي الحارة والجموع بريف درعا الغربي جنوبي سوريا، يتبع لجماعة حزب الله اللبناني، ما أسفر عن تدميره بالكامل.
من جانبه، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بمقتل مرعي الرمثان وهو من أبرز تجار المخدرات وأطفاله الستة وزوجته، بغارة جوية يرجح أنها أردنية على منزله في قرية “الشعاب” بريف السويداء الشرقي جنوبي سوريا قرب الحدود الأردنية، حيث تقول مصادر أردنية، إنه جنّد المئات من عمال النقل البدو الذين انضموا إلى صفوف الفصائل التابعة لإيران ذات النفوذ الواسع بالسويداء، كما حكم عليه غيابياً بالأردن بالإعدام عدة مرات خلال السنوات الأخيرة بتهمة تهريب المخدرات.
وتأتي الغارات الأردنية بعد يومين فقط من تهديدات أطلقها وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بتنفيذ عمليات عسكرية داخل الأراضي السورية لمحاربة تجارة وتهريب المخدرات وملاحقة المهربين والمسؤولين عن هذه العمليات، حيث قال: “إن حرب المخدرات المرتبطة بإيران تشكل تهديداً ليس فقط للأمن القومي الأردني بل لدول الخليج أيضاً”.
تعاون سوري أردني عراقي لمواجهة تهريب المخدرات
ويقول محللون، إن الغارات الأرنية الأولى من نوعها داخل الأراضي السورية، جاءت كرسالة لحكومة دمشق أن عمان ماضية في مشروع محاربة تهريب المخدرات على حدودها الشمالية حتى القضاء عليها، كما أن هذه الهجمات جاءت تطبيقاً لمخرجات اتفاق عمان الذي كان من أبرز بنوده محاربة تهريب المواد المخدرة على حدود سوريا مع كل من الأردن والعراق، حيث تضمن البيان الختامي للاجتماع، “العمل على تعزيز التعاون بين سوريا ودول الجوار والدول المتأثرة بعمليات الاتجار بالمخدرات وتهريبها عبر الحدود السورية لمواجهة ووقف هذه العمليات، حيث سيتم تشكيل فريقي عمل سياسيين أمنيين منفصلين بين كل من سوريا والأردن وسوريا والعراق، لتحديد مصادر إنتاج المخدرات في سوريا وتهريبها والجهات التي تنظم هذه العمليات واتخاذ الخطوات اللازمة لإنهائها”، “إلى جانب التوافق على خطوات فعالة لمعالجة التحديات الأمنية المرتبطة بأمن الحدود، عبر إنشاء آليات تنسيق فعالة بين الأجهزة العسكرية والأمنية السورية ونظيراتها في الدول المجاورة”.
كما تضمن البيان الختامي، بنوداً أخرى تتعلق بـ”أولوية إنهاء الأزمة السورية وكل ما سببته من قتل وخراب ودمار ومعاناة للشعب السوري وانعكاسات سلبية إقليمياً ودولياً، عبر حل سياسي يحفظ وحدة سوريا وسيادتها ويلبي طموحات شعبها، ويسهم في تعزيز الظروف المناسبة للعودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين وخروج جميع القوات الأجنبية من الأراضي السورية، بما يحقق المصالحة الوطنية ويعيد للبلاد أمنها واستقرارها”، و”العمل على دعم سوريا ومؤسساتها في أي “جهود مشروعة” لبسط سيطرتها على أراضيها وفرض سيادة القانون، وإنهاء تواجد الجماعات المسلحة والإرهابية على الأراضي السورية، ووقف التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي السوري، وفق أحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
محاولات عربية للحفاظ على “عروبة سوريا”
ويقول عضو الأمانة العامة في المجلس السوري للتغيير المستشار حسن الحريري في حديث لمنصة تارجيت: “إن الاجتماع الوزاري بعمان هو تتويج لجهود سابقة تم بذلها من قبل القيادات العربية من أجل المحافظة على “عروبة سوريا” من وجهة نظر النظام الرسمي العربي الذي يرى أن سوريا إن ذهبت لغير العرب لن تعود مطلقاً، لكن الأنظمة السياسية يمكن أن تتبدل وهذا سبب التقارب العربي مع النظام السوري”، مضيفاً “أن الأخير لم يرد على المطالب العربية حتى الآن حيث جرت عدة اجتماعات وزارية تم خلالها بحث مواضيع عديدة على رأسها موضوع الأمن القومي العربي”.
وبحسب المستشار حسن الحريري، “فإن اجتماع عمان التشاوري يصب في هذا الاتجاه، ويمكن وصفه بأنه اجتماع لوضع النقاط على الحروف قبل القمة العربية القادمة، بهدف المصارحة والمكاشفة بموقف النظام السوري من التقارب والانفتاح العربي عليه والذي يطلب منه تنفيذ مطالب محددة، سيقوم كعادته بالالتفاف عليها، ولن يقدم أي تنازلات للأشقاء العرب كونه مرتهن بشكل كامل لإيران وروسيا”.
وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي قد قال في تصريحات صحفية بعد الاجتماع: “إن الوضع الراهن في سوريا لا يمكن أن يستمر والمنهجية التي اعتمدت على مدار السنوات الماضية في إدارة الأزمة لم ولن تنتج حلاً، وذلك بعد محادثات مع نظيره السوري فيصل المقداد سبقت الاجتماع، “بشأن الجهود المبذولة لإطلاق دور عربي قيادي في حل الأزمة السورية”، وفق ما أفاد بيان صادر عن الخارجية الأردنية.
ويؤكد مراقبون، أن القضاء على تجارة وتهريب المخدرات على الحدود الجنوبية لسوريا مع الأردن، بات الهدف الأول للأخيرة ودول الخليج، حيث تحاول هذه الدول استثمار تقاربها مع حكومة دمشق وعودة الأخيرة إلى الجامعة العربية، للبدء بخطة فعلية للقضاء على هذه العمليات، التي تتهم بالمسؤولية عنها بالدرجة الأولى جماعة حزب الله اللبناني والفصائل التابعة لإيران، التي تقول مصادر استخباراتية عربية، إنها تنقل هذه المواد بالتعاون مع ضباط في الفرقة الرابعة التابعة لقوات حكومة دمشق من لبنان إلى منطقة اللجاة بريف درعا الشرقي ومن ثم إلى الحدود الأردنية.