واصفين ذلك بـ“الواجب الإسلامي”.. مشايخ سوريون يدعون لدعم “أردوغان” في انتخاباته المقبلة وآخرين يعلقون
ادلب ـ غيث العبدالله
لاقت الدعوات التي وجهها عدداً من المشايخ والعلماء السوريين على رأسهم “كريم راجح” شيخ قراء بلاد الشام، إلى جانب جنسيات عربية أخرى، حول حث اللاجئين المتواجدين في تركيا لدعم “رجب طيب أردوغان” في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة المزمع عقدها في الرابع عشر من مايو\أيار الجاري; ردود فعل سلبية من بعض فئات المجتمع بعد أن وصفوا ذلك بالواجب الإسلامي ونصرة المسلمين.
وفي الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم إلى الانتخابات التي تتحضر لها تركيا يوم الأحد المقبل في سياق داخلي محموم، واهتمام واسع على الصعيد الإعلامي المحلي والعالمي لا سيما بعد أن تجددت قوة المعارضة التركية في إلحاق الهزيمة بأردوعان وحزبه “العدالة والتنمية” على أثر الأزمات الاقتصادية التي تضرب البلاد، وجه بعض المشايخ السوريين المعارضين لنظام الأسد رسائل عبر منصات التواصل الاجتماعي أفادوا فيها بوجوب دعم الرئيس التركي في انتخاباته، حيث قال شيخ قراء بلاد الشام في بيان نشره رداً على أسئلة وجهت إليه عن أهمية الانتخابات “إن المشاركة والتصويت لصالح رجب طيب أردوغان في الانتخابات واجب إسلامي ونصرة للإسلام والمسلمين وقضيتهم في تركيا، كما طالب الناخبين بعدم نأي أصواتهم عن الحق”. وفي السياق، وبشكل لا يمت لقضية السوريين بأي صلة نشر كل من الدكتورين أحمد حوى ومحمد الجمال “والكثير غيرهم” وهم أعضاء في المجلس الإسلامي السوري، بياناً دعوا فيه للمشاركة في الانتخابات والتصويت لصالح أردوغان كونه الرئيس الأرضى لله ولأنه رجل حق ومواقف وصدق، وفريقه الأنفع للشعب والأمة، وأكدوا في بيانهم أن انتخابه واجب شرعي وأخلاقي.
وأثار فعل تدخل أعضاء المجلس الإسلامي بالشؤون الداخلية التركية موجة من السخط والتذمر بين أوساط النشطاء المدنيين والإعلاميين السوريين؛ إذا اعتبر البعض أن الحملات المخصصة لدعم انتخاباتهم الرئاسية وتلميع صورة أردوغان هو أمر غير مرغوب به ولا يصب في مصلحة اللاجئين خصوصاً في هذه الأوقات التي تشهد فيه تركيا صراع سياسي داخلي بين أوساط المرشحين للرئاسة.
وفي هذا الصدد، ترى الناشطة الحقوقية والمدنية سوزان البدوي; إن الموقف الأفضل للسوريين في تركيا هو الوقوف على الحياد فيما يخص الانتخابات الرئاسية وعدم الاصطفاف والتعصب إلى جانب أي طرف من الأحزاب المتنازعة على السلطة، لافتة إلى أن “السوريين الذين يحق لهم المشاركة في الانتخابات هم قلة من الذين حصلوا على الجنسية في وقت يتواجد أكثر من خمسة ملايين لاجىء سوري في تركيا همهم الأمان والعيش الكريم فقط”. وطالبت البدوي خلال حديثها مع منصة “تارجيت” الإعلامية، أصحاب الأقلام المؤثرة بعدم المتاجرة بأصوات اللاجئين لأن ذلك قد يضعهم أمام مواقف حرجة بعد انتهاء الانتخابات وإعلان نتائجها، كما توجهت بطلب للسوريين على حد سواء، بعدم الظهور على وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي في مراكز الاقتراع التي سيتواجد فيها مؤيدين ومعارضين لأردوغان فضلاً عن العنصريين، وذلك تجنباً للتصادم معهم.
في السياق ذاته، يرى رجل رجل العلم الشيخ “احسان الحلبي” أن أمل السوريين ليس معقودٌ على أردوغان ولا غيره حيث يقول لـمنصة تارجيت الإعلامية: “إن الدعوات الصادرة عن بعض أعضاء رابطة العلماء السوريين حول وجوب دعم الرئيس التركي الحالي في انتخاباته، جاءت بعد أن رأوا في هذا الأمر خير لكافة السوريين المتواجدين في المدن والولايات التركية، سيما أن منافسي رجب أردوغان يتوعدون بإعادة اللاجئين إلى بلادهم فور وصولهم إلى الحكم حتى لو اضطروا لاستخدام القوة معهم، ولا يستبعد عنهم أن يحذوا حذو الحكومة اللبنانية الأخيرة التي تداهم منازل ومخيمات السوريين لاعتقالهم ثم تعمل على تسليمهم للنظام السوري. وتابع الحلبي; “ولكن أملنا ليس معقود بأردوغان ولا غيره، أملنا بالله وحده هو المعز والناصر لثورتنا ولكل حر وشريف ومظلوم، وعندما تعلقنا بالأشخاص ونسينا أن الناصر والمعز هو الله وصل حالنا إلى هذا الحال للأسف”.
وتشهد تركيا منذ عدة أيام حملات انتخابية ضخمة بين المرشحين الرئاسيين ومرشحي البرلمان والأحزاب، حيث تقام بشكل يومي تجمعات عديدة للمواطنين الأتراك في ولايات مختلفة ضمن سعي ومحاولة الحكومة الحالية إلى استعادة زمام المبادرة لصالحها، بعدما شهدت تركيا خلال السنوات الثلاثة الأخيرة أزمة اقتصادية وارتفاع غير مسبوق لنسبة التضخم التي تسببت في غلاء الأسعار وأدت إلى موجة استياء شعبي بنفوس الأتراك، الأمر الذي فتح المجال أمام المعارضة التركية وأعطاها أملاً كبيراً في الوصول إلى الحكم، إذ بدأت برص صفوفها والحديث عن تغييرات شاملة ستجريها في البلاد بعد حُكمها من قبل حزب “العدالة والتنمية” لمدة واحد وعشرون عاماً.
ويخوض رجب طيب أردوغان السباق الانتخابي للفوز بمقعد الرئاسة بعد ترشحه لمنصب رئيس الجمهورية التركية الثالث عشر عن تحالف الشعب الذي يضم حزب الحركة القومية “MHP” وحزب العدالة والتنمية “AKP” في أوساط اشتباك ضمن العديد من الملفات على الصعيد الإقليمي والعالمي الأمر الذي يضعه إلى جانب حزبه في اختبار مهم وحاسم ويجعل الاستحقاق الانتخابي محط اهتمام ورصد من قبل دول العالم، سيما أنه في مواجهة زعيم حزب الشعب الجمهوري “CHP” كمال كليجدار أوغلو المرشح عن تحالف الأمة “الطاولة السداسية” التي ينضوي تحتها ستة أحزاب سياسية معارضة، بالإضافة إلى مرشحين حزب البلد وتحالف الأجداد.
تجدر الإشارة إلى أن تركيا ستشهد انتخابات رئاسية وبرلمانية في الرابع عشر من أيار\الشهر الحالي، حيث يتابع العالم هذا الحدث الذي وصف على أنه أهم حدث سياسي في العالم لعام 2023 الجاري، سيما بعد ما أُجريت استطلاعات رأي موسعة لمعرفة من سيصل إلى كرسي الرئاسة والذي حصد فيه تحالف الجمهور الحاكم فوزاً بنسبة 53 بالمئة، فيما حصد “تحالف الأمة” فوزاً بنسبة قريبة جداً بعد أن تجاوزت 49 بالمئة، إلا أن هذه النتائج تبقى متضاربة وفي محض توقعات لأن خارطة التحالفات لم تستقر بعد كما يسعى الطرفين إلى ضم الأحزاب الأصغر إلى صفوفهما.