غيث العبدالله
تواصل فصائل المعارضة المنضوية تحت تشكيل ما يسمى بـ“الجيش الوطني السوري” الموالي لتركيا، اعتداءاتها الوحشية تحت حجج وذرائع واهية على السكان الكرد في مدينة عفرين التي تم احتلالها قبل خمسة سنوات، حيث أقدم عناصر تابعين لفصيل فيلق الشام الموالي لتركيا، أواخر فبراير /شباط، بالاعتداء ضرباً على رجل مسن وزوجته وهما ينحدران من قرية إسكان التابعة لشيراوا بريف المدينة وذلك قبل أن يتم سلبهم مبلغ مالي وأجهزة خليوية كانت بحوزتهم.
ففي وقت لم تندمل الجراح في مركز ناحية جنديرس التي عاشت ليلة دموية حين شهدت مجزرة مروعة راح ضحيتها خمسة أشخاص من عائلة واحدة أثناء احتفالهم بشعلة النوروز ليلة العشرين من مارس / آذار الفائت على يد الفصائل المسلحة، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمقطع فيديو مسرب لرجل كهل يدعى “يحيى شكري حمو” (65 عاماً) وهو طريح الفراش بسبب تعرضه لأذية جسدية بليغة من جراء اعتداء وحشي تعرض له داخل منزله برفقة زوجته “سلطانة بركو” التي أصيبت بكسر في يدها أيضاً، من قبل عناصر منتميين إلى فصيل فيلق الشام في قرية إسكان بريف عفرين.
الصحافي شيار خليل أكد في تصريح لمنصة “تارجيت” الإعلامية، “أن المسن أبو شكري وزوجته الملقبان بعائلة “خجنه”، قد تعرضا قبل حوالي شهر للاعتداء بالضرب المبرح لحظة دخولهم إلى منزلهم الذي تضرر بفعل زلزال السادس من شباط المدمر، من قبل عدد من العناصر المسلحين المتمركزين داخل القرية، موضحاً أن الحادثة حصلت بعد ساعات قصيرة من استلام العائلة لحوالة مالية مرسلة إليهم من قبل ابنهم لاستخدامها في مصاريفهم اليومية، إلا أن المعتدين سلبوا من العائلة مبلغ مالي قدره ثلاثمئة دولار أمريكي، بالإضافة إلى أجهزتهم الخليوية التي كانت بحوزة الرجل والزوجة، وأغراض مادية أخرى، بعد أن قاموا بتعنيفهما، بحسب خليل.
الجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها عفرين وأريافها المحتلة من قبل تركيا والفصائل السورية المسلحة الموالية لها انتهاكات وجرائم إنسانية بحق المدنيين الكرد، فقد عملت المنظمات المحلية المستقلة، واللجان التابعة لمنظمات حقوقية ودولية خلال السنوات الخمسة الماضية، على توثيق آلاف الجرائم التي عمدت على ارتكابها الجهات العسكرية المسيطرة، مثل الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري، والقتل والتعذيب، ومصادرة الممتلكات والتغيير الديمغرافي، فضلاً عن عرقلة عودة السكان الأصليين إلى منازلهم.
مصدر من بلدة راجو “فضل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية” كشف في تصريح لـ “تارجيت”، بأن “الكرد المتواجدين في القرى والبلدات التابعة لمدينة عفرين، يتعرضون بشكل يومي لأبشع المضايقات وعمليات الابتزاز من عناصر الفصائل المسلحة إلى جانب الحواجز العسكرية المتواجدة عند مداخل ومخارج القرى، لافتاً إلى أن ذلك ازداد بشكل ملحوظ بعد المظاهرات التي عمت جنديرس على خلفية الجريمة التي هزت المدينة قبل أيام “يعني مستحيل يمر يوم وما نسمع انو فلان انضرب عالحواجز، أو فلان أهين واتشلح مصاري، أو فلان تم اعتقاله لساعات” وفق المصدر.
وعلى خلفية حادثة الاعتداء التي تعرض لها “يحيى شكري حمو” أصدرت “منظمة حقوق الإنسان في عفرين ـ سوريا” بياناً قالت فيه: “في ظل انتشار حالة الفلتان الأمني والفوضى الفصائلية في منطقة عفرين، تعرض مسن كردي وزوجته للضرب المبرح على أيدي مسلحي فصائل ما يسمى بـ الجيش الوطني السوري الموالي للاحتلال التركي، بعد استلامه لحوالة مالية من ابنه. وأن سكان المناطق التي تقع تحت سيطرة فصائل ما يسمى بالجيش الوطني السوري الموالي للاحتلال التركي والتي باتت منطقة نفوذ تركي بلا منازع، يفتقدون إلى الأمن والأمان في ظل عدم التزام تركيا كدولة (احتلال) بواجباتها القانونية وفقا للمادة (43) من لائحة لاهاي لعام 1907، نظرا للانتهاكات والجرائم التي ترتكب بشكل يومي من قبل مسلحي الفصائل بحق السكان الأصليين الكرد على مرأى ومسمع من سلطات الاحتلال التركي دون أي حسيب أو رقيب ودون أن تحرك ساكنا، في ظل استمرارية هذه الجرائم التي ارتقت إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة العرقية”.
من الجدير بالذكر أن حادثة الاعتداء التي وقع فيها المسن “أبو شكري” ليست الأولى فلقد سبق وتعرض لحادثة اعتداء مشابهة قبل ستة أشهر بالقرب من بستانه على أيدي مسلحين ينتمون إلى ذات الفصيل حين كان قادماً من مدينة عفرين وبحوزته حوالة مالية، إذ تعرض حينها للضرب وسلب ما بحوزته من أموال عقب اقتياده إلى بستانه.
وفي سياق الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها الفصائل الموالية لتركيا، وعلى خلفية جريمة جنديرس التي راح ضحيتها خمسة أشخاص من عائلة واحدة، أدانت السفارة الأميركية في دمشق المجزرة التي ارتكبتها الفصائل الموالية لتركيا في ناحية جنديرس عيشة عيد نوروز وقتلهم خمسة شبان كرد من عائلة واحدة بسبب إشعالهم نار العيد.
وقالت السفارة الأميركية في منشور لها على منصات التواصل الاجتماعي تويتر: “إن أعمال العنف كالتي شهدتها ناحية جنديرس في 20 آذار الماضي تهدد استقرار سوريا”، كما ودعت السفارة جميع الأطراف الى وقف الهجمات ضد المدنيين، كما دعت إلى تعزيز مفهوم المساءلة.
هذا وبعد المجزرة ألقت القوات التركية والفصائل الموالية لها على عدد من أهالي الناحية والمواطنين الذين حالوا الوصول إليها للمشاركة في التظاهرات والوقفات الاحتجاجية التي خرجت عقب المجزرة.
وفرضت القوات التركية والفصائل الموالية لها على الأهالي رفع علم “العارضة” والأعلام التركية وعدم رفع أي علم أو رمز كردي وهددتهم بمعاقبة من يخالف ذلك، في خطوة منها للتستر على المجزرة. ولازالت الانتهاكات تتوالى وليس آخرها حاثة “أبو شكري وزوجته.