ادلب ـ ليث العبدلله
بعد الاجتماع الذي ضم قيادات ما يسمى الجيش الوطني السوري والمسؤولين الأتراك المعنيين بتسيير الملف السوري أواخر أكتوبر / تشرين الأول من العام الفائت في غازي عنتاب التركية، والذي فرضت خلاله الأخيرة إنشاء إدارة أمنية واقتصادية وعسكرية موحدة بالمناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل الموالية لها، أصدرت “الحكومة السورية المؤقتة” عبر وزارة دفاعها عدة قرارات على خلفية ما فُرض عليها من “المخابرات التركية”. ومن أهم تلك القرارات هو، انسحاب الفصائل العسكرية من الحواجز ونقاط التفتيش المنتشرة بكثرة على الطرقات الرئيسية ومداخل ومخارج المدن والبلدات، لكي يتم تسليمها إلى الشرطة العسكرية بهدف إدارتها إلى جانب المعابر الواصلة بمناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” بأوامر من وزارة الدفاع بشكل مباشر.
وأكد المتحدث الرسمي باسم “وزارة الدفاع” في الحكومة المؤقتة العميد أيمن شرارة خلال بيان مصور نُشر في النصف الثاني من يناير الفائت، أن الشرطة العسكرية ستستلم كافة الحواجز الأمنية في ريفي حلب الشمالي والشرقي، بالإضافة إلى مناطق تل أبيض ورأس العين الواقعتان في الرقة والحسكة.
ولفت إلى أن هذه الخطوة تأتي تنفيذاً للقرار والخطة التي وضعتها الحكومة المؤقتة مسبقاً، إذ تسعى فيها إلى الحاق تلك الحواجز لإدارة مركزية واحدة “بعد تقليص عددها”، لأن ذلك يسهم في سهولة التواصل وحفظ الأمن، ورفع إمكانية تنظيم عملها بشكل أفضل.
وأوضح شرارة، أن الإدارة المركزية ستكون تحت إشراف نائب مدير إدارة الشرطة العسكرية لشؤون الحواجز والمعابر، وأنه سيتم رفدها بعناصر مؤهلة عسكرياً وسيعملون بضوابط عمل جديدة بما يسهم في تأمين الأمن والاستقرار خلال الفترة المقبلة.
وتسعى الحكومة المؤقتة إلى تنفيذ خطة تتضمن توحيد فصائل “الجيش الوطني” ثم حل جميع الأجهزة الأمنية التابعة لتلك الفصائل واستبدالها بجهاز أمني واحد لكل المنطقة، إلى جانب توحيد الخطاب الإعلامي في جميع تشكيلات الجيش والشرطة العسكرية.
لماذا هذه الإجراءات وما هي ضروراتها؟
كشفت مصادر عاملة في صفوف الجيش الوطني في تصريحات لمنصة “تارجيت” الإعلامية، أن ما تقوم به الحكومة المؤقتة في الآونة الأخيرة من إصلاحات في مؤسساتها المدنية والعسكرية، فرض عليها بالقوة والإجبار من قبل “أنقرة” بهدف ضبط المناطق التي قامت باحتلالها في شمال وشرق سوريا على مدار السنوات الماضية، حيث تفاقمت فيها الفوضى الأمنية وازدادت الاغتيالات والتفجيرات وعمليات السرقة والسطو المسلح، وسط غياب المحاسبة القانونية بسبب الفصائلية والعشائرية الموجودة ضمن التشكيلات العسكرية العاملة في ريف حلب الشمالي.
وبينت المصادر، أن تركيا حذرت قيادات الفصائل خلال الاجتماع الذي جرى في غازي عنتاب أواخر العام الفائت، لإيجاد حلول سريعة لضبط المنطقة على كافة الأصعدة وإلا لن تقف بوجه هيئة تحرير الشام “جبهة النصرة سابقا” في حال عاودت الدخول إلى تلك المناطق مرة أخرى بغية السيطرة عليها كما فعلت في وقت سابق “علماً أن تحرير الشام ما اجتاحت المنطقة حينها إلا بعد موافقة تركيا على ذلك بهدف كبح تشكيلات الجيش الوطني والرضوخ للأوامر التي تصدر عن الأخيرة” وفق المصدر.
ما الهدف من تسليم الحواجز للشرطة العسكرية؟
قالت مصادر تارجيت و”التي نغفل ذكر أسماءها لدواعي أمنية وحفاظاً على مصادرنا”: “إن قرار تسليم المعابر والحواجز إلى الشرطة العسكرية لإدارتها، جاء بأمر من تركيا وبموافقة من هيئة تحرير الشام التي مازالت قواتها متواجدة في مدينة عفرين وبعض القرى المحيطة فيها، وأوضحت أن الإدارة التي ستتولى تسيير عمل الحواجز والمعابر لها صلة مباشرة بتحرير الشام على الصعيد الأمني، وبناءاً على ذلك تم اختيارها لتتولى قيادة المنطقة أمنياً بشرط رفع مستوى الاتصالات والتنسيق مع قيادات تحرير الشام التي تسعى للهيمنة على المنطقة في وقت لا تريد فيه إزعاج تركيا أو الصدام معها”.
وأوضحت المصادر ذاتها، أنه “حتى اليوم لم تحدث أي تغييرات على مستوى الحواجز المنتشرة في منطقة عفرين كونها ما زالت تشهد توترات عسكرية بين القوى المسيطرة، وأن عمل الشرطة العسكرية اقتصر بعدد محدود من تلك الحواجز في مدن أعزاز والباب وجرابلس، بالإضافة لتل أبيض ورأس العين”.
وحول موقف الفصائل العسكرية المتحالفة مع هيئة تحرير الشام من القرار الصادر عن الحكومة المؤقتة الذي طالب بتسليم الحواجز للشرطة العسكرية، قالت مصادر “تارجيت”: “إن تلك التشكيلات لن تعمل بالقرار إلا في حال إشراكها بإدارة المؤسسات الحكومية وبعائدات المعابر والحواجز”، على الرغم من عدم تبعيتها للجيش الوطني السوري.
تشكيل جديد حليف لتحرير الشام شمالي حلب
في زخم التناحرات الفصائلية وخطة الإصلاح التي تسعى لها الحكومة المؤقتة لمؤسساتها المدنية والعسكرية، أعلنت ثلاثة فصائل عسكرية متحالفة مع هيئة تحرير الشام اندماجها في تشكيل أُطلق عليه “تجمع الشهباء”، مؤكدة أن الهدف من التشكيل هو رص الصفوف العسكرية وتنظيمها.
ويضم التجمع الذي أعلن عنه في بيان مصور الخميس الفائت شمالي حلب، كل من “حركة أحرار الشام القاطع الشرقي، وحركة نور الدين الزنكي وأحرار التوحيد” حيث قالت الفصائل المتحالفة: “إنها تسعى إلى تنظيم صفوفها العسكرية بما يكفل لها الدفاع عن المناطق المحررة ضد أي هجوم محتمل، والحفاظ على أهداف الثورة والاستمرار فيها حتى تحرير الأرض من أيدي المحتل الروسي والإيراني وإسقاط النظام”، كما أوضحت “أنها تسعى للوقوف بجانب المؤسسات الثورية للقيام بواجبها نحو مواجهة التحديات الداخلية، وأنها ستعمل على دعم كل ما يلزم للوصول إلى محرر آمن يعيش الناس فيه بأمان وسلام”.
وترى مصادر “تارجيت” أن من يقف وراء تشكيل تجمع الشهباء هي هيئة تحرير الشام، لأنها تريد البقاء في مناطق ريف حلب الشمالي بشكل علني أو عن طريق حلفاء تابعين لها، بغية السيطرة على كافة المعابر وكسب عائداتها المالية الضخمة إلى جانب إدارة المؤسسات من قبل حكومة الإنقاذ المسؤولة عن تسيير الأمور المدنية والاقتصادية والأمنية في إدلب.