الاحتلال التركي والفصائل مستمرون في انتهاكاتهم بعفرين السورية

القامشلي ـ علي عمر

منذ احتلال عفرين وريفها شمال غربي سوريا من قبل تركيا والفصائل التابعة لها عام ألفين وثمانية عشر، لا حديث يعلو على الانتهاكات التي ترتكب بحق السكان الأصليين والشجر وحتى الحجر هناك، والتي توثقها منظمات حقوقية تقول إن القتل والاختطاف والسرقات ونهب الممتلكات وفرض الأتاوات على السكان بات مشهداً يومياً، وتكرر تحذيراتها من مخطط لتغيير ديمغرافي تسعى تركيا لتنفيذه بالمنطقة.

آخر فصول هذه الانتهاكات ما وثقه المرصد السوري لحقوق الإنسان، بإقدام “الشرطة المدنية” التابعة للاحتلال التركي على اختطاف مدني من ناحية معبطلي بريف عفرين واقتياده إلى جهة مجهولة بغية مطالبة ذويه بفدية مالية مقابل الإفراج عنه، بالتزامن مع سرقة منزل مسنة عفرينية بريف ناحية راجو من قبل مستوطن يدعى “أبو حديد”، وتأجير عناصر “المكتب الاقتصادي لفصيل الحمزات” التابع لتركيا حقول زيتون في قرية “معراتة” تعود ملكيتها لمدنيين هجروا قسراً من منازلهم، إلى مستوطنين لزراعتها بالحبوب والبقوليات دون علم الوكلاء على هذه الحقول، وذلك رغم أن فصيل الحمزات يحصل على نسبة أربعين بالمئة من محصول الزيتون على اعتبار أنه مسؤول عن إدارة الحقول إلى جانب الوكلاء، ناهيك عن فرض الأتاوات والسرقات خلال الموسم، وفق ما أكدته منظمة عفرين لحقوق الإنسان.

المنظمة الحقوقية، وثقت أيضاً اختطاف “الاستخبارات التركية” شابين من أهالي ناحية جنديرس بريف عفرين دون معرفة الأسباب، بالتزامن مع اختطاف مدنيٍ آخر في حي الأشرفية بتهمة عدم التعاون مع الفصائل والتستر على أصحاب ممتلكات العفرينيين المهجرين عن منازلهم، في حين نفذ فصيل “فيلق الشام” عملية سطو مسلح على منزل في قرية كباشين التابعة لناحية شيراوا وسرق أدوات كهربائية وعدد من صفائح زيت الزيتون، تزامناً مع إقدام عنصر من فصيل “جيش الإسلام” على بيع منزل في عفرين تعود ملكيته لمدني مهجر من المنطقة، إلى مستوطن بمبلغ ألف ومئتي دولار أمريكي.

المتحدث الرسمي باسم منظمة عفرين لحقوق الِإنسان إبراهيم شيخو، قال في تصريحات لمنصة تارجيت: “إن الخطف والاعتقال أصبح مهنة وتجارة رائجة لدى معظم قادة وعناصر الفصائل بإشراف مباشر من سلطات الاحتلال التركي، مؤكداً أنه منذ احتلال عفرين وريفها وحتى اليوم بلغ عدد المختطفين لدى الفصائل ثمانية آلاف وستمئة شخص بينهم نساء وأطفال، ثلثهم لا زال قيد الاحتجاز وبعضهم مفقودين ومجهولي المصير ، في حين جرى إطلاق آخرين بعد دفع ذويهم فدىً مالية”.

لكن تبقى عمليات قطع الأشجار المثمرة والحراجية وتغيير طبيعة عفرين، هي المشهد الأكثر تكراراً ووحشية منذ الاحتلال، حيث وثقت المنظمات الحقوقية اقتطاع آلاف الأشجار آخرها قطع فصيل “جيش الشرقية” نحو مئة شجرة زيتون بناحية راجو تعود ملكيتها لثلاثة مدنيين، في حين أقدم عناصر من فصيلي “الحمزات وفيلق الشام” التابعين لتركيا على قطع نحو ثمانمئة وخمسين شجرة زيتون، بالتزامن مع قطع فصيل “النخبة” حوالي مئة شجرة في ريف المدينة المحتلة، ونقل الأشجار لبيعها كحطب للتدفئة في أسواق عفرين وإدلب، وسط تأكيدات أن بعض الفصائل تدفع ضرائب لحواجز فصيل “العمشات” في ناحية شيخ الحديد لقاء السماح لها بتمرير شحنات الحطب وعدم مصادرتها، وذلك بعد أن وثقت منظمة عفرين لحقوق الإنسان خلال النصف الأول من كانون الثاني/ يناير الجاري إقدام الفصائل على قطع أكثر من ألف وخمسمئة شجرة زيتون تعود ملكيتها لثمانية عشر مدنياً من أهالي ريف عفرين باستخدام مناشير كهربائية على مرأى ومسمع الجيش التركي، بغية بيعها كحطب للتدفئة.

المتحدث الرسمي باسم منظمة عفرين لحقوق الإنسان، أكد أن “عمليات قطع الأشجار المثمرة والحراجية من قبل الفصائل بعفرين لم تتوقف منذ الاحتلال إلا أن وتيرة القطع تزداد سنوياً مع دخول فصل الشتاء وازدياد الحاجة إلى الحطب، مشيراً إلى أنه تم قطع قرابة نصف مليون شجرة مثمرة، إلى جانب عشرات الهكتارات من الغابات الحراجية أبرزها “ميدانكي وإشكان شرقي وجنديرس وقرى ناحية معبطلي” حيث يتم بيعها كحطب للتدفئة في الأسواق المجاورة، حيث يترواح سعر الطن الواحد بين مئة وعشرين ومئة وأربعين دولار أمريكي، ولافتاً إلى أن الشكاوى التي تم تقديمها للسلطات المختصة من قبل مالكي هذه المزارع لم يتم الاستجابة لها حتى الآن”، ومعتبراً أن “هذه الممارسات الهادفة لتغيير طبيعة عفرين تندرج في إطار مخطط للتغيير الديمغرافي تسعى تركيا لتنفيذه”.

وبموازاة الاختطاف والسرقات وقطع الأشجار، تتواصل عمليات الاستيلاء على منازل الكرد المهجرين وبناء وحدات استيطانية جديدة بدعم “جمعيات” فلسطينية وقطرية في عفرين وأريافها، لتوطين المستوطنين القادمين من مناطق سورية أخرى فيها، كان آخرها مستوطنة “أجنادين فلسطين” المشيدة على أراضي السكان الأصليين بأطراف ناحية جنديرس ومؤلفة من مئة وثمانين منزلاً، في حين وزعت “منظمة فريق إدلب الوطن” أربعين منزلاً على عناصر فصيل “أحرار الشام” في الناحية، كما أكدت تقارير حقوقية أن الفصائل هددت الأهالي بناحية راجو في حال عدم التنازل عن نحو ثلاثمئة شجرة زيتون في التل الأثري للناحية، من أجل بناء قاعدة تركية عليها.

العام ألفان واثنان وعشرون الذي ودعنا قبل أيام، طوت معه عفرين نحو خمسة أعوام على احتلالها من قبل تركيا والفصائل التابعة لها… عام أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان تنفيذ هذه الفصائل خلاله أكثر من خمسمئة وثمانين حالة اختطاف بينهم أطفال ونساء ومئة وثمان وستين حالة استيلاء على ممتلكات للمدنيين، وقطع أكثر من أحد عشر ألفاً وستمئة شجرة زيتون في مختلف نواحي عفرين، ومئة وثمان وثلاثين عملية فرض أتاوات من قبل الفصائل بحق المدنيين، وسبع وتسعين حالة سرقة وأكثر من مئة عملية بيع لمنازل مهجرين وثلاث وثلاثين عملية تجريف وتخريب لتلال أثرية بحثاً عن لقى أثرية.

قد يعجبك ايضا