ادلب ـ ليث العبدالله
داهم عناصر من الشرطة العسكرية “أحد تشكيلات ما يسمى الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا” بأوامر من الاستخبارات التركية في وقت متأخر من ليل الثلاثاء – الأربعاء، منزل المقدم أحمد القناطري المنشق عن جيش النظام السوري والمقيم بمدينة أعزاز شمالي حلب، وذلك بحجة وجود مذكرة توقيف بحقه وحق ضباط آخرين بتهمة التحريض على التظاهر ودفع المدنيين للهجوم على المؤسسات التابعة للجيش الوطني.
وأكدت مصادر من أعزاز “فضلت عدم الكشف عن هويتها لأسباب أمنية” في تصريح لمنصة “تارجيت” الإعلامية أن أربعة سيارات تقل حوالي 15 عنصراً “بحوزتهم أسلحة خفيفة” من الشرطة العسكرية داهمت مكان إقامة المقدم أحمد القناطري بغية اعتقاله، إلا أنه لم يكن متواجداً في منزله أثناء عملية المداهمة ما أجبر الدورية للعودة إلى ثكنتها.
وأشارت المصادر ذاتها، إلى أن المدعو القناطري كان على دراية بأن منزله سيتعرض للمداهمة بهدف اعتقاله مع ضباط آخرين غير منضويين ضمن تشكيلات “الجيش الوطني”، وعليها قام بإخلائه قبل ساعات وتوارى عن الأنظار برفقة أشخاص آخرين من المطلوبين والملاحقين أمنياً بسبب معارضتهم لعملية التطبيع والتقارب بين أنقرة وحكومة دمشق.
وكان المقدم أحمد القناطري قد ظهر برفقة عشرات المدنيين في مظاهرة خلال قراءته بياناً أمام مقر الائتلاف الوطني بمدينة أعزاز طالب من خلاله، إيقاف عمل مقرات الائتلاف والحكومة السورية المؤقتة وإغلاقها بشكل كلي، محذراً أعضاء تلك المؤسسات من الدخول إلى المناطق المحررة والتجول في الداخل، وأن أمامهم خيار الاستقالة أو التزام بيوتهم بسبب مواقفهم المؤيدة للتصريحات التركية الأخيرة بما يخص عملية التقارب مع النظام السوري، حيث اعتبروا في وقت سابق أن التقارب بين أنقرة و حكومة دمشق سيعطي دفعة للحل السياسي للأزمة السورية.
وأصدر ما يسمى بـ “ملتقى الضباط الأحرار” الذي تم تشكيله قبل حوالي عامين برئاسة العميد مناف طلاس نحو 200 ضابطاً وصف ضابط من المنشقين المتواجدين شمال غرب سوريا ودول أخرى، بياناً على خلفية مداهمة منزل القناطري وملاحقة آخرين من قبل الشرطة العسكرية والاستخبارات التركية، رفض خلاله المساس بالمقدم أحمد القناطري وكل من وردت أسماؤهم في لائحة الشرف هذه “والمقصود بها اللائحة التي تضم أسماء الضباط المطلوبين” الذين عُرف منهم ثمانية ضباط يحملون رتب مختلفة وهم “رشيد زعموط أبو فاتح – بشير عليطو أبو الخير – محمود عليطو – ياسين هلال – أسامة العمر – ياسر بكور – محمد علي شوشة ورامي الحمد” وفق وكالات ومواقع إخبارية محلية. كما طالب البيان رئيس الحكومة المؤقتة عبدالرحمن مصطفى بتحمل تبعات هذا العمل الغريب والمستهجن، والكشف عن كل إجراءات الحكومة تجاه نظام القتل والإجرام، بدلاً من رمي التهم يميناً ويساراً متظاهراً وكأنه هو المعني بثورة شعب ثار ولن يهدأ حتى تحقيق أهدافه في الحرية والعيش الكريم، بحسب البيان.
وذكرت مصادر أخرى لمنصة “تارجيت” أن أوامر الاعتقالات أو التعقب الأمني التي تصدر عن الاستخبارات التركية وتعمل على تنفيذها الشرطة العسكرية لم تقتصر على الضباط فقط، بل طالت مؤخراً بعض الصحفيين والنشطاء الإعلاميين العاملين في مناطق سيطرة الجيش الوطني بريف حلب الشمالي، إذ كشفت المصادر في تصريح للمنصة، أن تقارير استخباراتية رُفعت بخمسة من الصحافيين النشطين “بتهمة التحريض والتخريب” في مدن عفرين وأعزاز والباب عُرف منهم “زياد المحمد وأحمد حلاق وهادي بارودي وأكرم السيد” وذلك على خلفية تنظيمهم للمظاهرات التي شهدتها المناطق الآنفة الذكر خلال الأسابيع الفائتة رفضا للتطبيع والتصالح مع النظام السوري، ولفتت المصادر إلى أن الناشطين تلقوا تحذيرات وتهديدات من أرقام وحسابات مجهولة في حال لم يتوقفوا عن “التحريض وحشد المدنيين” سيتم اتخاذ إجراءات صارمة وبالقوة.
وبعد المظاهرات الشعبية الحاشدة التي خرجت رفضاً للتطبيع والتصالح في مناطق شمال غرب سوريا، تصاعدت حدة الاعتقالات التعسفية والمداهمات لنشطاء إعلاميين ومدنيين ومنهم عسكريين، ناهيك عن انتشار فوضى عارمة ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني المدعوم من تركيا.