التطبيع التركي السوري يصل إلى طريق حلب اللاذقية… فما دور الفصائل المعارضة؟

ادلب ـ ليث العبدلله

ملف التطبيع الذي بدأت فيه أنقرة وحكومة دمشق بجهود ورعاية روسية، شغل القنوات التلفزيونية والوكالات الإعلامية على مدار الساعة، إذ يستحيل أن تمر بضعة ساعات إلا ونشاهد تصريحات عاجلة على الشاشات بما يخص موضوع التطبيع والتقارب بين النظامين، وعلى الرغم من كثافة تلك التصريحات لم تتمحور مخرجات اللقاءات التي تجري بالسر والعلن بين وزراء الدفاع ورؤساء أجهزة الاستخبارات حتى الآن، وما زالت غامضة أيضاً بسبب الاتفاقيات الثنائية الهشة التي كان آخرها السعي لفتح وتشغيل طريق حلب – اللاذقية أو ما يعرف بـ” m4″ تحت حماية وإدارة ثلاثية مشتركة بين تركية – روسية – سوريا، بحسب ما صرحت به مصادر الدول على وسائل الإعلام.

ومن الواضح أن لقاء وزير الخارجية التركي بنظيره الأميركي الذي جرى بالعاصمة واشنطن في 17 يناير / كانون الثاني الجاري، أفشل معظم الاتفاقيات السابقة والمآرب التي تسعى لها روسيا بعد جمع الرئيسين التركي والسوري ببعضهما، لتبدء موسكو بالبحث من جديد عن فجوة جديدة تستطيع خلالها تحصيل أي مكاسب من تركيا لصالح النظام السوري، حيث أعادت إلى الطاولة ملف اتفاقية خفض التصعيد الذي تم تعليق العمل عليه منذ حوالي ثلاثة سنوات بعد أن أفشلته بعض فصائل المعارضة من خلال اعتراض الجنود والعربات الروسية قرب مدينة أريحا بإدلب، علماً أن الملف يشمل فتح طريق الـ m4 بعد تسيير دوريات روسية تركية مشتركة على طول الطريق لتأمينه، إضافة لإقامة منطقة آمنة على جانبيه وسحب كافة الفصائل المعارضة المتواجدة في أرياف إدلب الجنوبية وحماة واللاذقية الشمالية مع عتادها العسكري إلى شمال الطريق الآنف الذكر بمسافة لا تقل عن عشرة كيلو مترات إلى جانب عدة بنود أخرى.

أنقرة توافق على طلب موسكو
نقلت جريدة “الأخبار اللبنانية” المقربة من حكومة دمشق والمليشيات اللبنانية والإيرانية عن مصادرها، أن تركيا وافقت على طلب روسيا الذي ينص على فتح طريق حلب – اللاذقية، وأن القوات التركية المتواجدة في إدلب بدأت عمليات التحضير تمهيداً لفتح الطريق في الأيام المقبلة، وأن أنقرة أبلغت هيئة تحرير الشام “جبهة النصرة” المسيطرة عسكرياً وأمنياً على شمال غرب سوريا، بضرورة الاستعداد لتشغيل الطريق بإشراف من الدول الثلاثة “سوريا وتركيا وروسيا”، عبر الآلية التي كانت قد اقترحتها خلال الاجتماعات السابقة مع دمشق وموسكو.

وقالت الجريدة نقلاً عن مصادرها؛ إن تركيا تريد في المرحلة الأولى اختبار التعاون الثلاثي من دون تسليم كامل للطريق، على أن يتم تسليمه والانسحاب التدريجي منه بعد حل الملفات العالقة عبر مسارات حل سياسية تضمن للأخيرة عدم الانزلاق إلى معارك تؤدي إلى حركات نزوح جديدة نحوها.

وكشفت مصادر الجريدة، أن اجتماعين عقدا الأسبوع الفائت بين مسؤولين أتراك وقيادات من هيئة تحرير الشام تناولا فيهما مسألة تأمين النقاط التركية وعدم الاقتراب منها “كما حدث قبل شهر من اقتحام مئات المتظاهرين المدنيين لبعض النقاط العسكرية والأمنية التركية بريفي حلب وإدلب وكتابة عبارات مناوئة على خلفية التقارب التركي مع نظام الأسد”، إلى جانب الحديث بما يخص الـ m4.

هيئة تحرير الشام “جبهة النصرة” تنفي
نفى المكتب الإعلامي المخول والمسؤول عن التصريحات بما يتعلق بتحرير الشام “جبهة النصرة” على كافة الأصعدة، خلال تصريح لمنصة “تارجيت” الإعلامية جاء فيه، أن ما تناقلته وسائل إعلام النظام وغيرها من الوسائل الإعلامية حول افتتاح طريق الـ m4 بموافقة تحرير الشام أو غيرها من الفصائل المعارضة المتواجدة في إدلب عارية عن الصحة ولا علم لهم بذلك، مؤكداً أنهم سمعوا ذلك عبر وسائل الإعلام فقط.

في سياق متصل، نفى العقيد مصطفى بكور وهو المتحدث الرسمي بإسم جيش العزة “أحد فصائل المعارضة العاملة في ريفي إدلب وحماة” كافة الأنباء التي تحدثت وتتحدث عن إيعاز تركي للفصائل بالاستعداد لفتح طريق حلب – اللاذقية بهدف تشغيله بإشراف ثلاثي مع روسيا والنظام السوري، موضحاً أنه لا يوجد على الأرض ما يشير لذلك حتى الآن.

كما تواصلت منصة “تارجيت” مع المكتب الإعلامي في فيلق الشام المقرب من تركيا والمرافق الأول لقواتها المنتشرة شمال غرب سوريا للحصول على آخر المستجدات بما يتعلق في الموضوع ذاته “بحكم أن عناصره ستكون إلى جانب القوات التركية في حال فتح الطريق كما حدث قبل ثلاثة سنوات”، إلا أن المنصة لم تتلقى رداً منه حتى تاريخ نشر التقرير.

وكان الرئيسان رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين قد اتفقا مطلع مارس / آذار 2020 على تسيير دوريات مشتركة على طول طريق حلب – اللاذقية ضمن اتفاق وقف إطلاق النار في مناطق خفض التصعيد بإدلب إلى جانب عدة اتفاقيات أخرى، إلا أن تلك الدوريات هوجمت عدة مرات بالألغام الأرضية والأسلحة المتوسطة من قبل فصائل معارضة خلال مسير الدوريات على الطريق “كان آخرها اندلاع اشتباكات عنيفة بين هيئة تحرير الشام والجيش التركي على أطراف مدينة أريحا وبلدة النيرب”، عُلق على إثرها تطبيق بنود الاتفاق حتى إشعار آخر بموافقة تركية روسية، لتقدم موسكو مجدداً على فتح الملف ذاته بغية تنفيذ بنوده وتحصيل بعض المكاسب من تركيا لصالح حكومة دمشق.

وتسيطر فصائل المعارضة المتواجدة في إدلب وأرياف اللاذقية وحلب وحماة على نحو 124 كيلو متراً من أوتستراد حلب اللاذقية تمتد من بلدة بداما أقصى غرب محافظة إدلب وصولاً بلدة النيرب الوقعة بمحيط مدينة سراقب مروراً بمدينتي جسر الشغور وأريحا التي شهدت في العام الأخير عودة ألاف العائلات إليهما بعد الهدوء النسبي الذي شهدته المنطقة بشكل عام.

قد يعجبك ايضا