إدلب -أحمد عبد الرحمن
مسار التطبيع الوعر بين دمشق وأنقرة يزداد وعورة بالمواقف الدولية المناهضة لهذا التطبيع من جهة، والسقف المرتفع للمطالب والشروط من الطرفين من جهة أخرى. رغم اللهاث التركي لاجراء لقاء قمة يجمع الأسد وأردوغان برعاية بوتين. هذا و كشفت مصادر سياسية وعسكرية من المعارضة السورية في تصريحات لمنصة “تارجيت” الإعلامية، عن فشل مسار تطبيع العلاقات والتقارب بين أنقرة وحكومة دمشق بعد زيارة وزير الخارجية التركية جاويش أوغلو إلى واشنطن في 17 يناير / كانون الثاني الجاري، وذلك بعد أن كرست كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي جهودهما لإفشال ذاك التطبيع، وسط تجديد الأخيرة لاءاتها الثلاثة “لا للتطبيع، لا لإعادة الإعمار، لا لرفع العقوبات” ما لم يشارك النظام بشكل فعال في الحل السياسي.
موقف أميركا من التطبيع وصفقة الطائرات
يقول الناشط السياسي ريان الأحمد “خريج علوم سياسية ومدير مركز أطباء عبر القارات بشمال غرب سوريا” في تصريحات لمنصة “تارجيت”، إن “واشنطن منزعجة ورافضة لكل أشكال التطبيع الذي تسعى له “أنقرة” للتقارب مع “حكومة دمشق” وأن موقفها ثابت ولن يتغير حيال ذلك”، مستنداً في تصريحه على تحريك الولايات المتحدة أدواتها في الشرق الأوسط على رأسهم مصر والسعودية لتأييد قرارها.
وأضاف الأحمد؛ أن “الولايات المتحدة تحاول تقديم إغراءات مادية ومعنوية وسياسية لتعطيل عملية التطبيع، وأن تركيا ستنحرف عن تلك العملية فور حصولها على أي شكل من أشكال الدعم، لافتاً إلى أنها ما أقدمت على هذه الخطوة وصعدت من تصريحاتها إلا للفت الأنظار اليها من الجانبين الأمريكي والأوروبي قُبيل ذهاب وزير الخارجية التركية إلى واشنطن لبحث عدة ملفات خلافية شائكة على رأسها الملف السوري، بهدف تحصيل وتحقيق بعض مآربها طبعاً، ناهيك عن موضوع الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقدمة عليه تركيا منتصف العام الحالي”.
ويرى السياسي ريان الأحمد أن صفقة طائرات “اف16” مقرونة بموافقة تركيا على انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو، وعدم التوسع في ملف التطبيع مع حكومة دمشق، الذي استخدمته أنقرة كورقة ضغط على الولايات المتحدة للسماح لها بانشاء حزام أمان على طول حدودها الجنوبية وبعمق 32 كم داخل الأراضي السورية.
وكان وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو قد إلتقى، الثلاثاء الفائت، بنظيره الأميركي أنتوني بلينكن في العاصمة واشنطن في إطار الاجتماع الوزاري الثاني للآلية الإستراتيجية بين البلدين، حيث شملت المحادثات توسيع عضوية حلف شمال الأطلسي “الناتو” وكذلك صفقة بيع تركيا مقاتلات اف16 إلى جانب مناقشة العديد من القضايا الخلافية بين الدولتين من ضمنها سوريا.
وأكد الجانبان في بيان أميركي تركي مشترك؛ الالتزام بعملية سياسية في سوريا وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254، مع الحفاظ على التنسيق في محاربة الإرهاب وبقاء قنوات الاتصال مفتوحة، وأنه تم مناقشة تنفيذ المذكرة التي وقعتها كل من فنلندا والسويد وتركيا للمضي قدماً في طلب الانضمام للناتو، كما أبدى الجانبان دعمهما لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها وإيجاد حل لإنهاء الحرب فيها، إضافة إلى تعزيز الشراكة الدفاعية بما في ذلك تحديث أسطول طائرات إف-16 التركي.
مكاسب موسكو من التقارب التركي السوري
يبدو أن تطورات الحرب الروسية الأوكرانية والأدوار التي لعبتها فيها تركيا، والعملية البرية التي لوحت بها أنقرة في شمال وشرق سوريا ولاقت معارضة من روسيا والولايات المتحدة، واقتراب موعد الانتخابات التركية من جانب آخر، دفع الوسيطة روسيا إلى تكريس كافة جهودها في إعادة العلاقات بين دمشق وأنقرة لتخفف أعبائها في الملف السوري وتتفرغ أكثر للحرب في أوكرانيا من جهة، وتوسيع الهوة بين تركيا والولايات المتحدة من جهة أخرى.
وفي هذا الصدد قال العقيد الطيار مصطفى بكور لمنصة “تارجيت”: “إن تطبيع العلاقات الذي تسعى له موسكو بين تركيا ونظام الأسد يعيد للأخير بعض الشرعية الدولية التي فقدها بسبب المجازر التي ارتكبها بحق السوريين، وقد يدفع الدول العربية إلى إعادة العلاقات مع نظام الأسد وبالتالي الضغط على المجتمع الدولي لصرف أموال إعادة الأعمار التي ستذهب بأكملها إلى الشركات الروسية وتنمية اقتصادها، لافتاً إلى أن ما تم ذكره لن يتحقق لأن كل البوادر تشير إلى فشل مسار التطبيع بين “أنقرة” و “حكومة دمشق” بعد الزيارة الأخيرة التي أجراها وزير الخارجية التركي إلى واشنطن”.
وعلى هامش الاجتماع الذي جمع وزراء خارجية تركيا والولايات المتحدة الأميركية في واشنطن، إلتقى جاويش أوغلو بممثلين عن الجالية السورية ومنظمات أميركية قبل اختتام زيارته إلى الولايات المتحدة، وأكد لهم أن بلاده تدعم العملية السياسية وفق قرار مجلس الأمن الدولي 2254.
كما أعلن قادة الجالية خلال اللقاء مع الوزير التركي عن رفضهم وبشدة لعملية التطبيع مع نظام الأسد، وطالبت أوغلو بتذكر الفظائع التي ارتكبها النظام السوري بحق شعبه، ودوره في رعاية وتمكين الإرهاب قبل بحث أي مصالحة معه.