القامشلي ـ علي عمر
تقول تقارير غربية إن تركيا لا تدخر جهداً ولا تفوت فرصة لابتزاز الغرب من أجل الحصول على مكاسب سياسية ومادية، فبعد أن استخدمت ورقة اللاجئين السوريين لسنوات من أجل تحصيل مكاسب من الدول الأوروبية، وجدت في تقديم فنلندا والسويد طلباً للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو”، فرصةً جديدة للمكسب، سيما أن قوانين الحلف تشترط موافقة جميع الدول الأعضاء على انضمام أي عضو جديد، حيث سارعت لوضع مجموعة من الشروط من أجل الموافقة على انضمامهما، على رأسها تسليم معارضين للسلطات التركية متواجدين في البلدين.
الأزمة بين السويد وفنلندا من جهة وتركيا من جهة أخرى تصاعدت مؤخراً، بعد تعليق مجموعة ناشطة دمية على شكل الرئيس التركي رجب أردوغان من قدميها في العاصمة السويدية ستوكهولم، في تذكير بمصير الزعيم “الفاشي” موسوليني، في تعبير عن الامتعاض من استمرار معارضة أنقرة ووضعها العراقيل ومحاولتها الحصول على مزيد من المكاسب من أجل السماح بانضمام السويد وفنلندا للناتو والمطالبة بتسليم معارضين، الأمر الذي قابلته تركيا باستدعاء السفير السويدي وتقديم مذكرة احتجاج رسمية بشأن الحادثة، كما ألغت زيارات مقررة لوزير الدفاع السويدي بال جونسون ورئيس البرلمان إلى أنقرة على خلفية السماح بتنظيم تظاهرة أمام السفارة التركية في ستوكهولم تندد بممارسات تركيا، في حين قال فؤاد أقطاي نائب الرئيس التركي في تصريحات لقناة تلفزيونية تركية، إنه لا يمكن إعطاء الضوء الأخضر لانضمام السويد لحلف شمال الأطلسي “الناتو”، بينما أفادت صحيفة “أفتونبليدت” السويدية، أن القضاء السويدي قرر عدم فتح تحقيق برفع دمية على شكل أردوغان، مؤكدةً أنه ليس في الحادثة ما يخالف القانون أو يعتبر عملاً تشهيرياً.
توتر يلقي بظلاله على مفاوضات انضمام ستوكهولم للناتو، ويجعل أنقرة تضع العصي في العجلات مجدداً، وتستغل الحادثة لتحصيل المزيد من المكاسب السياسية والمادية ووضع مزيد من المطالب على الطاولة، والتي تقول صحيفة “أفتنبوستن” النرويجية في تقرير لها، إن أردوغان يذهب بها بعيداً ويفرض حصاراً على فنلندا والسويد، التي طالبتها الصحيفة بضرورة “عدم الانحناء” لتركيا والموافقة على تسليمها معارضين، مؤكدةً خضوع المحاكم التركية لإرادة أردوغان، وبالتالي ستصدر أحكام إدانة بحقهم تتوافق مع رغبات السلطات.
التقرير، أضاف أن السلطات التركية تنتهك القوانين الأساسية لحلف الناتو وحقوق الإنسان، الأمر الذي يجعل من الضروري على السويد التروي قبل الموافقة على تسليمها مطلوبين، لأنهم قد يواجهون مصيراً مجهولاً وتصدر بحقهم أحكاماً جائرة كون القضاء خاضع لسلطة أردوغان، وذلك بعد أن أعلنت فنلندا في أيلول/ سبتمبر الماضي، أنها رفضت طلب تركيا بإعادة النظر في ستّة طلبات لتسليمها معارضين متواجدين على الأراضي الفنلندية، وقالت المستشارة في مجلس الوزراء الفنلندي لوكالة فرانس برس، إن قرار رفض تسليم تركيا ستة مطلوبين نهائي وليس فيه رجعة، حيث كان هذا أحد مطالب أنقرة للموافقة على انضمام البلدين لـ”الناتو”.
الكاتب والمحلل السياسي سامر خليوي، قال في تصريحات لمنصة تارجيت، إن تركيا اشترطت على السويد وفنلندا تسليم بعض المطلوبين لها ورفع الحظر عن بيعها السلاح ومطالب أخرى مقابل السماح بانضمامهما للناتو، وتعهدت الدولتان بتنفيذها، لكن الذي حصل أن المحكمة في السويد لم تجيز تسليم مطلوبين لأنقرة، حيث لا تستطيع السلطات في السويد وفنلندا أو أي دولة أوروبية التدخل في عمل القضاء ثم جاءت حادثة تعليق دمية على شكل أردوغان في ستوكهولم لتزيد التوتر بين تركيا والدولتين.
غالبية السويديين يؤيدون عدم تقديم تنازلات لتركيا
بدوره، قال رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون قبل أيام، إن تركيا التي تعرقل منذ أيار/ مايو الماضي انضمام السويد وفنلندا لحلف الناتو دفعت بمطالب لا تستطيع السويد تنفيذها ولا يمكنها قبولها، في حين كشف استطلاع حديث للرأي أجرته صحيفة “داغنز نيوهيتر” السويدية، تأييد الناخبين في البلاد لحكومتهم فيما يتعلق بالامتناع عن تقديم تنازلات بمبادئها القانونية للحصول على موافقة تركيا على طلب انضمامها لحلف شمال الأطلسي، وقال 79 بالمائة من المشاركين، إنه يتعين على السويد مواصلة الالتزام بقوانينها في مواجهة المطالب التركية حتى لو كان ذلك على حساب تأخير انضمامها للناتو.
وبحسب الكاتب والمحلل السياسي سامر خليوي، فإن تركيا تستطيع أن تمنع انضمام فنلندا والسويد للناتو لوقت معين من أجل تحصيل بعض التنازلات من تلك الدول ولكن لا تستطيع أن تقف بوجه دول حلف الناتو باستمرار رفضها انضمام الدولتين للحلف، لأنها تعلم أن رفضها المطلق سيجلب لها الكثير من المشاكل السياسية والاقتصادية وأنها لا تستطيع أن تجابه كل دول “الناتو”، لذلك هي تناور بمجال محدود لتحقيق بعض المصالح.
صفقة “إف16” مقابل الموافقة على انضمام السويد وفنلندا للناتو
طائرات “إف16” الأمريكية، قد تكون أحد المكاسب التي تحققها تركيا من وراء ابتزاز الغرب للموافقة على انضمام السويد وفنلندا لـ”الناتو”، حيث نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، عن مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى، أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، أخطرت الكونغرس بأنها تعد لصفقة محتملة لبيع مقاتلات “إف16” لتركيا، مشيرةً إلى أن الصفقة تشمل أيضاً أكثر من تسعمئة صاروخ جو – جو وثمانمئة قنبلة بقيمة تصل إلى عشرين مليار دولار، لكن بشرط موافقة تركيا على انضمام السويد وفنلندا لحلف “الناتو”.
“وول ستريت جورنال”، قالت إن الخارجية الأمريكية أرسلت الإخطار للكونغرس لتبدأ مرحلة المراجعة المتدرجة المتمثلة بإبلاغ اللجان العليا التي تشرف على مبيعات الأسلحة في مجلسي الشيوخ والنواب بالنية في المضي قدماً بالصفقة، وذلك قبيل زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى واشنطن وإجراء محادثات مع مسؤولين أمريكيين تأتي على وقع مشكلات كبيرة بين الطرفين خاصة الأزمة السورية وصفقات الأسلحة التي تصطدم بمعارضة نواب بارزين في مجلس الشيوخ أبرزهم رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس السيناتور الديمقراطي بوب مينينديز، الذي أعلن رفضه بيع طائرات “إف16” لتركيا بسبب ما قال إنه استمرار أردوغان بتجاهل حقوق الإنسان والمعايير الديمقراطية والانخراط في سلوك مزعزع للاستقرار ومناوئ لدول مجاورة.