قبل ساعات صوت مجلس الأمن الدولي بالإجماع على مشروع قرار يقضي بتمديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى شمال غرب سوريا عبر معبر مع تركيا ستة أشهر إضافية، وأبقى على معبر تل كوجر “اليعربية” الحدودي بين العراق وشمال شرق سوريا مغلقاً، والذي تم إغلاقه إلى جانب معبرين آخرين مع كل من الأردن وتركيا بـ”فيتو” روسي صيني مشترك ضد مشروع قرار غربي يطالب بتمديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود لملايين المدنيين، في تموز/ يوليو ألفين وعشرين، وذلك رغم توجيه الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا رسالةً للأمم المتحدة وأمينها العام أنطونيو غوتيرش قبل جلسة مجلس الأمن تطالب فيها بإعادة فتح المعبر لإدخال المساعدات لملايين المدنيين في المنطقة.
نحو عامين ونصف العام مرت منذ أن صوت أعضاء مجلس الأمن على إغلاق معبر تل كوجر “اليعربية”، والذي نتج عنه انقطاع المساعدات الإنسانية التي كانت تدخل عبر المعبر إلى ملايين المدنيين في شمال وشرق سوريا بينهم نازحون من مناطق سورية أخرى ولاجئون عراقيون إضافةً إلى المهجرين من مناطق عفرين وسري كانيه “رأس العين” وكري سبي “تل أبيض” بعد احتلالها من قبل تركيا، ما ينذر بمخاطر تهدد حياة هؤلاء لاسيما في ظل الحرب وتوالي سنوات الجفاف وشح مصادر الدخل، وسط مطالبات متكررة من الأهالي والإدارة الذاتية للأمم المتحدة لتحمل مسؤولياتها الإنسانية وإعادة فتح المعبر.
الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، قالت في رسالتها الموجهة للأمم المتحدة قبل تصويت مجلس الأمن لصالح تمديد إدخال المساعدات إلى مناطق شمال غرب سوريا، إن استمرار إغلاق معبر تل كوجر “اليعربية” الحدودي، يمثل إجحافاً بحق ملايين المدنيين في المنطقة هم بحاجة لمساعدات إنسانية مستمرة، ويتعارض مع جميع القوانين والمواثيق الأممية، مشيرةً إلى أن هناك أطرافاً تعمل على تسييس الوضع الإنساني في سوريا وتمارس الابتزاز السياسي عبر الملف الإنساني، خاصة في ظل الحصار المفروض على مناطق شمال وشرق سوريا.
وأكدت الإدارة الذاتية، في رسالتها أن تدهور الوضع الإنساني في مناطق شمال وشرق سوريا جراء استمرار إغلاق معبر تل كوجر “اليعربية”، يضعف قدرة التركيز على التوافق السياسي السوري والحوار الوطني ومواجهة التنظيمات الإرهابية التي مازالت تهدد المنطقة، الأمر الذي يتطلب التدارك على وجه السرعة من أجل السير على خط الحل النهائي للأزمة، لافتةً إلى أن خمسة عشر مخيماً في شمال وشرق سوريا تأوي عشرات آلاف المهجرين، ونحو مليون نازح من مناطق سورية أخرى يواجهون مخاطر إنسانية كبيرة جراء إغلاق المعبر، خاصةً وأن المساعدات التي يتم فرضها عن طريق حكومة دمشق لا تصل بالشكل الصحيح ويتم استغلالها لأغراض سياسية.
ومنذ ألفين وعشرين وبموازاة استمرار إغلاق معبر تل كوجر صوت مجلس الأمن الدولي عدة مرات على مشاريع قوانين تمدد آلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى شمال غرب سوريا، التي تسيطر عليها إلى جانب فصائل معارضة “جبهة النصرة” التي تصنف كمنظمة إرهابية على قوائم الدول الغربية وروسيا التي يقول محللون إنها تريد من وراء استمرار التصويت ضد السماح بإدخال المساعدات الإنسانية من المعابر الخارجة عن سيطرة حكومة دمشق، محاولة تعويم هذه الحكومة سياسياً بعد استعادة قواتها السيطرة على مناطق سورية عديدة بموجب ما تعرف بـ”التسويات” التي رعتها روسيا نفسها، كما أن تقارير حقوقية تؤكد أن “النصرة” تتحكم في تلك المساعدات وتستغلها لصالحها، ما يثير التساؤلات حول آلية التعاطي الأممي مع الملف الإنساني في سوريا، ويسلط الضوء على التقارير التي تتحدث عن خضوع هذا الملف لاعتبارات سياسية تخدم بالدرجة الأولى الأطراف المتحكمة بالقضية السورية، مخضعة إياه للمساومات من أجل الحصول على مكاسب سياسية وأخرى تتعلق بمناطق النفوذ.