تصاعد الهجمات ضد قواعد واشنطن بسوريا والعراق واستعداد أمريكي لجميع السيناريوهات

بالتزامن مع التصعيد الحاصل بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، والقصف والمتبادل على الحدود بين إسرائيل ولبنان والمخاوف من تطور الأمور إلى صراع إقليمي واسع، تتعرض القواعد الأمريكية في كل من سوريا والعراق لهجمات بالطائرات المسيرة والصواريخ تعلن فصائل تابعة لإيران مسؤوليتها عنها.

آخر تلك الهجمات كان تعرض قاعدة التنف جنوب شرقي سوريا على المثلث الحدودي السوري العراقي الأردني التي تضم قوات أمريكية لهجوم بعدة طائرات مسيرة، تزامناً مع تعرض حقلي “كونيكو” للغاز والعمر النفطي بريف دير الزور الشرقي وقاعدة التحالف في منطقة الشدادي جنوبي الحسكة لهجمات صاروخية، دون تسجيل خسائر بشرية أو أضرار.

 

فصائل تابعة لإيران

القيادة المركزية الأمريكية أعلنت من جانبها في الثالث والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، أن القوات الأمريكية دمرت طائرتين من دون طيار حاولتا استهداف قاعدة للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي في قاعدة التنف جنوب شرقي سوريا، دون أن تذكر الجهة المنفذة للهجوم، إلا أن بيان صادر عما تعرف بـ”المقاومة الإسلامية بالعراق” قال إن كتائب تتبع لها استهدفت بطائرات من دون طيار قاعدتي حقل العمر والشدادي اللتين تضمان قوات أمريكية شرقي سوريا، وذلك بعد ساعات على إعلان “حزب الله” العراقي الموالي لإيران استهداف قاعدة التنف على المثلث الحدودي السوري العراقي الأردني.

وسبق ذلك هجومين بطائرات مسيرة ورشقات صاروخية على قاعدة “عين الأسد” الجوية التي تضم قوات للتحالف الدولي لمحاربة داعش في محافظة الأنبار غربي العراق، وهجوم صاروخي على قاعدة أمريكية قرب أربيل عاصمة إقليم كردستان، ما دفع رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، لإصدار أوامر للقوات الأمنية العراقية بملاحقة العناصر التي تستهدف قواعد القوات الأجنبية بالبلاد.

 

خطط أمريكية لإجلاء الرعايا

ووسط تصاعد الهجمات ضد القوات الأمريكية بالمنطقة، نقلت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية عن أربعة مسؤولين مطلعين على تخطيط الطوارئ للحكومة الأمريكية، أن إدارة الرئيس جو بايدن تستعد لاحتمالية اللجوء لإجلاء آلاف المواطنين الأمريكيين من منطقة الشرق الأوسط، في حال استمرار الحرب في غزة وتوسع نطاق الصراع، مشيرين إلى أن هناك نحو 600 ألف أمريكي يعيشون في إسرائيل ونحو 86 ألفاً آخرين في لبنان وفقاً لتقديرات وزارة الخارجية، ما يثير القلق بشأن احتمالية تعرضهم للمخاطر، رغم تأكيد المسؤولين أن عملية إجلاء بهذا الحجم تعتبر من أسوأ السيناريوهات التي يتم اللجوء إليها.

 

وبحسب المسؤولين الأمريكيين، فإن إدارة بايدن تشعر بقلق شديد من احتمالية اتساع رقعة الصراع الدائر في قطاع غزة ليشمل مناطق أخرى في الشرق الأوسط، ما دفعها لتحويل انتباهها مؤخراً بشكل جزئي إلى الخدمات اللوجستية المعقدة بما في ذلك الاضطرار لإجلاء سريع لعدد كبير من الأشخاص، وذلك على الرغم من دعمها العلني لإسرائيل عسكرياً وسياسياً.

 

محاولة من إيران لتأكيد وجودها

الباحث في العلاقات الدولية محمد ربيع الديهي، قال في تصريحات لمنصة تارجيت الإعلامية: “إن تكرار استهداف القواعد الأمريكية من قبل إيران ربما يأتي في إطار ردود فعل طهران أو محاولة من قبل الأخيرة للتأكيد على وجودها في المنطقة وتحديداً في العراق وسوريا، والتأكيد على إمكانية الرد على الولايات المتحدة إذا كان هناك استهداف أو تهديد للميليشيات أو العناصر التابعة لها، مشيراً إلى أنه لا يمكن القول أنها محاولة من إيران لحفظ ماء الوجه لعدم انخراطها بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي ولكنها محاولة للتأكيد على أنه في حال التصعيد من قبل إسرائيل تجاه لبنان، ستستهدف القواعد الأمريكية وأماكن التواجد الأمريكي”.

ويضيف الديهي، أن دعوة أمريكا لرعاياها بعدم السفر للعراق والتفكير في خطط الإجلاء حال التصعيد، تأتي في إطار المخاوف من تصاعد الأحداث في منطقة الشرق الأوسط وخاصةً في ظل ما تقوم به إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني وانتهاك سيادة الدولة الفلسطينية وقواعد القانون الدولي الإنساني، في ظل دعم ومساندة أمريكية واضحة لها، ووجود الرعايا الأمريكيين في الشرق الأوسط يعني إمكانية استهدافهم”.

 

رد على الدعم الأمريكي لإسرائيل

ومن جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي ومدير مكتب جريدة الزمان الدولية في لندن مصطفى عمارة، “إن الاستهدافات للقواعد الأمريكية في المنطقة هو يأتي رداً على الدعم اللامحدود من قبل الولايات المتحدة لإسرائيل في هجومها على غزة وعلى سوريا والذي تمثل مؤخراً بضرب متكرر لمطاري دمشق وحلب وإخراجهما عن الخدمة بزعم وقف دعم إيران لحزب الله اللبناني وحركة حماس، وعليه فإن الاستهدافات رسالة موجهة للولايات المتحدة بأن استمرار دعمها لإسرائيل سيقابل برد ليس فقط سياسياً”.

ويشير عمارة في تصريحات لمنصة تارجيت، إلى أن دعوة الولايات المتحدة لرعاياها بعدم السفر لبعض مناطق الشرق الأوسط وخاصةً العراق، هو لخشيتها من تعرض هؤلاء الرعايا لهجمات من قبل الشعب في تلك الدول، مشيراً إلى أن الرعايا الأمريكيين في كل مكان سيكونون خلال المرحلة المقبلة مستهدفين في حال استمرار الدعم لإسرائيل، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن الرد الإيراني على الهجمات الإسرائيلية بغزة والدعم الأمريكي لها سيكون محدوداً لأن إيران لا تريد مواجهة شاملة مع الولايات المتحدة لأن اتساع نطاق الحرب ليس في مصلحة أحد ففي حال خسارة واشنطن لجنود بالمنطقة فإن المنطقة ستتعرض لتدمير وانتقام من قبلها، لذلك تعتبر طهران أنه من الحكمة تحريك حلفائها للقيام بعمليات محدودة ضد المصالح الأمريكية كنوع من التحذير من التوسع والتدخل بشكل مباشر بالحرب في غزة”.

وينظر إلى تصاعد الهجمات من قبل الفصائل التابعة لإيران ضد القوات الأمريكية في سوريا بحسب محللين، على أنه محاولة من قبل طهران لحفظ ماء وجهها لعدم انخراطها إلى جانب حزب الله بالحرب بين إسرائيل وحركة حماس على اعتبار رفعها شعار “المقاومة” ضد إسرائيل واستمرار تمسكها بهذه السردية لمواصلة إرسال الأسلحة إلى العراق وسوريا ولبنان وفرض هيمنتها في عدة مناطق، إلى جانب هدف تحويل سوريا إلى ساحة أساسية للصراع للحفاظ على وضع حزب الله اللبناني والفصائل الموالية لها بالعراق كما هو دون انخراط الحزب في مواجهات مباشرة تقود إلى إضعافه وعرقلة خطط المشروع الإيراني الأكبر باعتباره رأس الحربة في هذا المشروع.

قد يعجبك ايضا