شن رئيس النظام السوري بشار الأسد هجوماً على تركيا والجامعة العربية، خلال لقاء تلفزيوني مع قناة “سكاي نيوز عربية” يوم الأربعاء، ألقى خلاله باللوم على جهات وأطراف خارجية بالمسؤولية عن الأوضاع التي وصلت إليها البلاد، وتحدث خلاله أيضاً عن “تأييد غالبية” السوريين له وهو الأمر الذي أدى لبقائه في السلطة حتى الآن.
رئيس النظام السوري قال خلال المقابلة، إن الإرهاب في سوريا صناعة تركية، مشيراً إلى أنه لن يجلس مع الرئيس التركي رجب أردوغان تحت شروط الأخير الذي قال إنه هدفه من ذلك هو شرعنة الاحتلال التركي في سوريا، معتبراً أن التحدي الأبرز أمام عودة اللاجئين السوريين هو البنية التحتية التي دمرها الإرهاب، وأنه كان يمكن تفادي الحرب لو “تم الخضوع” للمطالب التي كانت تفرض على حكومة دمشق في مختلف المجالات، كما أنه لم يتخل عن السلطة لأن هذا مطلب خارجي.
بشار الأسد، انتقد أيضاً الجامعة العربية، وقال إنها لم تتحول إلى مؤسسة بالمعنى الحقيقي، معرباً عن أمله في أن يتمكن العرب من “بناء مؤسسات قادرة على تطوير العلاقات العربية – العربية”.
قفل الأبواب أمام التطبيع العربي والتركي
الأكاديمي السوري المعارض الدكتور يحيى العريضي، قال في تصريحات لمنصة تارجيت الإعلامية: “إنه كي تبقى منظومة الاستبداد الأسدية منسجمة مع سرديتها المنفصلة عن الواقع وكي تستمر بالمكابرة وتشويه حقيقة القضية السورية، كانت مقابلة رئيس النظام بشار الأسد يوم الأربعاء التي أقفلت كل الأبواب راميةً المفاتيح في وجه أصحابها”.
وأضاف الدكتور العريضي، “أنه خلال المقابلة أقفل الأبواب أمام الداخل بإبقائه في حالة ضياع يواجه مصيره بيده، كما أقفل الأبواب في وجه التطبيع العربي والتركي بالهجوم والتقريع ورمي المسؤولية عليهم حتى بالإرهاب وتجارة المخدرات”.
ومن جانبه، يقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي نمرود سليمان في تصريحات لمنصة تارجيت الإعلامية: “إن خطاب رئيس النظام السوري لا يلامس الواقع ولا يرى الحلول وكأن الشعب السوري يعيش ترف أمني وغذائي ولا ينقصه شيء، وكأنه معلم يشرح درساً لتلاميذه، حيث قال إنه لا يوجد علاقات عربية لها معنى ومضمون والجامعة العربية ليست مؤسسة بل ظاهرة شكلية، والمعارضة هي معارضة الداخل فقط أما معارضة الخارج فهم عملاء، وأن الإرهاب هو من دمر البلاد لذلك فاللاجئون لن يعودوا”.
تصريحات رئيس النظام السوري، سبقها تجديد تركيا رفضها مطالب دمشق بإنهاء الاحتلال التركي للأراضي السورية كشرط مسبق لاستكمال مسار التطبيع، وفق ما كشفت وسائل إعلام مقربة من الحكومة التركية، قالت إن الأخيرة تعتبر هذه المطالب غير منطقية وخطاً أحمر غير قابل للتفاوض، مشيرةً إلى أن هذا ما تحاول أنقرة إبلاغه للرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته المرتقبة إلى تركيا خلال هذا الشهر، والتي سيكون الملف السوري على رأس أجنداتها.
وبحسب وسائل الإعلام التركية، فإن الحكومة التركية تهدف لترحيل مليون لاجئ سوري إلى المناطق المحتلة بالشمال السوري، ومحاولة إنجاز هذا الملف بسرعة، وذلك بعد إعلان الرئيس التركي رجب أردوغان قبل يومين العمل على تسريع بناء المستوطنات في الشمال السوري لاستقبال اللاجئين الذين ستتم إعادتهم.
وبحسب الأكاديمي السوري المعارض الدكتور يحيى العريضي، “فإن رئيس النظام السوري أقفل حتى الرخاوة الدولية واعتبرها جزءاً من المؤامرة الكونية على سوريا، واعتبر الدكتور العريضي أن ذلك يمثل عدالة الطبيعة وصرخات وجع السوريين، التي تجعل “فرس الباغي عثور” كما يقول المثل العربي”، على حد تعبيره.
تراجع زخم التطبيع العربي
يأتي ذلك في ظل تقارير عن تراجع وتباطؤ خطوات التطبيع العربي مع حكومة دمشق منذ أسابيع، وأن من بين أسباب ذلك هو أن دولاً عربية منحت دمشق مهلةً حتى نهاية العام الجاري، لوقف تجارة وتهريب المخدرات على الحدود وتجميد بعض أنشطة إيران في سوريا، إلا أن دمشق لم تلتزم بذلك وعقدت اتفاقيات اقتصادية مع طهران عمقت التحالف بين الجانبين، على حساب التقارب مع دول عربية.
ومن بين المؤشرات على تراجع زخم وحماسة التطبيع العربي مع حكومة دمشق، ما كشفته مصادر محلية عن إيقاف السعودية لعمليات ترميم سفارتها بالعاصمة السورية دمشق منذ أيام، بعد أن كانت بدأت هذه العمليات في حزيران/ يونيو، كما أنها لم تسم سفيراً لها في سوريا، رغم تعيين عدد من السفراء الجدد في عدة دول حول العالم، حيث يربط محللون بين الموقف السعودي الجديد والتوترات الحاصلة بين الرياض وطهران بشأن ملكية حقل “الدرة” النفطي بالخليج، إلى جانب توجه السعودية نحو التمهل في المضي قدماً باستئناف العلاقات الدبلوماسية مع إيران، إلى حين تبلور الموقف الإقليمي خاصةً بعد التعزيزات العسكرية الأمريكية الكبيرة في المنطقة والحديث عن توجه واشنطن لشن عملية عسكرية ضد أذرع طهران شرقي سوريا، وهو ما قاد إلى تأجيل افتتاح السفارة السعودية في طهران.
وتقول مصادر عربية، إن التقييم الأردني لمبادرة “خطوة مقابل خطوة” مع حكومة دمشق “غير إيجابي”، على اعتبار أنها لم تتقدم أي خطوة في الملفات المطلوبة منها خاصةً محاربة تجارة وتهريب المخدرات على الحدود وضمان “العودة الآمنة” للاجئين وإطلاق سراح المعتقلين.
وكانت صحيفة الأخبار اللبنانية، أفادت في تقرير قبل أيام نقلاً عما وصفتها بمصادر سورية مطلعة، أن كل الوعود الإماراتية والسعودية بمساعدة سوريا، وتفعيل الاستثمار فيها بعدة مجالات وعلى مستويات عديدة لم تترجم على أرض الواقع، وقالت إن دمشق “لا تخفي استياءها” من عدم انعكاس الانفتاح العربي عليها وعلى أوضاع الشعب السوري المعيشية بشكل إيجابي بل أن الأزمة المعيشية تفاقمت بشكل أكبر مؤخراً، وأن السبب وراء ذلك ما أسمته بـ”العصا الأمريكية الغليظة” وتهديد الولايات المتحدة بشكل مستمر بفرض عقوبات على المطبعين مع سوريا.