أرسل 6 من أعضاء الكونجرس الأمريكي خطاباً إلى وزارة الخارجية الأمريكية يطلبون فيه من الإدارة التأكد من تضمين آليات الرقابة في أي اتفاق نهائي لبيع طائرات مقاتلة من طراز إف 16 ومجموعات تحديث لتركيا، لضمان عدم استخدام النظام التركي لهذه الطائرات ضد مصالح الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي “الناتو”، مؤكدين عدم ثقتهم في سلوكيات “أنقرة” التي وصفوها بـ”العدوانية”.
وكشف موقع “توركيش مينيت” التركي أن الرسالة قدمت إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكين، داعين إلى أن تكون هناك آليات واضحة للمساءلة يجب أن تُدرج في أي صفقة من طراز إف 16 تُبرم مع تركيا، مما يفرض تساؤلات كثيرة بشأن إمكانية إتمام تلك الصفقة، وإن كان كثيرون يرون أنها ستتم في إطار المساعي الأمريكية لكسب ود أنقرة نكاية في روسيا.
مطلوب ضمانات
وقال أعضاء الكونجرس إنه إذا كان هناك اتفاق لبيع تلك الطائرات ومجموعات التحديث لتركيا، فإننا نحث بشدة على أن أي اتفاق نهائي يجب أن يتضمن كذلك آليات تنص على إيقاف أو تأخير أو إعادة نقل هذه الأسلحة، إذا انخرطت تركيا في أعمال تهدد أو تقوض مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة ووحدة حلف الناتو”.
ودعا أعضاء الكونجرس إلى أن تحمي الضمانات المطلوبة في صفقة الطائرات الأمن القومي الأمريكي، وألا يقتصر الأمر على مسألة عضوية السويد في الناتو، إذ أكدوا أن عدوانية تركيا في المنطقة والتي تهدد الاستقرار في بحر إيجه يجب أن تتوقف ويجب أن يكون نقلا لأسلحة الجديدة بشكل مسؤول إلى أنقرة.
وقال أعضاء الكونجرس، أيضاً، إنه يجب أن تكون هناك ضمانات تحول دون استخدام الأسلحة الأمريكية لإثارة صراع داخل الناتو، ونظراً لتاريخ تركيا في استخدام طائرات إف 16 للتحليق فوق بحر إيجه وتحدي للسيادة اليونانية، فإننا نطلب آليات توفر وقفاً مؤقتاً أو تأخيرًاً أو إعادة نقل الأسلحة الأمريكية إلى تركيا، إذا استأنفت أعمالها المزعزعة للاستقرار في شرق البحر الأبيض المتوسط التي تهدد أو تقوض مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة أو بنية أمن الناتو.
موقف الإدارة الأمريكية
في هذا السياق، يقول نعمان أبوعيسى القيادي بالحزب الديمقراطي الأمريكي، في تصريحات لمنصة “تارجيت” الإعلامية، إن ادارة الرئيس بايدن تريد أن تسير قدماً في صفقة طائرات إف 16 مع تركيا، موضحاً أن مستشار الرئيس للأمن القومي جاك سوليڤان قدم موافقة الإدارة الأمريكية على الصفقة التي تتضمن 40 طائرة و80 من قطع غيار لتحديث الطائرات الموجودة في تركيا، وذلك بعد إعلان أردوغان موافقة بلاده على قبول عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي “الناتو”.
وذكر “أبوعيسى” أن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي منينديز أعلن استمرار رفضه السماح لهذه الأسلحة في الوصول إلى تركيا، فيما وافقت وزارة الخارجية وقالت إن تحديث نظام الطائرات التركية ضروري للتواصل مع قوات حلف الناتو في المنطقة.
ولفت السياسي الأمريكي إلى أن ولاية نيوجرسي الأمريكية تحوي عدداً كبيراً من الأمريكيين من أصول يونانية وهم يضغطون على ممثلهم في مجلس الشيوخ لعرقلة أو تأجيل صفقة شراء الأسلحة، في الوقت ذاته فإن الإدارة الأمريكية ستتعامل مع الأعضاء الرافضين للصفقة، ويمكنها في هذه الحالةأن تدخل بنوداً إضافية مثل منع تركيا من التحليق فوق الأراضي اليونانية.ويرى القيادي بالحزب الديمقراطي الأمريكي إن إدارة بايدن تريد لتركيا العودة إلى الجناح الغربي وإبعادها عن روسيا.
سوريا حاضرة
وقد تم إحياء الحديث عن بيع طائرات إف 16 لتركيا والتي ظلت حتى الآن في طي النسيان بسبب معارضة بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، لأن تركيا كانت تعيق محاولة السويد للانضمام إلى حلف الناتو، بعد أن أعطت تركيا الضوء الأخضر لانضمام السويد إلى الحلف عقب اجتماع بين أردوغان ورئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون والأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرج ، قبل يوم واحد من انعقاد قمة الناتو في ليتوانيا في 11 يوليو.
من جهته، أعرب محمد العالم الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن الأمريكي بواشنطن عن اعتقاده بأن مسألة طائرات إف 16 وإرسالها إلى تركيا سيكون محل نقاش أوسع الفترات القادمة، فملف الأسلحة في العموم هو ورقة ضغط هامة تستخدمها واشنطن في تعاملاتها السياسية مع أنقرة.
وأوضح أنه من الصعب وقف الصفقة بشكل كامل، لأنه ليس في صالح الولايات المتحدة فقدان علاقتها مع تركيا، لأن “أنقرة” تعتبر لاعب عالمي هام حاليا، ومؤثر كبير في الأزمة الروسية الأوكرانية بخلاف تواجدها في أماكن تهتم بها واشنطن مثل سوريا وليبيا، إضافة إلي ذلك فإن العالم حالياً يتغير وبإمكان تركيا البحث عن بديل لتوريد الأسلحة، لهذا أعتقد أنه سيكون هناك اتجاه لأخذ ضمانات كبيرة علي الجانب التركي لعدم استخدام السلاح بشكل يهدد مصالح الولايات المتحدة في العالم.
وبسؤاله عن تلك الضمانات، يقول “العالم” إنه يعتقد إن تلك الضمانات ستتمثل في اتفاقات معينة، منها على سبيل المثال منع التمدد التركي في سوريا، والذي بدأ يهدد التواجد الأمريكي نفسه هناك في ظل التواجد الإيراني الروسي كذلك، إلي جانب فكرة إعادة نظر “أنقرة” في ملف السويد وانضمامها للحلف وربما تحييد وجهة النظر التركية عن تأييد أو مساندة روسيا في ملف أوكرانيا.
كواليس الصفقة
وبعد تحول موقف تركيا فيما يتعلق بعضوية السويد في حلف شمال الأطلسي، أعرب عديد من المسؤولين الأمريكيين بمن فيهم الرئيس جو بايدن عن استعداد الإدارة الأمريكية لبيع طائرات مقاتلة من طراز إف 16 إلى تركيا، إذا حصلت على موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي.
وقد سعت تركيا في أكتوبر 2021 لشراء 40 طائرة مقاتلة من طراز إف 16 من شركة لوكهيد مارتن وحوالي 80 مجموعة تحديث لطائراتها الحربية الحالية، وقد تم الانتهاء من المحادثات الفنية بين الجانبين.
وكانت تركيا تعرقل محاولة السويد للانضمام إلى حلف الناتو، متهمة ستوكهولم بإيواء نُشطاء كُرد ومعارضين سياسيين للنظام التركي، وقد أنهت السويد وفنلندا عقوداً من الحياد وتقدمتا بطلب للانضمام إلى الناتو، رداً على الغزو الروسي لأوكرانيا، لكن أنقرة اعترضت واتهمت الدولتين بإيواء بعض المطلوبين للنظام التركي وطالبت باتخاذ خطوات.
ولاقت مطالب “أنقرة” بشأن الكُرد في السويد انتقادات كبيرة، خصوصاً ما يتعلق بتسليم بعض المطلوبين لدى النظام التركي، كما أثار هذا الأمر مخاوف كذلك لدى الكرد الذين يعيشون في السويد، إلا أن التفاهمات مع النظام التركي تأتي بالأساس في إطار تحولات دولية كبيرة تجري أفرزتها الحرب الروسية – الأوكرانية.