مسؤول أوروبي يفضح نظام أردوغان: تركيا تتراجع بشكل كامل في حقوق الإنسان وسيادة القانون

قال ناتشو سانشيز أمور، مقرر شؤون تركيا في البرلمان الأوروبي، إنه لم يتم إجراء أي تغييرات أو إصلاحات في تركيا للوفاء بشروط كوبنهاجن الخاصة بعضوية الدول في الاتحاد الأوروبي، على العكس كان هناك تراجعاً كاملاً في حقوق الإنسان وسيادة القانون، وذلك بحسب ما صرح المسؤول الأوروبي في لقاء مع شبكة “يورونيوز” الأوروبية.

وتأتي تلك التصريحات لتؤكد مساحة التباعد الواقعة بين النظام التركي والاتحاد الأوروبي، علماً أن “أردوغان” كان قد طلب تسريع عضوية بلاده في الاتحاد كأحد شروطه للموافقة على عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي “الناتو” خلال القمة التي عقدت مؤخراً في ليتوانيا، لكن يبقى ملف حقوق الإنسان عائقاً كبيراً في طريق التقدم بهذا المسار.

لا تطور في ديمقراطية تركيا

وقال “أمور” إن مفاوضات عضوية أنقرة، التي بدأت في عام 2005 ، لم تسهم في تطوير الديمقراطية في تركيا، مؤكداً أن المفاوضات كان مختلة ولم تكن فعالة في دعم الديمقراطية بتركيا ويجب البحث عن وسائل أخرى في هذا الملف.

وقد تقدمت تركيا لأول مرة لتكون عضوا في المجموعة الاقتصادية الأوروبية – التي سبقت تأسيس الاتحاد الأوروبي – في عام 1987، وأصبحت دولة مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي في عام 1999 وبدأت رسمياً مفاوضات العضوية مع الكتلة في عام 2005.

وقد توقفت المحادثات بسبب المخاوف الأوروبية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان التي جاءت في خضم حملة قمع كاسحة شنها أردوغان بعد محاولة الانقلاب المزعومة عام 2016 التي شهدت أكبر عدد من الاعتقالات في تاريخ تركيا الحديث.

لا وعود لأنقرة

وانتقد مقرر شؤون تركيا في البرلمان الأوروبي خطوة “أنقرة” لربط انضمام السويد إلى الناتو بعضوية أنقرة في الاتحاد الأوروبي قائلاً إنها كانت خطوة “غير متوقعة تماماً”، مضيفاً أنه غير ممكن ربط هذا بذاك، لأن الناتو والاتحاد الأوروبي منظمتان مختلفتان ولكل منهما شروطه الخاصة وأسبابه للحصول على العضوية.

وأوضح أن حلف الناتو يتعلق بأمور الجيوش والأمن، بينما الاتحاد الأوروبي هو ناد للدول الديمقراطية، ومن صميم العضوية بالنسبة للاتحاد الأوروبي أن تفي بمعايير كوبنهادن، مؤكداً أن تركيا تم تقييمها في العديد من التقارير، وثبت أنه لا توجد إرادة سياسية في تركيا لإدارة البلاد كديمقراطية كاملة.

وتشير معايير كوبنهاجن السياسية إلى مجموعة من المبادئ، مثل احترام حقوق الإنسان، والديمقراطية والمؤسسات التي تعمل بشكل جيد، وسيادة القانون المصونة من خلال محاكم حرة ومستقلة، والتي تعتمد عليها عضوية أي دولة في الاتحاد الأوروبي، وجميعها شروط يخل بها النظام التركي.

وعندما سئل عما إذا كان الاتحاد الأوروبي قد قدم أي وعد جديد لتركيا مقابل انضمام السويد إلى الناتو، أجاب عضو البرلمان الأوروبي بأن الدول الأوروبية تقدر تحرك أردوغان سياسياً ويسعدهم رفعه الاعتراض ضد السويد، ولكن لا يمكن المساومة في هذا السياق، لأن معايير عضوية الاتحاد الأوروبي لا علاقة لها بانضمام ستوكهولم إلى الحلف الأطلسي.

وتحدث “أمور” أيضاً عن الأسباب الكامنة وراء عدم إحراز تقدم فيما يتعلق بقضايا تحديث الاتحاد الجمركي بين الاتحاد الأوروبي وتركيا وتحرير التأشيرات، قائلاً إن ذلك يرجع إلى 6 من 72 معياراً اقترحها الاتحاد الأوروبي للسفر بدون تأشيرة والتي فشلت الحكومة التركية في معالجتها.

وأوضح أن اثنين منهم ذي صلة بنطاق مفهوم الإرهاب في قانون مكافحة الإرهاب وحماية البيانات، في حين لم يسمع بعد أن الحكومة التركية أرسلت تصوراً بشأن إصلاح قانون مكافحة الإرهاب إلى البرلمان في العام الماضي.

مستقبل عضوية “أنقرة”

وتعليقاً على تلك التصريحات، يقول محمد ربيع الديهي الباحث في العلاقات الدولية، لمنصة تارجيت الإعلامية، إن ملف حقوق الإنسان في تركيا واحد من أسوأ الوجوه للنظام التركي، فالتقارير الدولية المتواترة تؤكد أن النظام التركي يتمادى في انتهاك حقوق الإنسان بلا هوادة، وأصبحت الديمقراطية التي يتحدث عنها ديمقراطية سطحية ديكورية.

وأضاف “الديهي” أن أحداث ما عرف بالانقلاب – المتهمة فيه حركة الخدمة من قبل أردوغان – كشفت الوجه الحقيقي للنظام التركي، الذي لو قيست الأمور كما ينبغي أن يكون لرأينا أنه هو من انقلب على الديمقراطية، فقد حول بلاده إلى معتقل كبير ضد كل من يخالفه الرأي.

وقال الباحث المصري في العلاقات الدولية إن أردوغان يعلم جيداً أن بلاده لن تقبل عضويتها في الاتحاد الأوروبي، لأن هناك كثير من الشروط التي لم يف بها النظام خصوصاً في ملف حقوق الإنسان واحترام سيادة القانون وإجراء إصلاحات ديمقراطية حقيقية، بعيداً عن القمع ومناخ الاستقطاب الذي بات يخيم على البلاد.

ولفت “الديهي” إلى أنه بعيداً عن مسألة حقوق الإنسان، فإن هناك دول في الاتحاد الأوروبي ترفض بشكل قاطع مسألة عضوية تركيا، لأن دخولها يعني تغيراً كبيراً في نمط وسيرورة الاتحاد، حتى أنه قيل إن من بين أسباب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مسألة مفاوضات “أنقرة” من أجل العضوية.

وفي ختام تصريحاته لمنصة “تارجيت”، قال “الديهي” إن الدول الأوروبية ليس لديها ثقة في الشراكة مع النظام التركي، لأنهم يرون أردوغان شخصاً متلوناً لا يمكن الوثوق فيه، ولديه كثير من التراجعات في كثير من الملفات، فضلاً عن سياساته الخارجية التي تجاهلت في السابق كثير من المحاذير الأوروبية.

تهم الإرهاب في تركيا

وقد أصبحت تهمة الإرهاب جاهزة لكل من يعارض النظام التركي، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بالكرد، الذين حول أردوغان العداء لهم إلى وقود لحملته الانتخابية في آخر مجموعة من الاستحقاقات الانتخابية، وملأت سجونه بالمحامين والصحفيين والأكاديميين الكرد على مدار السنوات الماضية.

كما يتجاهل النظام التركي كثيراً من قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي تدعو للإفراج عن عدد من المعتقلين والمسجونين، من هؤلاء صلاح الدين دميرطاش الزعيم المشترك السابق لحزب الشعوب الديمقراطي الذي يقبع خلف القضبان لأكثر من 7 سنوات رغم طلب المحكمة الإفراج عنه وتعويضه.

قد يعجبك ايضا