سِياسي كُرْدِي لـ”تَارجِيت”: شعبنا يُميِّز بَيْن المُجْبرين على الاسْتيطان بعفرِين والْعاملين كأدوَات بِيد أَنقَرة

بعد أن كانت محصورة بالسكان عفرين الأصليين الكُرد، وصل بلّ الانتهاكات الواسعة التي تمارسها فصائل المعارضة السورية التابعة لتركيا، إلى ذقن المستقدمين الغرباء عن المنطقة، والذين جرى جلبهم إليها من مختلف المناطق السورية، كأرياف دمشق وحمص وحماه وحلب وغيرها، ضمن الصفقات الروسية التركية، لتبادل مناطق السيطرة وتقاسم الكعكة السورية.

 

حيث تتوارد الأنباء تباعاً من عفرين، عن تجاوزات يمارسها مسلحو “الجيش الوطني السوري”، بحق المستقدمين الغرباء إلى المنطقة، والذين يصفهم ناشطو عفرين بـ”المستوطنين”، رافضين وجود هؤلاء القسري، والذي كان على حساب تهجيرهم من أرضهم، ابان ما سمي بـ”عملية غصن الزيتون”، التي شنتها تركيا في يناير العام 2018، وانتهت بعد 58 يوماً من القصف الجوي والصاروخي، باحتلال المنطقة وتهجير غالبية سكانها الأصليين الكُرد.

 

انتهاكات وتصفيات بينية

وبالصدد، قُتل مُستقدم ينحدر من حي القابون بمدينة دمشق، في 14 من يوليو الجاري، خلال حملة مُداهمة لما تسمى بـ”الشرطة العسكرية”، وهي مليشيا سورية مُعارضة تتبع لأنقرة، لإحدى المنازل في قرية استير بريف عفرين بحثاً عن مطلوبين، حيث جرى تبادل لإطلاق النار بين عناصر الدورية والمطلوبين، دون التمكّن من إلقاء القبض عليهم، وفق مصادر صحفية من عفرين.

 

وبالتوازي، تحدث ناشطون من عفرين، عن عملية خطف، نفذتها ميليشيا “السلطان مراد” بحق امرأة مستقدمة إلى عفرين، خلال محاولتها الدخول إلى الأراضي التركية، حيث اشترطت المليشيا أن تدفع المرأة ألف دولار، للإفراج عنها والسماح لها بالعبور إلى الأراضي التركية، بينما تحدث ناشطون من عفرين عن إنشاء المليشيات السورية المعارضة لسجون خاصة بها، تستخدمها لخطف الراغبين بالدخول إلى الأراضي التركية، حيث يجري التفاوض مع ذويهم لدفع فدى مالية مقابل السماح لهم بالتوجه إلى الداخل التركي.

 

وفي الخامس عشر من يوليو، تحدث ناشطون من عفرين، عن مقتل مسلح، على يدّ مسلح آخر من ذات المليشيا التي يُقاتل فيها وهي “فرقة السلطان مراد”، وذلك بداعي الشرف، عقب الحديث عن خيانة زوجته له مع (المقتول) رفيقه بالسلاح، حيث عاد القاتل من ليبيا لتنفيذ العملية تلك.

 

كما وصل الحال بالمسلحين إلى مُلاحقة النشطاء والصحفيين من المستقدمين إلى عفرين، حيث أكد نشطاء من عفرين اعتقال دورية تابعة لـ”الشرطة العسكرية”، في الثامن من يوليو الجاري، لشخص يدعى “محمد مدلج”، وذلك بذريعة تشهيره بمتزعم في مليشيا “فيلق المجد”، من خلال نشر بوست على منصة الفيسبوك، انتقد فيها استيلاؤه على ممتلكات أهالي عفرين، بقوة السلاح وتأجيرها لصالحه الشخصي.

 

عفرين.. أبشع وأقسى أنواع الانتهاكات

وتعقيباً على جملة الأحداث المذكورة آنفاً، تحدث “هشمند شيخو”، عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، إلى منصة تارجيت الإعلامية فقال: “منذ احتلال تركيا لمنطقة عفرين في ١٨/٣/٢٠١٨، تشهد المنطقة حالة من الفوضى والفلتان الأمني والإجرام بكافة أشكاله، واليوم وبعد مضي خمسة أعوام على الاحتلال التركي، لا تزال منطقة عفرين تتعرض لأبشع وأقسى أنواع الانتهاكات التي ترتكبها الفصائل المسلحة بحق المواطنين الكُرد، من سلب ونهب لممتلكاتهم، وكذلك الاختطاف وفرض الإتاوات عليهم، بهدف دفع من تبقى منهم إلى ترك قراهم ومدنهم، بغية إحداث التغيير الديموغرافي الذي تستهدفه تركيا في عفرين”.

 

وبخصوص الأنباء عن إنشاء المليشيات في عفرين، سجوناً خاصة بها، تعتقل فيها من يحاول العبور إلى الأراضي التركية، أشار السياسي الكُردي: “منذ خمسة أعوام، ظاهرة الاعتقال والخطف وفرض الإتاوات موجودة ومستمرة على كافة أبناء شعبنا في منطقة عفرين، وليس فقط للذين يحاولون العبور إلى الأراضي التركية، ويكشف ذلك للسوريين أن المناطق الواقعة تحت سيطرة الفصائل المرتزقة، مناطق مُحتلة من قبل تركيا، وما الفصائل في تلك المناطق إلا مرتزقة ليس أكثر”.

 

مُختصراً إجابته على السؤال، حول إن كانت عمليات القتل الذي ينفذها المسلحون العائدون من ليبيا، في رحلة الارتزاق إلى هناك، لمسلحين آخرين في عفرين، بداعي الشرف، عاكسة لحالة الانفلات الأخلاقي التي باتت تعاني منها المجتمعات في المناطق الخاضعة لسيطرة أنقرة، في ظل العوز والجهل وغياب فرص العمل إلا عبر البندقية المأجورة، بكلمة “بالتأكيد”.

 

استهداف العقلاء من المستقدمين

“لا يخفى على أحد أن السياسة التي تتبعها الدولة التركية هي سياسة ممنهجة لمحاربة الكُرد أولاً، واستكمال مخططها الرامي إلى احتلال المزيد من الأراضي السورية” يقول السياسي الكُردي في رده على استفسار لتارجيت، بخصوص اعتقال الأصوات العاقلة من المستقدمين، ممن يحاولون مُساندة أهالي عفرين الكُرد، ويسعون لرأب الصدع الذي صنعه الأتراك ومسلحوهم السوريون.

 

ويتابع: “أود القول إن الحركة السياسية الكردية وطوال سنوات نضالها، ساندت كفاح الشعب الفلسطيني من أجل نيل حقوقه المشروعة، ومع الأسف الشديد نرى اليوم الفلسطينيين وهم يقومون ببناء المستوطنات في عفرين”.

 

مُردفاً: “الشعب الكردي شعب محب للسلام، وشعب مضياف، والشعب الكردي دون شك يميز جيداً ما بين الذين أجبروا على الاستيطان وما بين الذين يقبلون الارتزاق ويعملون كأداة في يد أنقرة، بغية تنفيذ مشروع التغيير الديمغرافي بحق أبناء شعبنا في منطقة عفرين”.

 

مُستطرداً: “عفرين منطقة كُردية عريقة، وتبقى الجزء العزيز من سوريا، وتحرير عفرين مُرتبط بالاصطفافات والتجاذبات بين القوى الخارجية الموجودة في سوريا، وذلك مرهون بالتغييرات السياسية التي ستحصل”.

 

واختتم “هشمند شيخو” حديثه لـ”تارجيت” بالقول: “نحن في الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، نستذكر مُعاناة شعبنا والتضحيات الجسام التي قدمها في سبيل الدفاع عن أرضه وكرامته، وندين ونستنكر سياسات التعريب والتتريك الممنهجة التي تمارسها الدولة التركية بحق الشعب الكردي في عفرين، ونطالب المجتمع الدولي والجهات والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان، خاصة الدول الضالعة في الشأن السوري، بتحمل كامل مسؤولياتها والضغط على تركيا لإنهاء احتلالها لعفرين، ووقف التغيير الديموغرافي فيها، وتوفير الحماية اللازمة لعودة أبناء شعبنا الكردي إليها، وإلى كافة المناطق الكُردية المحتلة”.

 

ووقعت منطقة عفرين ذات الخصوصية الكُردية، والتي تُقدر مساحتها بـ2500كم مربع، وكانت تضم نحو 18 مليون شجرة زيتون، معروفة بسمعة زيتها العالمية، تحت سيطرة الجيش التركي ومُسلحي المُعارضة السورية، المعروفين بمسمى “الجيش الوطني السوري”، قبل أكثر من 5 أعوام، فيما يؤكد ناشطون تهجير أكثر من 75% من سكانها الأصليين، منذ ذلك الحين، واصفين ذلك بأنها أكبر جرائم التغيير الديموغرافي التي شهدتها الحرب السورية على الإطلاق.

قد يعجبك ايضا