خلال الأيام الماضية بدأت بعض التقارير الإعلامية الأمريكية – والتي يبدو أن أصابع حكومة دمشق خلفها أو بعض الحكومات العربية المطبعة معها – تروج لفكرة أن العقوبات الأمريكية التي قد تفرض على نظام بشار الأسد حال تمرير مشروع قانون مناهضة التطبيع من شأنها الإضرار بالشعب السوري أولاً وليس بشار الأسد.
الهدف من تلك الكتابات هو محاولة إثناء الإدارة أو مجلس الشيوخ الأمريكي عن تمرير مشروع القانون تحت مبررات واهية، وفي هذا السياق تحدثت منصة “تارجيت” الإعلامية، مع البروفيسور جبريال صوما عضو المجلس الاستشاري للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وأستاذ القانون الدولي، والذي أكد أن مشروع القانون هذا لا بد منه، لأنه لن يكون من المقبول تحويل إعادة إعمار سوريا إلى فرصة لمساعدة بشار الأسد.
وكشف “صوما” عن تفاصيل جديدة وخطيرة في مشروع القانون الذي قدم للكونجرس إذ أنه يتضمن عقوبات على كل أعضاء مجلس الشعب السوري التابع لحكومة دمشق وكذلك قد يطال جمعية تديرها أسماء الأسد.
نص الحوار:
*ما تفاصيل ما يقال عن تمديد قانون قيصر حتى لو كان تحت مسمى تجريم التطبيع مع بشار الأسد؟
– فيما يتعلق بقانون قيصر، فإنه قانون يشكل عنصر ردع كبير أمام الاستثمار في إعادة بناء سوريا من خلال بشار الأسد، لكنه سيتلاشى بمرور الوقت ما لم يتم تطبيقه بشكل فعال، وبناء على هذا القلق قدم تحالف من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون مناهضة التطبيع مع بشار الأسد الذي أقرته لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب في السادس عشر من مايو من هذا العام.
*ما الذي يمكن أن تكشف لنا عنه بخصوص مشروع القانون هذا؟
– سوف يمدد هذا التشريع قانون قيصر حتى 31 ديسمبر من عام 2032، ويوسع العقوبات التي يجب أن تفرضها الإدارة الأمريكية لتشمل الدخول في معاملات مع الممتلكات التي استولى عليها نظام بشار الأسد. ومن أهم عناصر مشروع القانون الجديد الذي من شأنه تعزيز قانون قيصر استهداف المتورطين في سرقة ممتلكات الشعب السوري لأسباب سياسية أو مكاسب شخصية، كما يتضمن مشروع القانون أيضا منع نظام بشار الأسد وأتباعه من الاستفادة من التطهير العرقي الذي قد يرتكبونه تحت مسمى إعادة الإعمار.
*هل هناك نصوص تتعلق بقيادات حكومة دمشق ومعاقبتها؟
– بالفعل هناك نصوص بشأنهم، إن مشروع قانون مناهضة التطبيع مع بشار الأسد يوسع استهدافه لقيادة النظام العليا من خلال فرض عقوبات بما في ذلك عقوبات ثانوية على جميع أعضاء مجلس الشعب السوري التابع لحكومة دمشق وأفراد عائلاتهم المباشرين وكبار المسؤولين في حزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا، كما يحاول تحديد ما إذا كانت جمعية السيدة الأولى أسماء الأسد الخيرية المعروفة بـ”الأمانة السورية للتنمية”، وما إذا كانت هذه الجمعية تستوفي الشروط التي تفرضها العقوبات المضمنة في قانون قيصر.
*كيف يمكن أن تتعامل الإدارة الحالية مع العقوبات أو الإدارات القادمة؟
– كل ما يأتي في مشروع قانون تجريم التطبيع مع بشار الأسد من شأنه أن يقلل بشكل كبير من قدرة الرئيس الحالي جو بايدن أو أي إدارة مستقبلية على تخفيف العقوبات، على الأقل إذا استمر “الأسد” في عرقلة التقدم نحو تسوية سياسية وشاملة للحرب.
*كيف سيكون موقف الدول العربية برأيك التي تمضي في التطبيع مع حكومة دمشق في ضوء مشروع القانون هذا؟
– حتى لو لم يتم اتخاذ أي إجراء ووضع الدبلوماسيين العرب التعامل مع الأسد على المحك، فإن الدول العربية سترى أن الالتفاف على العقوبات الأمريكية سيكون صعباً للغاية، لكن تبقى هناك ثغرة واحدة.
*ما هي تلك الثغرة؟
– الثغرة هي مسألة الترخيص العام للإغاثة من الزلزال الذي من المقرر أن ينتهي في التاسع من أغسطس القادم، ويمكن لوزارة الخزانة الأمريكية تمديد مدة الترخيص، لكن يمكن أن يكون هناك تدقيق شديد في عمل هذا الترخيص حال تمت إطالة مدته لكي لا يكون فرصة للإفلات من العقوبات.
*ماذا إذا تمت الموافقة على مشروع تجريم التطبيع مع بشار الأسد؟
– إذ تم تمرير مشروع قانون تجريم التطبيع مع بشار الأسد وتحول إلى قانون، أي أقره مجلس الشيوخ الأمريكي، فهذا يعني أنه لن يتم تمديد العقوبات على سوريا لثمانية سنوات أخرى فحسب، بل إنه سيتم تعزيزها بهدف محدد وهو منع النظام من الاستفادة من إعادة الإعمار، حيث سيتم إغلاق باب التطبيع الاقتصادي مع حكومة دمشق، كما سيتم إغلاق الباب كذلك أمام محاولات استدراج “الأسد” بالجذرة بدلاً من العصا نحو تسوية سياسية لحل الأزمة السورية.
*لكن هناك من يرى أن العقوبات في النهاية المتأثر بها أكثر هو الشعب السوري وليس حكومة دمشق، ما رأيك؟
– لا شك أن وضع عقوبات على نظام بشار الأسد سيكون له تأثير في النهاية على الشعب السوري، وهذا يعني أن بشار الأسد يستعمل الشعب السوري كمحرقة لإعادة بناء هيكلية نظامه والبقاء في الحكم إلى أطول وقت ممكن. والسماح للشركات وللدول والأفراد بمساعدة النظام السوري بحجة بناء سوريا هو مساعدة مباشرة لبشار الأسد، ولذلك فإن قانون قيصر يمنع أي مساعدة من أي فرد أو مؤسسة أو شركة أو أي حكومة من مساعدة “الأسد” تحت مسمى إعادة بناء سوريا.