الحناوي لـ”تارجيت”: روسيا أوقفت علاقاتها معنا وواشنطن لم تفعل الكثير

السويداء – اَريج المختار /محمد إسماعيل

 

 أكثر من 100 يوم مضوا على انطلاق الانتفاضة الشعبية في السويداء ضد النظام السوري، وما زالت حركة الاحتجاج مستمرة، بل وتتصاعد بشكل أكبر، مع تسجيل حالات اغتيال لشخصيات بارزة ووقوع تفجيرات في أحدث التطورات التي شهدها المشهد هناك. هذه التحولات تأتي بعد انطلاق الاحتجاجات الغاضبة التي دعت إلى إسقاط “النظام” السوري، نتيجة للتحديات الاقتصادية والظروف المعيشية الصعبة.

في هذا السياق، التقت منصة “تارجيت” الإعلامية بسماحة الشيخ أبو وائل حمود الحناوي، شيخ عقل طائفة المسلمين الموحدين الدروز. الذي أكد أن ما يجري في محافظة السويداء لا يمثل إلا مطالباً بحقوق ضرورية لتلبية حاجات الناس، وذلك نتيجة للتحديات التي واجهوها في ظل الظروف المعيشية والأمنية بعد بداية الأزمة السورية في عام 2011. وأشار إلى أن محافظة السويداء قامت بموقف وطني وسلمي، حيث كانت دائماً تحافظ على السلم الأهلي وتُلتزم بموقفها التاريخي الذي تورثه من الآباء والأجداد.

بدايات الحراك قديمة

وقال الشيخ “الحناوي” أن هذا الحراك لم يولد فجأة بل كان موجوداً بنفوس الناس ولكن الناس كانت تعذر الموقف الحرج الذي تعرضت له البلاد، وهذه المواقف فرضت استخدام الحكمة والعقل في المطالبة التي تكون من خلال المستطاع، لكن وصلت الظروف لديهم لدرجة “لا يستطيع تحملها”، واعتبر “التكاليف التي فرضتها الدولة والحروب والقضية الفلسطينية على المواطن السوري في السويداء وغير السويداء كلفت المواطن السوري كثيراً وخاصة من خلال الخدمة العسكرية التي تطول الى عدة سنوات محمّلةً الأسر أعباءً كبيرة”.

وعن التواصل مع قيادات النظام  السورية على الصعيد العسكري والسياسي فيما يخص مطالب أهالي السويداء، قال “الحناوي” إنه “قبل الأزمة كان التواصل بيننا وبين الجهات الرسمية على كافة الصعد متواصلة وكثيراً ما طالبنا بأمور تم الاستجابة لبعض المطالب والبعض الآخر لم ينفذ، أما خلال الأزمة فلقد كان التواصل كذلك على كافة الصعد وحدثت مداولات كثيرة وطرح قضايا كثيرة، كان هناك بعض الاهتمام ولكن بعد بدء الحراك في السويداء لم يحدث أي تواصل”.

موسكو وواشنطن: المتابعين بصمت

فيما كشف الشيخ الحناوي في معرض حديثه عن شكل علاقتهم مع التحالف الدولي لمكافحة داعش الذي تقوده واشنطن بأن “إن الدول العظمى من واجبها أن تساعد المستضعفين وتقدم لهم كل الوسائل التي تحميهم من الظلم ومن الأعتداء ولأجل تقرير مصيرهم”، موضحاً أنه لم يجري أي اتصالات واضحة معهم كمشيخة عقل ما عدا الاتصال الهاتفي بين سماحة الشيخ أبو سلمان الهجري وأحد النواب الأمريكي في مطلع بداية التظاهرات.

فيما استغرب الحناوي عن تجميد الحكومة الروسية علاقتها مع الدروز في السويداء في الآونة الأخيرة، مؤكداً في نفس الحين على إن الروس كان يقومون بزيارات دورية لمنطقتهم قبل بدء التظاهرات، فيما يشير في سياق الحديث إلى لقائئهم بالسفير الروسي في دمشق قائلاً “تحدثنا معه كثيراً وقدمنا له مطالب كانت موجهة إلى الرئيس بوتين من أجل الأوضاع السورية، لكن لم نتلقى أي استجابة حول هذا الأمر”.

 

“شمال وشرق سوريا تواصلت معنا”

وعن رفع شعارات مناهضة للوجود الإيراني، شدد الشيخ الحناوي إنه بالنسبة لهم كمواطنين سوريين بالعموم وكأبناء السويداء وأبناء طائفة “بني معروف” أن تاريخ معروف ويشهد لهم بمقاومة الاستعمار متابعاً “علينا أن ندقق بهذا الأمر أي أجنبي سواء كان إيرانياً أو روسياً أو أمريكياً أو أي دولة أجنبية كدولة صديقة صدرنا مفتوح لهم ويدنا ممدوة للتعاون، أما كدولة محتلة أو مستعمرة لا نقبل أحد أبداً”.

وعن التعاون بين الدروز وكلاً من شمال شرق وشمال غرب سوريا، قال “الحناوي” إنه إلى الآن لم يحصل أي تواصل بالنسبة له شخصياً، إلا مرة واحدة عندما أعلنت وحدات حماية الشعب إحدى فصائل قوات سوريا الديمقراطية في صيف 2018 عن استعدادها لتبادل أسرى تنظيم داعش في مقابل إطلاق التنظيم لأسرى السويداء الذين خطفهم حينها.

حيث تابع الحناوي حديثه عن الاتصالات مع وحدات حماية الشعب قائلاً “لا أذيع سراً وأقول إن هذا كان الاتصال الوحيد بيننا وبينهم، الجماعة لم يقصروا لقد اتصلوا بي شخصياً وكلموني وقالوا بإنهم على استعداد أن يقوموا بهذه المهمة وإجراء التبادل من خلال الأسرى الموجودين لديهم مقابل الحرائر اللواتي خطفن يوم 25 يوليو/تموز عام 2018، أي يوم غزو الدواعش القرى الشرقية”.

ولم يكشف الشيخ عن أسماء القيادات العسكرية التي تواصلت معه من شمال شرق سوريا ونوه إلى إنهم استجابوا لهذا التواصل ولكن “بكل أسف نقولها وبكل صراحة على الرغم من تكليفنا أناس من قِبلنا لكي يتواصلوا معهم، ولكن الإجراءات الأمنية في سوريا عرقلت هذا الأمر كالمعتاد، علماً أن الحرائر تم تحريرهم لاحقاً”.

خطط المرحلة المقبلة والموقف من الحكم

وعن خططهم للمرحلة المقبلة في ظل عدم استجابة حكومة دمشق لمطالب الحراك، قال الحناوي إنهم في مشيخة العقل لا يتدخلون بالحراك ويتركون المشاركين فيه على حريتهم كونهم ر”جالً المسلحين بالعلم والثقافة والوعي الوطني والسياسي” على حد قوله، داعياً أن يكون لهذا الحراك فلسفة ونظريات وأفكار ومنهج سليم، ليعيد سوريا إلى عافيتها، مشدداً على أنه إذا لم يكن الحراك حاملاً لهذه الرسالة فلا يمكن لمشيخة العقل أن تسير بهذا الحراك أو تمد له يدها بالمساعدة، مؤكداً أنه يجب على الجميع أن يقفوا وقفة واحدة من أجل معالجة “الرجل المريض”، فسوريا اليوم تشبه الرجل المريض.

وقد كان ملاحظاً أنه خلال الاحتجاجات في السويداء يتم رفع علم الدروز بألوانة المميزة، وقد دفع ذلك بعض المراقبين إلى التكهن بأنهم ربما يفكرون في طرح مشروع “الإدارة الذاتية “، وقال بعضهم إن روسيا التي تراقب الموقف وهي حليفة بشار الأسد أجرت اتصالات بالدروز وسط أنباء أنها وعدتهم بإدارة ذاتية لتهدئة الاحتجاجات.

وفي ذاك السياق لم يحدد الحناوي شكل الإدارة التي يريدونها أو يرغبون بتطبيقها معزياً ذلك لكون الموضوع “ليس بيدهم” وبأنهم يعملون “للحفاظ على السلم الأهلي في محافظة السويداء، ومنع الاقتتال بين أهالي السويداء ومنع الخرق والتفكك الذين يقومون به الآن في السويداء.”

قد يعجبك ايضا