في إطار المطالبات المتكررة للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا ومجلس سوريا الديمقراطية بضرورة الحوار بين الأطراف الوطنية السورية من أجل التوصل إلى تفاهمات وحلول تنهي الأزمة التي تشهدها سوريا منذ أكثر من اثني عشر عاماً وتضع حداً للمعاناة التي يعيشها السوريون جراء هذه الأزمة، أعلن مسد عن التوصل لوثيقة تفاهم مع هيئة التنسيق الوطنية السورية لقوى التغيير الديمقراطي، بشأن التعاون المستقبلي بين الطرفين وكيفية حل الأزمة السورية.
مجلس سوريا الديمقراطية، قال في بيان، بعد اجتماع عقد في مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا، شارك فيه عبر تطبيق الزوم من دمشق رئيس هيئة التنسيق الوطنية حسن عبد العظيم ومن فيينا الرئيس المشترك لمسد رياض درار، إنه وبعد اجتماعات بين ممثلين عن هيئة التنسيق ومسد، للبحث عن كيفية حل الأزمة الموجودة في بنية النظام والخروج من الأزمة الوطنية المترتبة على الاستبداد وخياراته الأمنية والعسكرية، ورفض النظام لكل الدعوات الداخلية والخارجية للحل السياسي، تم الاتفاق على عدة مبادئ بشأن حل الأزمة بالبلاد.
وبحسب البيان، فإن التأسيس لبناء جبهة وطنية ديمقراطية سوريّة عريضة لقوى الثورة والمعارضة السورية تتبنى مشروع التغيير الوطني الديمقراطي والتحول من الاستبداد إلى الديمقراطية، يمثل ضرورة ملحة لإخراج سوريا من الكارثة التي تمر فيها، مضيفاً أن مسد وهيئة التنسيق يريان أن نجاح مسار الحل السياسي للأزمة يتم بمشاركة القوى السياسية الوطنية الديمقراطية بالعملية السياسية دون إقصاء وفق القرار 2254 وجميع القرارات الأممية ذات الصلة، بما يكفل تحقيق الانتقال السياسي والعدالة الانتقالية وإنهاء نظام الاستبداد والقضاء على الإرهاب بكافة أشكاله، والمساهمة ببناء الدولة الديمقراطية التعددية ذات النظام اللامركزي الذي يتوافق عليه السوريون في دستور المستقبل وعلى كامل الجغرافية السورية، في دولة القانون والمؤسسات المنتخبة وفصل السلطات والتداول السلمي للسلطة، والحياد تجاه الأديان والمذاهب والمكونات وجميع الفئات الاجتماعية والتي تحقق المواطنة الحرة المتساوية في الحقوق والواجبات لكل الأفراد دون تمييز أو إقصاء على أساس القومية أو الدين أو المذهب أو الجنس أو الاتجاه السياسي.
البيان، اعتبر أن الحل السياسي الوطني للأزمة السورية هو الحل الوحيد الذي يجنب البلاد المخاطر، ويحقق تطلعات السوريين باعتباره الطريق المأمون لصيانة وحدة وسيادة سوريا، وعلى ذلك فإنه ينبغي وقف الحرب وانهاء العنف بكافة أشكاله والعمليات العسكرية على الأراضي السورية وفي مقدمتها الحل الأمني والعسكري الذي تقوده حكومة دمشق ضد الشعب، وأن يترافق هذا الإجراء مع إطلاقِ سراح جميع معتقلي الرأي بالسجون، وإلغاء جميع أنواع ملاحقات السياسيين داخل سوريا وخارجها، ومعرفةِ مصير المغيبين والمختفين قسراً، ورفض كافة أشكال التغيير الديمغرافي والبدءِ باتخاذ الإجراءات التي تكفل العودة الآمنة والطوعية لكل المهجّرين والنازحين إلى مناطق سكناهم الأصلية، موضحاً أن هيئة التنسيق ومسد يتبنيان المشروع الوطني الديمقراطي الذي يكفل المحافظة على وحدة سوريا الجغرافية والسياسية، ويرفض كافة المشاريع والمحاولات التقسيمية والانفصالية التي تهدد وحدة البلاد أرضاً وشعباً، والعمل على خروج كافة
الفصائل المسلحة والميلشيات غير السورية، والقوى الأجنبية المتواجدة على الأرض السورية، مؤكدين على عدم الاستناد إلى أية جهة خارجية.
كما شدد البيان على ضرورة محاربة الفساد بكافة أشكاله، والتأكيد على النهوض بالاقتصاد الوطني، واعتبار الثروات الوطنية ملكاً للشعب السوري، والعمل على تسيد العدالة واستقلال القضاء بما يحفظ حقوق الناس وكراماتهم، وتمكين المرأة من ممارسة دورها في الدولة والمجتمع، ودعم الشباب للقيام بدور قيادي حاضراً ومستقبلاً.
خطوة هامة من حيث التوقيت والأهداف
رئيس حزب سوريا أولاً سلمان شبيب قال في تصريحات لمنصة تارجيت تعليقاً على توقيع مذكرة التفاهم: “إنه بالمبدأ نحن نؤمن أن التحديات الوجودية التي يتعرض لها بلدنا وتهدد حاضره ومستقبله، تفترض توحد القوى الوطنية الديمقراطية السورية في إطار عمل إنقاذي لا يقبل التأجيل لمواجهتها وبالتالي نحن نرحب بأي خطوة أو مبادرة جدية بهذا الاتجاه.
وأضاف شبيب: “أنهم يرون أن الوثيقة تكتسب أهمية خاصة لعدة أسباب منها: أولاً التوقيت الذي صدرت به حيث عاد الملف السوري للتحرك باتجاهات مختلفة منها العلاقة السورية التركية والعلاقة العربية السورية ووجود بعض الآفاق لعودة العمل باللجنة الدستورية وغيرها، في ظل غياب أي إمكانية لتفاهمات دولية مجدية نتيجة الحرب الأوكرانية والصدام الدولي الكبير والخطير فيها، وثانياً المكانة والحضور الهام والأساسي لطرفي الوثيقة مجلس سوريا الديمقراطية وهيئة التنسيق في ساحة العمل السياسي الوطني السوري، إضافة إلى ما تضمنته الوثيقة من مبادئ وأهداف نرى أنها تشكل إلى حد كبير تقاطعات وثوابت لدى القوى الوطنية الديمقراطية السورية ويمكن أن تكون أساس لمشروع وطني يجمع حوله هذه القوى، كالتأكيد على وحدة سوريا ونظام الحكم اللامركزي ومحاربة الفساد والشراكة الوطنية والحل السياسي للأزمة”.
يشار، إلى أنه يأتي التوصل لوثيقة تفاهم بين مجلس سوريا الديمقراطية وهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي، في وقت تمر فيه الأزمة السورية بمرحلة مهمة وتطورات متسارعة ومتلاحقة، تتمثل بالدرجة الأولى بتطبيع عدداً من الدول العربية علاقاتها مع حكومة دمشق، وعودة الأخيرة إلى مقعدها بالجامعة العربية، على الرغم من عدم التوصل إلى أي حل سياسي للأزمة، وفي ظل استمرار غياب أي دور لـ”المعارضة” السورية، واتهام الخارجية منها بالارتباط بأجندات خارجية تخدم مصالح دول معينة، ما قد يمثل بداية لمرحلة جديدة، تتوحد فيها المعارضة وتستعيد دورها المنوط بها.
التأكيد على الحوار الوطني السوري
وبحسب رئيس حزب سوريا أولاً سلمان شبيب، فإن الوثيقة تؤكد على أهمية ونجاعة الحوار السوري – السوري وأن اعتماده كلغة وثقافة وأسلوب تعامل يمكن إذا انطلق من حسابات وطنية مخلصة أن ينجح في خلق مساحات وطنية يلتقي فيها وعليها السوريون المؤمنون بسوريا تعددية ديمقراطية ودولة مواطنة وعدالة للجميع، معرباً عن تمنياته ألا يكون توقيع الوثيقة خطوة منفردة تتحول إلى فرصة ضائعة أخرى في الحياة السياسية السورية وأن تستكمل وتتحول إلى نقطة جذب ورافعة تجمع أكثرية القوى الوطنية السورية بمشروع وطني سوري يعيد القضية إلى أيدي أصحابها الحقيقيين بعد أن تجاذبتها طويلاً القوى الدولية والإقليمية وأخذتها في مسارات تتفق مع مصالحها بعيداً عن المصالح الحقيقية للشعب السوري بكل مكوناته، ومتمنياً في الوقت نفسه التوفيق لكل من مجلس سوريا الديمقراطية وهيئة التنسيق في جهودهما وأن تلاقيها القوى الوطنية الديمقراطية الأخرى”.
وينظر إلى وثيقة التفاهم، على أنها خطوة نحو تحقيق تفاهمات وتوافقات بين القوى السورية الوطنية المعارضة، توحّد الرؤية بشأن كثير من القضايا، بناءً على حوار سوري – سوري بعيداً عن أي تدخلات وإملاءات وأجندات خارجية، أثبتت على مدى أكثر من عقد من عمر الأزمة، أنها لن تجلب للسوريين سوى مزيد من المعاناة والدمار والاحتلالات المتعددة التي تستأثر بخيرات وأراضي السوريين، وتعمل على إطالة أمد الصراع تحقيقاً لمآربها وأهدافها، التي تختلف كلياً عن أهداف ورغبات السوريين.