بعد تقاعس دولي.. الإدارة الذاتية تبدأ محاكمة عناصر داعش بمناطقها

القامشلي 

في ظل تقاعس واضح من قبل المجتمع الدولي بشأن إيجاد حل نهائي لقضية عناصر تنظيم داعش المحتجزين في سجون شمال وشرق سوريا وعوائلهم المتواجدين في المخيمات، ووسط تحذيرات متكررة من الخطر الكبير الذي يشكله هؤلاء على المنطقة والعالم، أعلنت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، البدء بمحاكمات علنية لعناصر داعش المحتجزين في مناطقها.

الإدارة الذاتية قالت في بيان، “إنه وبسبب عدم تلبية المجتمع الدولي لنداءات ومناشدات الإدارة الذاتية للدول لاستلام مواطنيها من التنظيم وإحقاقاً للحق وإنصافاً للضحايا وتحقيقاً للعدالة الاجتماعية، فقد قررت الإدارة البدء بتقديم عناصر داعش من الأجانب المحتجزين لديها إلى محاكمات علنية وعادلة وشفافة، بما يتوافق مع القوانين الدولية والمحلية الخاصة بالإرهاب، وبما يحفظ حقوق المدعين من الضحايا وأفراد أسرهم”.

 

مطالبة التحالف الدولي بحضور المحاكمات

البيان، طالب التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية المعنية بالانخراط بشكل إيجابي والتواجد وتقديم الدعم خلال جميع مراحل المحاكمات، مؤكداً أن قرار إجراء محاكمات لعناصر داعش بالمنطقة، لا يعني عدول الإدارة عن رأيها في ضرورة إنشاء محكمة دولية، أو محكمة ذات طابع دولي خاص بملف إرهابيي داعش، وأنها ما زالت تصرُّ على مطالبة المجتمع الدولي بالتجاوب مع المطالب في تشكيل محكمة دولية لهم.

الإدارة الذاتية، اعتبرت “أنه ورغم التحديات الكبيرة وصعوبة المرحلة وحساسيتها والعبء الكبير الذي تتحمله الإدارة نتيجة بقاء هؤلاء المجرمين في مراكز الاحتجاز دون أي محاكمة على ما اقترفوه من جرائم بحق الأبرياء، فإن بقاء الأوضاع على ما هي عليه لا يمكن أن يدوم أكثر من ذلك، كما أنّ عدم تقديم هؤلاء المجرمين للقضاء والعدالة أمر منافٍ للقوانين والاتفاقيات الدولية، بالإضافة إلى تزايد خطورة الوضع الأمني في حال استمرارهم على هذه الحال”.

وبحسب بيان الإدارة الذاتية، فإنه ومنذ انتهاء معركة الباغوز بريف دير الزور الشرقي، والتي كانت إعلان القضاء على تنظيم داعش الإرهابي عسكرياً في سوريا، ناشدت الإدارة الذاتية وطالبت مراراً المجتمع الدولي بالقيام بمسؤولياته في إيجاد حلول لملف عناصر داعش المحتجزين لديها، وطرحت مبادرات لكل الدول المعنية والمنظمات الحقوقية والأممية من أجل تشكيل محكمة دولية، أو محكمة ذات طابع دولي، لكي يمثل أمامها عناصر داعش وفق ما تتوفر لدى مؤسسات الإدارة من أدلّة ووثائق دامغة تُدينهم بارتكاب أفظع الجرائم مع داعميهم بحق أبناء ومكونات المنطقة، لافتاً إلى أنه في الباغوز تم اعتقال أكثر من عشرة آلاف مقاتل خطر من التنظيم، وهم قابعون الآن في مراكز الاحتجاز لدى الإدارة الذاتية، علاوةً على وجود عشرات الآلاف من أفراد أسرهم، أغلبهم من الأطفال والنساء في مخيمات شمال وشرق سوريا.

 

المحاكمات وفق قانون مكافحة الإرهاب

وفي أعقاب الإعلان، قال الرئيس المشترك لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بدران جيا كرد في حديث لوكالة رويترز: “إن قانوناً محليّاً لمكافحة الإرهاب جرى تعديله العام الماضي ليصبح أكثر شمولاً سيستخدم لمحاكمة عناصر داعش، مضيفاً “أنه ستتم دعوة التحالف الدولي وجميع المنظمات والجهات الحقوقية والشخصيات التي تريد المتابعة والحضور كمراقبين بحكم إنها محاكم علنية وشفافة، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه سيكون هناك حق توكيل محامين لعناصر داعش، في حين قال الرئيس المشترك لدائرة الإعلام في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا جوان ملا إبراهيم في تصريحات إعلامية، إن مجلس العدالة الاجتماعية في شمال وشرق سوريا بدأ بالتجهيزات لمحاكمة عناصر داعش المحتجزين في السجون.

 

مخاوف من عودة داعش

الباحث في الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية قال في تصريحات لمنصة تارجيت الإعلامية في هذا الخصوص: “إن ما تقوم به الإدارة الذاتية من محاولة محاكمة أفراد داعش يأتي في ظل قلق لدى الإدارة من وجود هؤلاء الأفراد وحدوث هجمات، كما حدث سابقاً في سجن الصناعة بمدينة الحسكة وسجون في مدينة الرقة، ولذلك فهي تخشى من أن يتمكن التنظيم أولاً من تحرير هؤلاء السجناء، وقد يعودوا ويشكلوا خطر على وجود الإدارة الذاتية نفسها، وهذا حدث كما نعلم في “استراتيجية هدم الأسوار” لدى تنظيم داعش خلال الهجوم على سجن “أبو غريب” في ألفين وأربعة عشر، وسجون أخرى في العالم كما في أفغانستان، وبالتالي التنظيم يعيد نفسه بشكل أو بآخر”.

ويضيف أبو هنية: “أنه من جانب آخر فإن الإدارة الذاتية أقدمت على هذه الخطوة بعد سنوات من فشل المطالبات المتكررة بمحاكمة هؤلاء العناصر أو إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية”.

 

رايتس ووتش تدعو لدعم محاكمات عناصر داعش في سوريا

من جانبها، قالت متخصصة شؤون مكافحة الإرهاب في منظمة “هيومن رايتس ووتش” ليتا تايلر في حديث لوكالة رويترز: “إنه يجب على المجتمع الدولي إما توفير الدعم للمحاكمات التي ستجري في شمال شرق سوريا بما في ذلك بالموارد، أو إجراء المحاكمات في دول المعتقلين أو في دولة ثالثة، مضيفةً أن أي شيء غير ذلك لن يعتبر فقط انتهاكاً لحقوق هؤلاء المعتقلين في الحصول على محاكمة عادلة، لكنه سيمثل أيضاً صفعة على الوجه لضحايا تنظيم داعش الإرهابي وأفراد أسرهم الذين يستحقون رؤية العدالة تتحقق في جرائم التنظيم”.

ويقول محللون، إن تقاعس الدول عن إعادة رعاياها من عناصر وعوائل تنظيم داعش، يعود بالدرجة الأولى لعدم امتلاكها جميع الأدلة والوثائق والشهادات التي تثبت إدانتهم بارتكاب جرائم وما يتبع ذلك من طول مدة محاكماتهم، وبالتالي التهرب من إعادتهم والاحتفاظ بهم في سجونها لما يشكلونه من خطر أمني، لذلك تماطل في الدخول في أي خطة واضحة وجدية لإنهاء هذا الملف، ما عدا بعض المبادرات الخجولة التي أسفرت عن استعادة العشرات معظمهم أطفال من عوائل التنظيم.

 

يشار، إلى أنه يحتجز في سجون مناطق شمال وشرق سوريا، عشرات الآلاف من عناصر داعش الذين جرى إلقاء القبض عليهم في مناطق متفرقة بينها مدينة الرقة العاصمة المزعومة لداعش الإرهابي، والباغوز آخر معاقل التنظيم في سوريا، إلى جانب أكثر من عشرة آلاف شخص من عوائل عناصر التنظيم، أغلبهم في مخيمي روج والهول الذي تحذر الإدارة الذاتية وتقارير حقوقية، من أنه يشكل قنبلة موقوتة تهدد بالانفجار في أي لحظة، في ظل انتشار كبير لخلايا داعش وانتشار الفكر الإرهابي بين عوائل التنظيم هناك.

 

قد يعجبك ايضا