القامشلي
لم تمض سوى أسابيع على اجتماع عمان بين وزراء خارجية كل من الأردن ومصر والسعودية والعراق وسوريا الذي كان من أبرز مخرجاته محاربة تجارة وتهريب المخدرات على الحدود السورية الجنوبية والشرقية، حتى أكد الأردن إحباط عدة محاولات لتهريب كميات من المواد المخدرة إلى أراضيه قادمة من سوريا.
السلطات الأردنية أعلنت يوم الثلاثاء الماضي، إحباط عملية تهريب سبعة وستين كيلوغراماً من مادة “الكبتاغون” المخدرة، وقال الناطق الإعلامي باسم دائرة الجمارك الأردنية عبر صفحة الجمارك على فيسبوك: “إن الكوادر الجمركية العاملة في مركز جمرك “جابر” المقابل لمعبر نصيب السوري، تمكنت من إحباط سبعة وستين كيلوغراماً من مادة “الكبتاغون” كانت مخبأة داخل شاحنة، تم إخضاعها للتفتيش بجهاز فحص الأشعة، حيث وجدت المضبوطات مخبأة بطريقة فنية متقنة بإحكام داخل أرضية الشاحنة القادمة من إحدى الدول المجاورة في إشارة إلى سوريا.
وكان الجيش الأردني، أعلن في الخامس من أيار/ مايو الماضي، إحباط عملية تهريب كمية كبيرة من المخدرات والأسلحة قادمة من سوريا إلى الأراضي الأردنية، ضمّت نحو مليون ومئتي ألف حبة “كبتاغون” مخدرة و”500″ كف حشيش و خمسة أسلحة نارية وكميات كبيرة من الذخيرة، قبل أن يهدد العاهل الأردني عبد الله الثاني بعدها بأيام، بضرب عصابات المخدرات المحلية والإقليمية “بيد من حديد”، وذلك بعد أيام على تهديد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بشن عملية عسكرية داخل الأراضي السورية لملاحقة وضرب مهربي المخدرات، في حال لم تتخذ السلطات السورية إجراءات فعالة للحد من هذا التهديد، على حد تعبيره.
محاولات عربية حثيثة لوقف عمليات تهريب المخدرات
ويقول الكاتب والمحلل السياسي حسام النجار في حديث لتارجيت في هذا السياق: “إن تهريب المخدرات أشغل الدول العربية و خاصةً الأردن والسعودية وحاولت كل منهما تجنب هذا الأمر بالعلاقات الأمنية مرة و بالتحاور مرةً ثانية و بالزيارات المتبادلة و تطمين الأسد بعودة نظامه للجامعة العربية، و دعمه بالأموال مقابل إيقاف هذا التهريب، كما تم إعطاء الأردن مكان مرعي الرمثان الذي يعتبر أداةً من أدوات المهربين الكبار و لا يشكل حجر الزاوية في عمليات التهريب، مشيراً إلى أنه في حال بحثنا في المستفيدين من عمليات التصنيع و التهريب نجد عدة أطراف تبدأ من إيران و حزب الله لتمتد عبر التجار الكبار الذي يحمون الحدود وصولاً إلى الصغار المنتفعين من بقايا الكبار ، وبالبحث عن أماكن المصانع و المسؤولين نجدها في المناطق الحدودية التي تسيطر عليها “مليشيا حزب الله” كالقصير و البقاع و مناطق السويداء و الجنوب السوري الذي تمر منه “الميليشيا الإيرانية” للدخول إلى سوريا”.
ويأتي إحباط عملية جديدة لتهريب المخدرات إلى الأردن، بعد يوم واحد فقط، على زيارة لوزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى العراق، تركزت بشكل أساسي حول جهود محاربة المخدرات على الحدود، تنفيذاً لمخرجات اجتماع عمان الذي تضمن أحد بنوده تشكيل فريقيين فنيين بين كل من سوريا والأردن وسوريا والعراق، لمتابعة وتنظيم جهود مواجهة تجارة المخدرات والقضاء عليها نهائياً، والذي يقول محللون إن هذا الجانب يبقى الهدف الأول للدول العربية المطبعة مع حكومة دمشق، سواءً الأردن أو السعودية وباقي دول الخليج، التي باتت الهدف الأول لهذه المواد.
عمليات تهريب المخدرات لن تتوقف
ويضيف النجار، “أن العرب يعتقدون أن مسألة إعادة النظام للجامعة العربية تحميهم من وصول المخدرات إلى بلادهم وأنه يمكنهم إبعاد النظام عن إيران بالتدريج، لكن النظام لم يتوقف و لن يتوقف لأن خيوط اللعبة ليست بيده بل بالقوى العسكرية التي تتواجد في الجنوب من الفرقة الرابعة و “قوات الدفاع الوطني” كما تسمى والمحرك الأساسي هو الإيراني، النظام سيقوم بالادعاء بمحاربة التهريب بالقيام بعمليات ضد الأدوات فقط لأن المخدرات هي وسيلته القوية والظاهرة، لكن هل استفادة النظام فقط كورقة ضغط أم أن الاستفادة الأخرى هي مادية ؟.بالنظر للكميات المهولة التي يتم تهريبها تعتبر المخدرات هي الاقتصاد الموازي الهام للنظام لحصول أفراده على المداخيل الجيدة والهامة والتي تساعده في الاستمرار، قطار التطبيع لن يتوقف إذا بدأ، لكن سيكون بخطوات بطيئة غير متسارعة تحكمه اعتبارات عديدة المخدرات إحداها”.
وتطرح هذه العملية وما سبقها من عمليات التساؤلات بشأن جدية حكومة دمشق في محاربة هذه الظاهرة، ومدى قدرتها على الالتزام بالشروط العربية المفروضة عليها لإتمام عمليات التطبيع وإعادة تعويمها من جديد، من حيث محاولة الوصول إلى مصادر هذه المواد وتجفيف منابعها بدلاً من ملاحقة أشخاص لا تتعدى مهامهم تنفيذ العمليات، إضافة لوضع خطة عمل منظمة لمواجهة الظاهرة والقضاء عليها بالتعاون مع الدول صاحبة العلاقة، إلى جانب العمل على نشر قواتها على الحدود وإبعاد جماعة حزب الله اللبناني والفصائل التابعة لإيران عنها، على اعتبار أنها المتهمة الأولى بالمسؤولية عن هذه العمليات، بالتعاون مع ضباط بقوات حكومة دمشق، تطالب جهات عربية بإخضاعهم للمساءلة والمحاسبة.
إلا أن جهات عربية تؤكد أن الجامعة العربية والدول التي دخلت في مسار التطبيع مع حكومة دمشق وعلى رأسها السعودية، تعتبر ملف محاربة المخدرات وتهريبها على الحدود مقدمة وبوابة للمضي في تطبيق مخرجات الاجتماعات العربية بشأن سوريا، لذلك تعتبر متابعة هذا الملف من أولى مهام لجنة الاتصال الوزارية العربية المكلفة بالتواصل والحوار مع حكومة دمشق لمتابعة تنفيذ بنود اجتماع عمان والمؤلفة من لبنان والأردن والسعودية والعراق ومصر والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط”.