القاهرة ـ محمد إسماعيل
تواجه الجولة الأولى من الانتخابات التركية التي عقدت في 14 مايو انتقادات شديدة خلال الأيام الماضية، في ظل اتهامات للرئيس المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان بتزوير الانتخابات والتلاعب بها، على نحو جعل الانتخابات تذهب إلى جولة ثانية بينه وبين كمال كليجدار أوغلو مرشح تحالف المعارضة.
في هذا السياق أكد الكاتب والمحلل السياسي التركي البارز تورجوت كارا محمد أوغلو، في حوارٍ خاصٍ لمنصة “تارجيت” الإعلامية، أن الانتخابات الأخيرة شهدت أكبر تزوير في تاريخ الانتخابات التركية على حد قوله، مؤكداً أن هذا الأمر تم باحترافية من قبل النظام التركي عبر 4 آليات مختلفة قد لا يعرفها المواطن العادي، لكن المتخصص في شأن الانتخابات ومراقبتها يستطيع التعرف عليها، حيث تنوعت بين التزوير الصريح المباشر وغيرها من الحيل الأخرى.
وأعلن رئيس لجنة الانتخابات التركية أحمد ينار النتائج النهائية للجولة الأولى لانتخابات الرئاسة التركية بعد فرز جميع الأصوات، لتكون البلاد على موعدٍ جديدٍ مع جولة إعادة، وأوضح أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حصل على 49.4 بالمئة وكمال كليجدار أوغلو على 44.96 بالمئة من الأصوات، فيما حل سنان أوغان ثالثاً بنحو 5 بالمئة من أصوات الناخبين.
نص الحوار:
*بداية، كيف تابعت سير الانتخابات التركية خلال الجولة الأولى؟
– هذه الانتخابات حدث بها تزوير كبير، وكل المعلومات التي أقولها وأكتبها بشأن تزوير هذه الانتخابات ليست مبنية لدي على مجرد ظنونٍ أو تخميناتٍ بل بناءً على معلومات من أناسٍ داخل تركيا، وهي معلومات كذلك من مصادر رسمية لا يمكن لي أن أذكر أسمائهم نظرا لطبيعة الوضع الداخلي في تركيا وما يمكن أن تقوم به السلطات ضد هذه المصادر، ولكن حين أقول إن هذه الانتخابات مزورة فإن هذا الأمر مثبت لدي بالدليل، وهذه الأدلة تقول إن هذه الانتخابات شهدت أكبر تزويرٍ في تاريخ الانتخابات التركية.
*كيف تم التزوير رغم أن الانتخابات تبدو كما لو كانت نزيهة؟
– أردوغان يعرف جيدا كيف يلعب لعبة الانتخابات ولديه حيله وخبراته في التزوير التي لا يفمهما الشعب بشكل جيد أو لكي نكون أكثر دقة المواطن العادي لا يستطيع معرفتها، ولكن الذي يستطيع التعرف على التزوير الذي حدث هم الصحفيين مثلنا والذين يعملون في مجال تحليل الأرقام الخاصة بالانتخابات، والأمر الثاني أننا سألنا مصادر بالداخل التركي وتأكدنا أنهم أي النظام التركي وحلفائه قاموا بتزوير الانتخابات عبر 4 آليات مختلفة، وليس آلية واحدة.
*من فضلك وضح لي هذه الآليات التي تتحدث عنها وتقول إنه قد تم تزوير الانتخابات عبرها؟
– أولا، السلطات الانتخابية أعلنت وبشكل رسمي أن عدد الذين شاركوا في هذه الانتخابات بلغوا قرابة 90 بالمئة من الناخبين الذين لهم حق التصويت، وهذه نسبة لا يمكن أن تتحقق أبداً في تركيا وفي كثير من دول العالم أن تكون نسبة المشاركة الانتخابية 90 بالمئة، لكن حسب المعلومات التي لدينا الذين شاركوا في الانتخابات تقريباً 80 بالمئة من الناخبين لكن رسميا أعلن ولنكون أكثر دقة 88 بالمئة، إذن هناك 8 بالمئة زيادة لا نعرف من أين أتت هذه النسبة، هناك حوالي 4 ملايين ونصف ناخب تركي موجودين في كشوف الانتخابات وبالأسماء ومن أصحاب الجنسية التركية لكن من هؤلاء لا أحد يعرفهم، على سبيل المثال تجد في الكشف الانتخابي اسم ناخب والعنوان وكل البيانات اللازمة عنه وأنه أدلى بصوته، لكن إذا بحثت عن هذا الشخص فهو غير موجود في الواقع، أو ربما تجده شخص باكستاني أو أفغاني تم تغيير هويته إلى الهوية التركية، ولدي الأدلة على هذا الأمر.
*ماذا عن الآليات الأخرى التي قلت إنه قد تم تزوير الانتخابات عبرها؟
– قاموا بالتزوير بشكل مباشر كذلك، على سبيل المثال لو كان هناك صندوق به 250 شخص بينهم 200 صوت لكمال كليجدار أوغلو و50 لأردوغان ويتم إغلاق الصندوق على هذا الأساس وينقل مع أحد المسؤولين إلى المركز الانتخابي، لكن تحدث المفاجأة وتتغير هذه الأرقام خلال نقل الصندوق في السيارة وبنفس أسماء الناخبين وتجد فجأة على سبيل المثال 100 لأردوغان و100 لسنان أوغان و50 لكليجدار أوغلو، أي أنهم يقومون بعملية تزوير بشكل مباشر.
*ماذا عن الآلية الرابعة لتزوير الانتخابات كما قلت؟
– الطريقة أو الآلية الرابعة لا نفهمها بعد، في مركز الانتخابات بأنقرة تم اللعب في “سيستم الانتخابات”، فعلى سبيل المثال رأينا على التليفزيون حتى الساعة 11 مساء بتوقيت أنقرة كان كليجدار أوغلو لديه 48 بالمئة وأردوغان حوالي 46 بالمئة من الأصوات مع فرز 60 بالمئة من جملة الأصوات، وبعد 15 دقيقة فقط تغيرت هذه النسبة وأصبح مرة واحدة أردوغان 49 بالمئة وكليجدار أوغلو 45 بالمئة، وكان هذا أمرا مثيرا للعجب، ولا نعرف بعد كيف تغيرت هذه النسبة، إذن حدث تزوير بالفعل داخل مركز الانتخابات في أنقرة وتم التلاعب في السيستم الذي يحصر الأصوات ليتحول مسار الانتخابات إلى جولة الإعادة، وهذا هو ما حدث باختصار في الجولة الأولى من الانتخابات التركية التي جرت يوم 14 مايو.
*ما توقعاتك بشأن الجولة الثانية؟ وكيف يمكن أن تفوز المعارضة بهذه الانتخابات؟
– طريق فوز المعارضة أو كمال كليجدار أوغلو خلال الجولة الثانية يبدأ من حفاظ المعارضة على الأصوات التي حصلوا عليها خلال الجولة الأولى في الانتخابات، وهذا هو الشرط الأول لفوز المعارضة، ثانيا على المعارضة الانتباه إلى أن أردوغان سيزور الانتخابات كما فعل في المرة الأولى، وأن هذا التزوير يتم من خلال المركز الرئيسي للانتخابات في العاصمة أنقرة من خلال التلاعب في الأرقام الرسمية، إذا لم تفعل المعارضة ذلك وتنتبه لما يقوم به أردوغان فإنها ستخسر الانتخابات الرئاسية وسيكون من الصعوبة بمكان أن يتغلب كليجدار أوغلو على أردوغان. لا بد من إرسال مندوبين من قبل المعارضة عند كل صندوق انتخابي للوقوف على الأرقام الرسمية، لأن هذا لم يحدث خلال الجولة الأولى وكان هناك أكثر من 20 ألف صندوق انتخابي لا يوجد عندهم مندوبين من تحالف المعارضة. يجب أيضاً على المعارضة أن تركز على أن هناك نحو 12 بالمئة من الناخبين لم يذهبوا إلى الانتخابات وهؤلاء يجب التركيز عليهم، فضلاً عن أن هناك حوالي 1 بالمئة أصواتهم كانت باطلة لأسباب تقنية وهؤلاء يجب توعيتهم بطرق التصويت السليمة، ويجب أيضاً العمل على جذب حوالي 6 بالمئة من الأصوات ذهبوا إلى سنان أوغان والمرشح المنسحب محرم إنجه. الواقع يقول إن كليجدار أوغلو كان فائزاً بالانتخابات ولكن تم التلاعب في الأرقام الرسمية، وهذا يجب أن تركز عليه المعارضة جيداً عبر نشر مندوبين عند كل الصناديق الانتخابية.