هل تسعى الإمارات لإعادة تعويم دمشق؟

القامشلي

بعد أن كانت سباقة في إعادة تطبيع علاقاتها مع حكومة دمشق منذ عام ألفين وثمانية عشر، تواصل الإمارات جهود إعادة تعويم دمشق ومحاولة إعادتها إلى المحيط الإقليمي والحضن الدولي، رغم المعارضة الكبيرة التي تبديها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى لأي تطبيع معها قبل ولوجها في مفاوضات حقيقية تقود إلى حل سياسي وفق قرارات الأمم المتحدة.

آخر الجهود الإماراتية، دعوة وجهها رئيس الإمارات محمد بن زايد إلى الرئيس السوري بشار الأسد لحضور مؤتمر المناخ “كوب28” المقرر عقده في مدينة دبي الإماراتية بعد نحو ستة أشهر، حيث سلم القائم بأعمال سفارة الإمارات في دمشق عبد الحكيم النعيمي، دعوة رسمية للأسد لحضور القمة، وذلك وفق ما أفادت به وكالة “سانا” السورية.

جهود إماراتية حثيثة لإعادة تعويم بشار الأسد
ورغم أن الإمارات وعدة دول عربية أخرى بينها السعودية، أعادت علاقاتها مع حكومة دمشق، كما أعلنت الجامعة العربية بعد اجتماعها الأخير في القاهرة إعادتها إلى مقعدها بالجامعة واستئناف مشاركة وفودها باجتماعات مجلس الجامعة والهيئات والمؤسسات التابعة لها، إلا أن مؤتمر المناخ “كوب28” تنظمه الأمم المتحدة وليس أبو ظبي، ويحضره قادة دول لا تزال تقطع علاقاتها مع دمشق ولا بل تفرض عليها عقوبات على رأسها الولايات المتحدة، ما يطرح تساؤلات حول جدوى حضور الرئيس السوري للمؤتمر ومدى موافقة المنظمة الدولية على ذلك، خاصةً مع استمرار العزلة الدولية على دمشق رغم عودتها للحضن العربي.

ومنذ الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا في السادس من شباط/ فبراير الماضي، كثفت الإمارات جهودها بشكل كبير لإعادة تعويم الرئيس السوري بشار الأسد، فزار وزير خارجيتها سوريا مرتين بعد الزلزال كما زار الرئيس السوري الإمارات والتقى الرئيس الإماراتي محمد بن زايد في ثاني زيارة له للبلاد بعد إعادة تطبيع العلاقات، قبل أن تحذو دول عربية عديدة حذو الإمارات في هذا السياق على رأسها مصر والسعودية التي زار وزير خارجيتها دمشق بعد زيارة وزير الخارجية السوري الرياض.

محاولة إضفاء الشرعية على حكومة دمشق
ويقول الباحث في العلاقات الدولية محمود أبو حوش في هذا السياق: “إن دعوة بشار الأسد للمشاركة في “كوب28″ في الإمارات له عدة دلالات أولها إضفاء نوع من الشرعية على نظام بشار الأسد، ويأتي في سياق ما تم مؤخراً من تقارب مع هذا النظام ولعل أبرزه عودة سوريا إلى مقعدها بالجامعة العربية، إلى جانب محاولة تعزيز وتوطيد العلاقات الثنائية العربية وخاصةً العلاقات الإماراتية السورية، مشيراً إلى أن الدولة الراعية للمؤتمر يحق لها دعوة الدول التي تريدها إلى المؤتمر، خاصةً أن سوريا عضو في الأمم المتحدة ويحق لها الحضور، رغم أن المؤتمر تنظمه الأمم المتحدة”.

ويضيف أبو حوش في تصريحات لمنصة تارجيت: “أن الدعوة تندرج في إطار محاولة الإمارات تعزيز التواجد السوري في المؤتمرات الدولية والإقليمية وتعزيز العلاقات السورية الإماراتية، إضافةً لمحاولة إخراج سوريا من العزلة الدبلوماسية والسياسية على المستويين الإقليمي والدولي”.

عراقيل عديدة تواجه إعادة تعويم دمشق
وإلى جانب استمرار المعارضة الأمريكية والأوروبية لأي إعادة للعلاقات مع حكومة دمشق، يقول محللون إن نجاح التطبيع مع الأخيرة وإعادة تعويمها إقليمياً ودولياً يواجه عراقيل عديدة على رأسها ضمان التزام دمشق بالتعهدات التي تقطعها على نفسها للمضي قدماً بعودتها إلى محطيها في ظل السيطرة الروسية والإيرانية على البلاد وقرارها، وبالتالي العودة إلى مبدأ “التسويف” الذي دأبت على اتباعه مع كل المبادرات التي طرحت لحل الأزمة بدءاً من مؤتمر جنيف، “والغرق في التفاصيل” على حساب المضي قدماً بخطط الحل المطروحة، ما يعني بقاءها مكانها دون تحقيق أي تقدم.

كما أنه يتضح من خارطة الطريق العربية التي تم طرحها بشأن الأزمة السورية وفق ما يعرف بـ”خطوة مقابل خطوة”، بدءاً من اجتماع جدة مروراً باجتماع عمان وصولاً إلى القمة العربية في جدة، أنها تركز أولاً على الجانبين الإنساني والأمني كخطوات أولية تمهد للحل السياسي لاحقاً، حيث تم التركيز على محاربة الإرهاب وتجارة وتهريب المخدرات وضمان “عودة آمنة” للاجئين السوريين إلى بلادهم، وتشكيل لجنة عمل عربية من عدة دول والأمين العام للجامعة العربية لمتابعة تنفيذ ذلك، ما يعني عدم الولوج في أي مفاوضات تقود إلى حل سياسي في المدى المنظور.

الدور الإيراني في سوريا
لكن يبقى البند الأهم المتعلق بإمكانية التحقيق في بيان اجتماعي جدة وعمان هو “التعويل على دور عربي قيادي في حل الأزمة السورية”، من حيث مدى موافقة إيران وروسيا على هكذا دور والقبول بالتنازل عن دور القيادة “خاصة فيما يتعلق بإيران”، في سوريا وبالتالي مدى قبول أي اتفاقات أو تسويات لا تضمن مصالح طهران، خاصةً أنها تعتبر أن لها الفضل في بقاء وعدم سقوط الرئيس السوري بشار الأسد وحكومته، الأمر الذي يتعارض مع بند آخر تضمنته الاجتماعات العربية بشأن سوريا المتضمن بضرورة خروج جميع القوات الأجنبية من الأراضي السورية ووقف التدخلات الخارجية بالشأن السوري، ما يجعل جدوى جهود التطبيع العربية مع حكومة دمشق في إيجاد حلول للأزمة السورية محل شك كبير، ومحل اختبار متروك للأيام والأشهر المقبلة.

قد يعجبك ايضا