هل يوافق “بايدن” على تشريع تجريم التطبيع مع بشار الأسد ؟

القاهرة ـ محمد إسماعيل

أقرت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي بأغلبية ساحقة مشروع “قانون محاربة التطبيع مع حكومة دمشق  لعام 2023،الذي طُرِح قبل بضعة أيام فقط، وسط توقعات بأن يوافق الرئيس الأمريكي جو بايدن على هذا التشريع بمجرد عرضه عليه بعد عرضه كذلك على مجلس الشيوخ، في أول رد فعلي أمريكي عملي عقب عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية.

وكان من الملاحظ أن التشريع حظى بموافقة الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وكان الاعتراض من عضو واحد فقط صوت بلا معترضاً على القواعد الإجرائية لا على نص القانون أو هدفه الرئيسي بتجريم التطبيع مع نظام بشار الأسد، وطلب فقط تعديل نص مشروع القانون بحيث تحمل مواده تمديداً لقانون قيصر ضد النظام السوري.

“بايدن” سيوافق على مشروع القانون بسبب جرائم النظام السوري

في هذا السياق، يقول الدكتور مهدي عفيفي القيادي العربي بالحزب الديمقراطي الأمريكي إن الرئيس الأمريكي جو بايدن سيوافق على مشروع القانون هذا، لأن النظام السوري ارتكب كثيراً من الجرائم التي تصنف بأنها جرائم ضد الإنسانية، مضيفاً، في تصريحات خاصة لمنصة “تارجيت” الإعلامية، أن الرئيس بايدن سيوافق عليه بدليل أن مشروع القانون حظى بموافقة الحزبين الجمهوري والديمقراطي وبالتالي كانت هناك إجماع بالموافقة عليه.

الدكتور مهدي عفيفي القيادي العربي بالحزب الديمقراطي الأمريكي

وقال “عفيفي” إن التشريع يعني إمكانية اتخاذ الولايات المتحدة إجراءات عقابية ضد النظام السوري وضد من يتعامل معه، لكن هذه العقوبات ربما تكون تدريجية ومرتبطة بطريقة تعامل النظام خلال الفترة المقبلة مع معارضيه، وبالتالي الهدف من مشروع القانون ألا يستفيد النظام السوري من فتح العلاقات معه، وإنما يكون وسيلة للضغط على سبيل المثال من أجل ضمان ألا يتعرض النظام السوري للسوريين العائدين من الخارج في ظل حديث خلال الفترة الأخيرة عن إعادة اللاجئين السوريين خصوصا من تركيا.

ما جرى في سوريا غير مقبول والنظام لا يجب أن تتم مكافئته

وشدد عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي على أن التشريع يحمل رسالة للنظام بألا يستسهل الأمر بعد قرار الجامعة العربية بعودة النظام إلى مقعده الشاغر، لأن ما حدث في سوريا غير مقبول ولا بد أن يكون له عواقب، كما أن مشروع القانون يحمل نوعا من أنواع التهديد من قبل الإدارة الأمريكية، بأن لدى واشنطن قانون موجود يمكن تطبيقه أو العمل بمقتضاه حال لم يقدم النظام السوري على خطوات ملموسة نحو الحل وأيضا إذا تعامل بشكل غير مقبول مع العائدين.

وفي ختام تصريحاته لمنصة “تارجيت”، قال “عفيفي” إن الكل يريد رحيل نظام بشار الأسد، لكن لظروف معينة النظام مستمر، لكن في الوقت ذاته هنا يأتي دور التشريع الذي نحن بصدد الحديث عنه على نحو لا يجعل النظام يشعر بأنه بعد كل هذا يتم مكافأته بعودته إلى الجامعة العربية.

تفاصيل التشريع الخاص بتجريم التطبيع مع النظام السوري

ومن المقرر أن يعرض مشروع القانون على مجلس الشيوخ للتصويت عليه، وسط مؤشرات بأن المزاج العام في مجلس الشيوخ أصبح مؤيدا لهذا التشريع وما يحتويه، وبالتالي يتوقع بدرجة كبيرة أن يمرر في مجلس الشيوخ ليتم إرساله إلى البيت الأبيض، حيث أن الرئيس جو بايدن سيجري اتصالات إقليمية مع الدول العربية ثم يصدر قراره إما بالموافقة عليه أو إعادته مرة أخرى إلى الكونجرس، لكن الأرجح أنه سيوافق عليه.

ووفقا لمسودة التشريع، فإنه يمنع الاعتراف من قبل الإدارة الأمريكية بشرعية النظام السوري أو تطبيع العلاقات مع أي حكومة سورية يقودها بشار الأسد والذي يخضع لعقوبات أمريكية، خصوصا بعد إقرار قانون قيصر عام 2020 والذي فرض حزمة كبيرة من العقوبات وصارمة على النظام السوري.

كما أن مشروع القانون يهدف إلى تعزيز قدرة واشنطن فيما يتعلق بفرض عقوبات على الدول التي تطبع العلاقات مع نظام دمشق ، أي أنه يحمل تحذيراً للدول العربية من تطبيع العلاقات مع حكومة بشار الأسد. وبحسب مسودة التشريع أيضا، يمكن أن يشمل الأمر أي شيء من شأنه التطبيع مع النظام السوري كالاجتماعات السورية العربية التي تشارك فيها مصر والسعودية والأردن والإمارات وتركيا، وبالتالي يحمل رسالة تحذير لكل من تركيا والدول العربية بأنه ستواجه عواقب وخيمة حال تعاملت مع بشار الأسد.

عودة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية

وجاء التشرعي الأمريكي بعد قرار جامعة الدول العربية بعد عدة اجتماعات تشاورية وتنسيقية عودة النظام السوري إلى مقعده الشاغر منذ عام 2011، فيما وجهت المملكة العربية السعودية الدعوة لرئيس النظام السوري بشار الأسد للمشاركة في القمة العربية التي تنطلق أعمالها الجمعة 19 مايو، وهي خطوة يرى كثير من المراقبين أن من شأنها إعادة تعويم النظام الذي لا يزال ينبذه الغرب.

وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية قالت إنه رغم قرار عودة دمشق إلى الجامعة العربية، فإنه لا يزال هناك قادة عرب يحتقرون الرئيس السوري بشار الأسد، إلا أنهم يرون في الوقت ذاته أن السياسات العربية التي استهدفت عزل سوريا أتت على أرض الواقع بنتائج عكسية وكانت سببا في توسيع النفوذ الإيراني، حيث قدمت طهران إلى جانب روسيا دعما غير مسبوق للنظام السوري ساعده على الاستمرار بعض أن كان في إحدى الفترات قاب قوسين أو أدنى من السقوط.

لكن في ظل اعتراض بعض الدول العربية على تطبيع العلاقات مع بشار الأسد دون إقدام الأخير على تقديم خطوات عملية في مسار الحل السياسي، جعل الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط يصرح بأن عودة دمشق إلى مقعدها لا يعني تطبيع العلاقات العربية مع النظام السوري، وإنما مسألة إقامة علاقات أمر متروك لكل دولة على حدا.

قد يعجبك ايضا