أفاد نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، بتاريخ التاسع من أبريل الجاري، بأن محطة علوك التي تغذي مدينة الحسكة وريفها بالمياه، خرجت عن الخدمة إلى إشعار آخر، بعد تشغيلها لما يقارب ٧٢ ساعة.
وأشار المرصد وقتها، إلى مُعاناة أهالي الحسكة من انقطاع المياه بشكل مُستمر، بذريعة وجود أعطال كثيرة في المحطة والخطوط الكهربائية وخطوط نقل المياه، التي تحتاج إلى صيانة، الأمر الذي شكل أعباء إضافية على الأهالي في البحث عن وسائل أخرى، لتأمين احتياجهم من المياه، ولا سيما الاعتماد على الصهاريج.
واستولت القوات التركية والفصائل المعارضة السورية الموالية لها، على منطقة رأس العين “سري كانييه”، إبان العملية العسكرية التي أطلقتها في عام ٢٠١٩ تحت مسمى “عملية نبع السلام”، التي تقع فيها محطة مياه علوك ضمنها، حيث عمدت إلى قطعها أكثر من 33 مرة منذ العام 2019، “في إطار استخدام المياه كسلاح للحرب”، وفق المرصد السوري، الذي اعتبر ذلك “انتهاكاً صارخاً للأعراف والمواثيق الدولية”.
علوك.. المصدر الوحيد للمياه بالحسكة
بالصدد، قالت المهندسة “نوار محمود صبري”، الرئيسة المشتركة لمديرية مياه الشرب في “مُقاطعة الحسكة”، في تصريح خاص لـ”منصة تارجيت الإعلامية”، حول خروج محطة علوك عن الخدمة بأنه “منذ احتلال رأس العين بالعام 2019، تعاني مدينة الحسكة، من انقطاعات المياه التي تأتي من علوك، وآخرها كان في 10\8\2022، بعدها حصل تدخل من قبل النظام والروس، لكن لم تأت تلك الاتفاقيات والمُحادثات بجدوى، حيث كانت تتضمن إعطاء الكهرباء مُقابل الماء، إذ كانت الإدارة الذاتية تعطيهم الكهرباء، بينما لم يكن هناك ماء”.
وبينت المسؤولة لـ”تارجيت”، مجموع المناطق التي تغذيها محطة علوك، فنوهت إلى أنها تشمل “مدينة الحسكة بشكل كامل، بالإضافة إلى أريافها، مثل: توينا، صفيا، وكان يمكن أن تصل إلى الهول كمدينة، ومنطقة الشقراء، أي كامل مناطق الريف المحيطة بمدينة الحسكة”.
وبخصوص اتهام الأهالي لمُسلحي المُعارضة بسرقة المعدات من محطة علوك، مما يحول دون تشغيلها بشكل الكامل، فقد ذكرت المسؤولة أنهم “لا يستطيعون الحكم على مدى جاهزية محطة علوك، وما إن كانت المعدات مسروقة أم لا، لأن الإدارة الذاتية لم تدخل المحطة منذ احتلالها”، كاشفة أن “الذي كان يدخل، كانت ورشة تشغيل من قبل النظام”.
لكنها أوضحت بأنه “سابقاً، كان فريق تشغيل محطة علوك يذهب إلى المحطة بالتنسيق مع الحماية الروسية، أما الآن في الاتفاق الأخير أو التشغيل الأخير، الذي بدأت المحادثات بخصوصه منذ 11\4، فقد وصلت المياه إلى الحمة في 18/4 حوالي الساعة 5 عصراً، وفي هذه المرة لم تدخل ورشة النظام، بل الجانب التركي هو مَن تكفل بتشغيل المحطة، والضمانات هذه المرة، كانت بتدخل منظمة اليونيسيف”.
هذا وتحتاج خزانات “الحمة” 24 ساعة على الأقل، لملء الخزانات ومن ثم توزيعها على أحياء الحسكة.
المياه سلاح للتهجير
ولطالما اتهمت “الإدارة الذاتية”، الجانب التركي باستخدام محطة علوك في إطار الحرب ضد مناطق شمال شرق سوريا، بهدف تفريغ المنطقة من سكانها والقضاء على مؤسساتها الذاتية، وهو قالت حوله “صبري”: “كل من يُراقب، يستطيع أن يستنتج أن قطع مياه علوك عن مُقاطعة الحسكة، هو في إطار سياسي، وإن الدولة التركية بقطعها للمياه، تصنع ضغطاً كبيراً على الإدارة الذاتية”.
مُتابعةً: “ومن الناحية المجتمعية، والناحية الإنسانية، هي تؤدي إلى أذية كبيرة، حيث أنها شريان الحياة لمدينة كاملة، وليس لهم حالياً أي مصدر بديل، وقد يؤدي استمرار انقطاع المياه، إلى هجرة الناس من المنطقة، لأن انقطاع المياه يشكل عبئاً معيشياً واقتصادياً، وحيث لا توجد مياه، لا يمكن أن تُوجد الحياة”.
الروس فقدوا مصداقيتهم
وحول وجود الضامن الروسي في المنطقة، وبخصوص اتهام بعض المراقبين لهم بأنهم متورطون مع تركيا، في قضية محطة مياه علوك، لرغبتها بالضغط على “الإدارة الذاتية”، بغية إعادة “الحكم المركزي”، قالت “صبري”: بصراحة من التجارب العملية التي نراقبها خلال الفترات الأخيرة، الضامن الروسي لم يكن يقف بجدية على آلية إعطاء الكهرباء مقابل الماء”.
مُستكملةً: “حيث لم نجد جدوى لذلك، إذ كانت الإدارة الذاتية تُعطي الكهرباء، ولم يكن هناك أي مياه تصل إلى مدينة الحسكة، من علوك”، مُستدركةً: “بالنسبة لتجاربنا، روسيا فقدت مصداقيتها كضامن، وهو ما ينبغي الاستفسار من روسيا حوله، بخصوص غايتها من ذلك”.
ويؤكد مراقبون بأنه لن يمكن في ظل التواجد العسكري التركي شمال سوريا، تخمين عدد المرات التي سيعمد فيها مُستقبلاً إلى قطع المياه عن الحسكة وشمال سوريا، بغية الضغط على “الإدارة الذاتية”، لكن بالمُقابل، يمكن القول بأن هذه الإشكالات ستبقى مُستمرة، ما دام ذلك التواجد العسكري غير الشرعي مُستمراً، وهو ما يُحتم على جميع السوريين، تضافر الجهود، سعياً لإنهائه، كونه سيكون مدخلاً واسعاً نحو الحلّ، وبداية لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا.