أَحمَد رَحَّال لـ “تَارجِيت”: العدالة تَتَطلَّب شَنْق مُرتكبِي “جَرِيمَة جِنْديرس”.. وبغيَاب واشنْطن كُلَّ اَلحُلول ترْقيعيَّة

تحدث المرْصد السُّوريُّ لِحقوق الإنْسان الثُّلاثاء\11 أبريل الجاري، عما تلا تنفيذ مجزرة جنديرس، التي طالت 4 مواطنين كُرد من عائلة واحدة، على يد ميليشيات “الجيش الوطني السوري” الموالي لتركيا، بذريعة احتفالهم بعيد النوروز القومي الكُردي.
حيث وعلى الرغم من مرور “أَكثَر مِن 20 يوْماً على جَرِيمَة نُوروز جِنْديرس”، أكد المرصد السوري أنَّ “القضَاء والْقانون لَم يَأخُذ مَجْرَاه فِي الجريمة، ولَا زال المتورِّطون بِارْتكابهَا دُون مُحَاسبَة وتكْتَفي الشُّرْطة العسْكريَّة والْفصائل الموالية لِترْكِيَا بِإيداعهم السِّجْن وسط تَأمِين الرَّاحة لَهُم”.

أمراء حرب
في بلد كسوريا، طحنته الحرب الأهلية المستعرة منذ أكثر من 12 عاماً، لم يعد غريباً الحديث عن غياب العدالة وقلب الباطل إلى حق، وهو ما ذهب إليه العميد السوري المُنشق عن قوات النظام “أحمد رحال”، والذي أكد لـ “منصة تارجيت الإعلامية”، أن تلك الأنباء ليست مُستبعدة، قائلاً: “كلنا نعرف أن الفوضى صنعها أمراء الحرب، في كل مناطق شمال غرب سوريا، التي تسمى بالمُحررة، وليس في عفرين فقط”.

مُتابعاً: “إذ سادت الفوضى، وسادت شريعة الغاب، القوي يقتل الضعيف، والكبير يبلع الصغير، وبالتالي ما أصاب أهلنا بعفرين، أصاب مُعظم المناطق، وفي الوقت الذي يمكن أن يكون هناك منفذ للإخوة الأكراد، بأن يتوجهوا إلى مناطق أخرى، الباقون ليس لهم مناطق يتوجهون اليها، والناس تعيش تحت سلطات الأمر الواقع، هذا هو الواقع، فوضى وضياع حقوق، غياب القانون والمسؤولية، هذا ما يحصل في عفرين ومحيطها”.

مجزرة جنديرس وقتل أبو غنوم
ولم يقف الأمر عند عدم أخذ القضاء مجراه، بل تجاوزه وتعداه إلى تقديم الشرطة العسكرية لخدمات خاصة لمُقترفي مجزرة جنديرس، إذ قال المرصد إِن “الشُّرْطة العسْكريَّة تَتَساهَل مع المتورِّطين بِالْجريمة لِحدٍّ كبير جِدّاً، لِدرجة السَّمَاح لِأحدِهم بِالتَّنقُّل مَا بَيْن مَنزلِه والسَّجْن دُون أيْ رَادِع قَانُوني أو أخْلاقيٍّ، وسط غِيَاب تامٍّ لِدَور القضَاء المسْتقلِّ وَهَيمنَة السِّلَاح على المشْهد وتحكُّم القادة العسْكريِّين بِزمام اَلأُمور، وَفْق مصالحهم الشَّخْصيَّة”.

وأكمل المرصد: “الشُّرْطة العسْكريَّة، تَسمَح لِأَحد الموْقوفين الثَّلاثة المتورِّطين بِالْجريمة مُنْذ إِلقَاء القبْض عَليهِم، بِالْخروج مِن السِّجْن والذَّهاب لِمنْزِله لِعدَّة ساعات كُلِّ 3 أَيَّام، حَيْث يَقضِي خِلَال السَّاعات اِسْتراحة فِي مَنزلِه لِلاسْتحْمام وتناول الطَّعَام، وأحْيانًا قَضَاء سَهرَة ثُمَّ يَعُود إِلى السِّجْن مِن جديد”.

وحول ذلك، قال أحمد رحال لـ “تارجيت”: “الجريمة التي حصلت بحق الأكراد الأربعة في عيد النوروز، مثلها مثل قضية الإعلامي محمد أبو غنوم، عندما قتله رئيس أمنية فصيل وبأمر من المُعلم، (هيك بده المعلم)، والتي أيضاً لم تصل إلى نتيجة، أي أن الموضوع ليس ضد الكُرد، بل ضد كل الناس بالمنطقة”.

“هؤلاء أمراء حرب، يدوسون على القانون ويقتلون من يشاؤون، ويسجنون من يشاؤون، ويعتقلون من يريدون”، يقول العميد المُنشق، ويستكمل: “لا يوجد قانون، ولا توجد سلطة أو مسؤولية، ولا توجد مُحاسبة، وبالتالي الموضوع ليس تساهل شرطة”، مُستدركاً باللهجة العامية السورية: “قرف رقبة، بيجوه بيشحطوهم كلهم للشرطة بحطوهم بالسجن”، إذا لم ينفذوا تعليماتهم”، في إشارة إلى عدم تمكن الشرطة العسكرية من الاعتراض على تنفيذ تعليمات قادة الفصائل المسلحة في عفرين.

الشنق المُباشر
ولا يُخفي العميد المُنشق امتعاضه من غياب القانون بالمناطق التي تُسيطر عليها المُعارضة السورية، فيقول لـمنصة تارجيت الإعلامية: “لو كانوا يخافون من الحساب، ولو كانت توجد سلطة تُحاسبهم، هل كانوا سيقتلونهم، الذين قتلوا محمد أبو غنوم، والذين قتلوا حسين خطاب، والذين حاولوا أن يقتلوا أكثر من شخص، وقتلوا الكثير واعتقلوا الكثير، هل هؤلاء خائفون من قانون؟، هؤلاء يطبقون القانون على هواهم، وكل المؤسسات تحت أحذيتهم، ينفذون ما يرغبون وأمام أعين الناس”.

وذكر رحال إنه شكك منذ البداية بسير عملية القصاص من الجُناة مُقترفي مجزرة جنديرس، فقال لـ “تارجيت”: “قالوا إنهم اعتقلوا المُجرمين، وأحالوهم إلى الجهات المُختصة، أنا انتقدت منذ اليوم الأول عملية إحالتهم إلى الجهات المُختصة، والتحقيق معهم، لأن القضية والجريمة واضحة، ولو وجدت عدالة، لجاء القاضي بالمُجرمين، خلال يوم واحد، وعقد لهم مُحاكمة، وعلقت المشانق، وشنقوا مُباشرةً”.

وتحدث عن توقعه لما سيحصل منذ تحويل مُرتكبي المجزرة لـ “الجهات المختصة”، بأنه “عندما تأخذونهم إلى السجن، بعد فترة نجد بأنكم قد هربتم الجُناة”، في إلى إشارة إلى أن مُحاكمة الجُناة، صوريّة، حيث سيفلتون بجريمتهم التي حصلت أمام عيون أهالي المنطقة جميعاً.

أنقرة ودمشق
وليس بعيداً عن ملف الميليشيات المُسلحة التابعة للمُعارضة السورية، والتي يبدو أن المساحات تضيق أمامها شيئاً فشيئاً، خاصة مع توجه الطرف التركي لمُصالحة حكومة دمشق، رأى العميد المُنشق أن تلك “الفصائل أنشئت لمهمة محددة، ويبدو أنها اقتربت من إنهاء مهامها، وبمُجرد أن تُعقد مُصالحة تركية-أسدية، ستنتهي مهمة الفصائل، حيث سيتصالح قسم منها مع النظام ويعيش معه، أما القسم الذي لا يُصالح، فسوف يُصادر سلاحه رغماً عنه، وينتهي موضوعه”، مُشدداً: “هذا ما أراه في الأيام القادمة”.

لكن ورغم ذلك، لا يرى “أحمد رحال” أن للسلطة في دمشق، آمالاً كبيرة بإعادة تعويمها دولياً، على الرغم من المُصالحات والزيارات التي يُجريها مسؤولوها لبعض العواصم العربية مُؤخراً، إذ أن كل العُقد تمر من واشنطن، والأخيرة لا زالت مُصرة على مُحاسبة رأس السلطة الحاكمة.

إذ قال رحال لـ “تارجيت”: “بموضوع المصالحات التي تُعقد مع الأسد، سواء أكانت إقليمية أو عربية، لا أرى أنها ستؤدي لشيء، لن تؤدي إلى أي نتائج، طالما إنه لا توجد حلول جذرية للقضية السورية”.

مُستدركاً: “كل الحلول هذه، حلول عشوائية، إذ لا يوجد قرار أممي يُطبق، ولا يوجد قرار بالإعمار، والأخير بيد الولايات المتحدة الأمريكية، لا يوجد إجماع دولي، بل يوجد رفض أوروبي وأمريكي، وحتى من بعض الدول العربية، وبالتالي أنا لا أرى إن المُصالحات من الممكن أن تؤدي إلى أي نتيجة”.

بدون واشنطن.. الحلول ترقيعية
إلا أن العميد المنشق لم يُنكر بأن تلك المُصالحات والتطبيع، قد تجذب للسلطة الحاكمة في دمشق بعض الثمار الصغيرة، فقال: “ممكن أن تُقطف لها ثمار اقتصادية بسيطة، أو ثمار سياسية بسيطة، أو ثمار انتخابية للبعض، لكن على أرض الواقع، لن يتغير الواقع السياسي نهائياً، طالما أن الولايات المتحدة الأمريكية تقول إن الحرب تمر عبر القرار 2254، وعبر قانون كبتاغون الأسد”.

وختم العميد المنشق بالقول: “الواقع على الأرض يقول، إن لم تكن الولايات المتحدة موجودة بحل جذري، فإن جميع الحلول الأخرى، حلول موضعية، جزئية وترقيعية، لن تغير من الواقع، و14 مليون لاجئ لن يعودوا وبشار الاسد في السلطة، لن يعودوا للأمن التابع للنظام، واستخبارات النظام، الناس التي ضحت بكل شيء، ليست مُستعدة للقبول ببقاء بشار الأسد”.
وعليه، لا يبدو أن السلطة الحاكمة في دمشق، ستكون قادرة على إعادة تعويم نفسها، إذ يُجمع غالبية المُراقبين، على أن الإطاحة بها ستتم عندما تُقرر واشنطن حل المُعضلة السورية، وفرض حل شامل على كل الأطراف الداخلية والإقليمية.

قد يعجبك ايضا