عقدت الأربعاء\الثامن من مارس، اللجنة العربية الوزارية المعنية بالتدخلات التركية في الشؤون الداخلية للدول العربية، اجتماعها بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية بالقاهرة، حيث ناقشت التدخلات التركية.
وأعربت اللجنة عن قلقها من استمرار التواجد العسكري التركي في كل من ليبيا والعراق وسوريا، مشددة على ضرورة سحب تركيا لقواتها من تلك الدول بشكل فوري، داعيةً لأهمية تعاون الحكومة التركية لاتخاذ كافة التدابير التي من شأنها التصدي لعمليات رعاية وتجنيد وتدريب ونقل الإرهابيين الأجانب والمرتزقة داخل حدود الدول العربية حفاظا على سيادة الدول وضمانا استقرارها.
لكن البيان رغم أهميته، لا يُعتبر الأول من نوعه، إذ لطالما صدرت بيانات مُشابهة خلال السنوات السابقة، بالأخص عندما كانت السياسات التركية واضحة باتجاه مُحاولات التوسع في ليبيا وسوريا، قبل أن تتحول إلى الانكفاء الداخلي منذ بداية العام 2022، عندما بدأت التصريحات التركية تتحدث عن مُصالحات مع الدول العربية.
“لا يستحق الحبر الذي كتب به”
وفي هذا الصدد، انتقد الباحث المصري المُختص في الشأن التُركي والكُردي “مُحسن عوض الله” بيان اللجنة العربية، خلال تصريح خاص لـ”منصة تارجيت”، وقال فيه: “البيان لا يستحق الحبر الذي كتب به، ليس له أي قيمة، ولن يمثل أي ردة فعل، شأنه شأن عشرات بل مئات البيانات التي تتحدث يومياً عن الانتهاكات الإسرائيلية في المنطقة”.
مُردفاً: “هذه عادة عربية، يقولون إذا أردت أن تُميت شيئاً أصنع له لجنة، فوجود اللجنة هو أكبر دليل على أن قضية تركيا، ليس لها أدنى اهتمام داخل الدول العربية، بدليل أن هناك لجنة لمُقاومة التطبيع، ورغم ذلك هناك الاتفاقيات الابراهيمية التي تقوم بها الدول العربية، وتتوسع العلاقات مع إسرائيل، وهي في الأوج”.
مُستبعداً استجابة تركيا للبيان بخصوص سحب قواتها وميلشياتها من الدول العربية ووقف انتهاكاتها، مستدركاً: “تركيا لم ترد على البيان، لأنها تعلم أنه مُجرد حبر على ورق”.
تركيا تحتل الأرض والبشر
وتتكون اللجنة الرباعية المعنية بمتابعة التدخلات التركية في الشؤون الداخلية للدول العربية، من أربعة دول هي مصر كرئيس اللجنة، والإمارات والبحرين والسعودية، وجاء عقد اجتماعها السادس بحضور الأمين العام للجامعة العربية على هامش اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته العادية، التاسعة والخمسين بعد المئة.
وقد أبدت اللجنة رفضها لأي مساس بالتركيبة الديموغرافية في بعض المناطق الواقعة تحت السيطرة التركية، وهي إشارة جلية للوقائع في شمال سوريا، ضمن المناطق التي سيطرت عليها تركيا عسكريا منذ العام 2016، وتعقيباً على ذلك قال “عوض الله”: “ما يحدث في شمال سوريا هو محاولة استيطان كاملة، لسلخ جزء كبير من الأرض السورية وضمها للسيادة التركية، من خلال تتريك التعليم ورفع صور أردوغان واستخدام العملة التركية”.
مُتابعاً: “كل هذه عوامل احتلال، فتركيا تحتل بشكل كامل الشمال السوري، وللأسف هي لا تحتل الأرض فقط، بل نجحت بشكل ما في احتلال البشر، فقطاع كبير من السوريين المتواجدين في الشمال السوري، مُهللون للوجود التركي، ويرحبون باحتلال عفرين، ويعتبرون أن الانضمام للدولة التركية أفضل لهم، وبالتالي لن تجد هناك مقاومة للوجود التركي، وقد تكون هذه المنطقة ومناطق أخرى، جزء من صفقة يتم الإعداد لها، في المُخطط النهائي للسيناريو السوري”.
لن تستجيب إلا عندما تكون مُهددة
كما دعت اللجنة العربية تركيا، لاحترام الحقوق المائية لكل من سوريا والعراق، ووقف إقامة سدود على منابع نهري دجلة والفرات، والتي تُؤثر سلباً على الحقوق المائية للدولتين، علماً أن البلدين يعانيان من شح كبير بسبب السدود التركية، فيما تزعم تركيا أن الجفاف سببه العوامل المناخية وقلة الامطار.
الباحث المصري المختص في الشأن التُركي والكُردي، قال حول ذلك لـمنصة “تارجيت”: “تركيا لن تتراجع، وتهدف لتجويع شعوب شمال وشرق سوريا، وإحداث أزمات غذائية من خلال تدخلات عسكرية، وبالتالي الهدف لن يكون انسانياً، وحتى لو ماتت كل شعوب سوريا وشمال العراق، هذا الأمر لن يحرك ساكناً تركياً”.
مُؤكداً: “لن تتوقف ولن تستجيب تركيا، لبيان كتبه مجموعه عرب، حتى لو بصفة رسمية، لكنها ستقوم بفتح السدود عندما تحدث كارثة، كما شاهدنا بعد الزلزال، حيث تم فتح سد أتاتورك بعض الشيء، فيما سيبقى الجفاف جزءً موجوداً وستبقى المياه هي جزء من الحرب التي تشنها تركيا، على شعوب المنطقة، ولن تستجيب لأي نداءات أخرى، ولن تفكر في حل الأزمة إلا عندما تكون تركيا نفسها مُهددة”.
الموقف الحقيقي للدول العربية
وسرد “عوض الله” بعض المُعطيات التي تؤكد عدم جدية الموقف العربي من تركيا، قائلاً لـ”تارجيت”: “إذا أردنا أن نعرف الموقف الحقيقي للدول العربية، لننظر إلى أحدث الأخبار”.
مُستطرداً: “السعودية قدمت 5 مليارات دولار للبنك المركزي التركي، لمساعدة أردوغان على مُواجهة تداعيات الزلزال، ودعمه ربما في الانتخابات المُقبلة، كما هناك تطبيع قوي جداً مع مصر، رغم الخلافات التي حدثت، وربما نرى أردوغان قريباً في القاهرة، أو نرى السيسي في أنقرة”.
مُستكملاً: ” أما العلاقات مع الجزائر وليبيا، فهي أحلى من السمن على العسل، والإمارات تحولت وأصبح أردوغان حليفها الاستراتيجي”، ومُختتماً: “بالتالي لا اعتقد أنه يمكن التعويل على أي موقف عربي من التدخلات التركية بالمنطقة”.