دعوة عربية لخروج الجيش التركي من سوريا والعراق وليبيا

التدخلات التركية التي لا تتوقف في عدة دول عربية وإقليمية، على رأسها سوريا والعراق وليبيا وقبرص، تقابلها دعوات متواصلة لتركيا بضرورة وقف هذه التدخلات واحترام سيادة الدول الأخرى وسحب جيوشها المنتشرة في هذه الدول والتوقف عن تأجيج التوترات في المنطقة، وإفساح المجال لشعوب هذه الدول للبدء بحوار سياسي حقيقي يقود إلى حل نهائي لأزماتها بعيداً عن التدخلات الخارجية في شؤونه.

آخر تلك الدعوات، بيان صادر عن اللجنة الوزارة العربية المعنية بالتدخلات التركية في الشؤون الداخلية للدول العربية خلال اجتماع في الأمانة العامة للجامعة العربية بالعاصمة المصرية القاهرة، أكدت فيه على “ضرورة سحب تركيا قواتها المنتشرة في كل من سوريا والعراق وليبيا بشكل فوري”، معربةً عن “قلقها من استمرار التواجد العسكري التركي في هذه الدول”.

كما طالبت اللجنة الحكومة التركية “بالتعاون لاتخاذ كافة التدابير التي من شأنها التصدي لعمليات تجنيد وتدريب ونقل الإرهابيين والمرتزقة إلى داخل حدود الدول العربية خاصة سوريا وليبيا، والعمل من أجل الحفاظ على سيادة هذه الدول واستقلالها”، مشددةً على “الرفض العربي المطلق لأي مساس بالتركيبة الديمغرافية في بعض المناطق المحتلة من قبل تركيا خاصةً بالشمال السوري، والتأكيد على ضرورة احترام كافة قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بليبيا وعلى رأسها إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من أراضيها”.

محاولات عربية لإظهار موقف قوي ضد التدخلات الأجنبية
الباحث في العلاقات الدولية محمود أبو حوش، قال في حديث لمنصة تارجيت: “إن البيان هو بيان دولي يصدر عن جامعة الدول العربية، لكن توقيته من حيث أنه جاء بعد كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا فيه إحراج للقيادة التركية بأن تتحلى بروح الحكمة وأن تسحب قواتها من الأراضي العربية وتحترم سيادة واستقلال الدول العربية وتلتزم بشراكاتها مع هذه الدول سواءً العراق أو سوريا أو ليبيا وأن تعزز الإطار الرسمي في التعاملات مع هذه الدول، خاصةً مع فكرة إظهار الجانب الإنساني من الجيران العرب تجاه أزمة الزلزال الذي ضرب مناطق بجنوبها”، مشيراً إلى أن “الدول العربية تحاول أن تثير موقف قوي تجاه التدخلات الأجنبية لاسيما التدخل التركي خاصة بسوريا التي تتغلغل فيها القوات التركية بشكل كبير وغير مسبوق، ومحاولة الدول العربية إظهار التكاتف مع الشعب السوري ودعم الحكومة السورية بعد كارثة الزلزال لمواجهة آثاره”.

توقعات بتغير موقف تركيا من التدخل بالدول الأخرى حال فوز المعارضة
أبو حوش، أضاف أنه لا يعتقد أن “الحكومة التركية في ظل القيادة الحالية سوف تستجيب في الوقت الحالي للمطالب العربية لكن من الممكن أن تلتمس بعض المواقف والردود الدبلوماسية، لكن في حال تغير القيادة الحالية خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة خاصة مع توحد موقف تحالف المعارضة، فإن الموقف التركي سوف يكون مغايراً تماماً من التدخل في الدول الأخرى سواءً في سوريا أو في العراق وليبيا، إما في حال استمرار القيادة الحالية فإن التعامل العربي معها سيكون مقتصراً على بعض التعاون ولن يكون هناك مزيد من تطبيع العلاقات مع تركيا”.

ومنذ اندلاع الأزمة السورية عام ألفين وأحد عشر، انخرطت تركيا فيها بشكل مباشر عبر دعم فصائل مسلحة معارضة لحكومة دمشق وفتح حدودها أمام دخول الأسلحة والعناصر الإرهابية إلى الأراضي السورية، قبل أن تتدخل قواتها بشكل مباشر وتحتل جرابلس والباب عام ألفين وستة عشر ولاحقاً عفرين ورأس العين/ سري كانيه وتل أبيض/ كري سبي عامي ألفين وثمانية عشر وألفين وتسعة عشر، وسط اتهامات لها بتنفيذ عمليات تغيير ديمغرافي ممنهجة في هذه المناطق عبر تهجير السكان الأصليين وإسكان مستوطنين قادمين من مناطق سورية أخرى بدلاً عنهم، من خلال بناء مستوطنات بأموال قطرية وكويتية”.

وفي العراق، ينتشر الجيش التركي في عشرات القواعد العسكرية التي أنشأها منذ عام ألفين وأربعة عشر أبرزها قاعدة زليكان في منطقة بعشيقة قرب مدينة الموصل وتضم أكثر من ألف جندي تركي، إلى جانب عدة قواعد في إقليم كردستان الذي يشن الجيش التركي هجمات متكررة في أراضيه لاسيما المناطق المحاذية للشريط الحدودي، تسفر عن سقوط قتلى وجرحى ناهيك عن الخسائر المادية الكبيرة بممتلكات المدنيين وحركة نزوح كبيرة للسكان نحو المناطق الأكثر أمناً، ودعوات خجولة للحكومة الاتحادية في بغداد للتدخل واتخاذ مواقف عملية من الانتهاكات التركية المتكررة للأراضي العراقية. ناهيكم عن التدخل المباشر في ليبيا وإنشاء قواعد عسكرية غرب البلاد، وإرسال مئات الجنود وآلاف المرتزقة السوريين لدعم ما تسمى بـ”حكومة الوفاق” برئاسة فايز السراج منذ عام ألفين وتسعة عشر ولاحقاً الحكومة المنتهية ولايتها برئاسة عبد الحميد الدبيبة، رغم اتفاق الأطراف الليبية في جنيف عام ألفين وعشرين، على ضرورة خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية كخطوة سابقة لإجراء الانتخابات.

ومن بين ما نص عليه بيان اللجنة الوزارية العربية، ضرورة احترام تركيا للحقوق المائية لكل من سوريا والعراق، ووقف إقامة السدود على منابع نهري دجلة والفرات مما يؤثر على الحقوق المائية ونقص كبير في حصة البلدين من مياه الأنهار بموجب الاتفاقيات التي جرى توقيعها قبل عقود، وما ينتج عن ذلك من آثار سلبية إنسانية وبيئية وزراعية.

قد يعجبك ايضا