وصل المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، الأربعاء\الثاني من مارس الجاري، الى محافظة إدلب آتياً من تركيا المجاورة، زائراً لثلاثة مستشفيات في بلدات باب الهوى وعقربات وسرمدا، بجانب تفقدّه مركز إيواء للمتضررين من الزلزال في بلدة كفرلوسين.
ودعا غيبرييسوس، المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم للسكان المتضررين جراء الزلزال في شمال غرب سوريا، وذلك في أول زيارة لمسؤول أممي رفيع المستوى إلى مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً).
وقال غيبرييسوس خلال مؤتمر صحافي عقده إثر الجولة: “يحتاج السكان في شمال غرب سوريا إلى مساعدة المجتمع الدولي للتعافي وإعادة البناء”، متابعاً: بأنه على “المجتمع الدولي والحكومات بذل أقصى الجهود من أجل مساعدة أولئك الذين يعانون من خسارة لا يمكن تصوّرها، ومن الفقر والحرمان” بعدما ضاعف الزلزال احتياجات المنطقة التي تعيش أساساً ظروفاً إنسانية صعبة.
لكن الزيارة ورغم أنها تبدو في إطار الجهود الدولية لإغاثة المتضررين من الزلزال، تبدو مُثيرة للريبة للمراقبين، من احتمالية أن تفتح أبواباً موصدة أمام “أبو محمد الجولاني”، متزعم “هيئة التحرير الشام”، وهو تنظيم مُصنف إرهابياً، وتستجلب تعويماً له، على غرار ما يجري مع “حكومة دمشق”، التي استغلت الزلزال لفتح أبواب المحيط العربي، المُغلقة لأكثر من عقد الزمان.
فصل السياسة عن الناحية الإنسانية
وفي هذا الصدد، قال “أياد الخطيب” وهو عضو مكتب العلاقات في “مجلس إدلب الخضراء”، في حديث مع “منصة تارجيت” حول الزيارة وتبعاتها: “في البداية يجب علينا الفصل ما بين الحالة المعيشية التي يعيشها سكان إدلب، وما بين سلطة الأمر الواقع المتمثلة بتنظيم هيئة تحرير الشام المصنف إرهابياً، هناك حالة إنسانية ومعيشية مفروضة على سكان إدلب، على الصعيد الإنساني بسبب النزوح وبسبب مصاعب الحياة، وهناك أزمة أيضاً بسبب سيطرة هذه التنظيمات الإرهابية على المنطقة”.
وبالنسبة لتقييم الزيارة على الصعيد الإنساني، ذكر “الخطيب” أن الزيارة جيدة، ويمكن أن تكشف الحقائق وما جرى ويجري في إدلب، خاصة مصير السكان الذين يرزحون تحت سلطة الأمر الواقع، التي “تفرض عليهم أشد أنواع القسوة في معيشتهم، وفي ظروفهم الحياتية وتفرض عليهم عزلة دولية بسبب تواجدها، وأخيراً موضوع الزلزال، فـ”هناك كارثة حقيقية يعيشها الأهالي، ولا بد للوفود الأممية من أن تفصل بين الناحية السياسية والناحية الإنسانية”.
تركيا مسؤولة عن وجود “النصرة”
“السكان يحتاجون الى مزيد من الدعم والرعاية الأممية وتفعيل العامل السياسي”، يُشير “الخطيب” وهو عضو كذلك في المجلس العام لـ”حزب سوريا المستقبل”، ويردف: “لا ننسى أن وجود هيئه تحرير الشام وسيطرتها على إدلب كان بتسهيل من دولة الاحتلال التركي، ومساعدتها في طرد جميع الفصائل المعارضة من هناك وعلى رأسها الفصائل المعتدلة”، محملاً “تركيا مسؤولية ما يجري في إدلب، من سيطرة التنظيمات الإرهابية، لأنها كانت السبب الرئيسي في وصول هيئه تحرير الشام وسيطرتها على تلك الجغرافيا”.
لكن لا يعتقد “الخطيب” أن زيارة مسؤول منظمة الصحة العالمية، بأنها “اعتراف ضمني بهيئة تحرير الشام”، متابعاً “ربما تعمل الأمم المتحدة حالياً بسبب الزلزال، على الفصل ما بين الحالة الإنسانية والحالة السياسية المفروضة على أهالي ادلب، بينما حالة الاعتراف الدولي، فتأتي دائماً بضغط من قوات الاحتلال التركي التي تسعى إلى تعويم هيئة تحرير الشام بشكل غير مباشر، وفرضها على المجتمع الدولي كسلطة أمر واقع”.
منوهاً إلى أن ادلب منذ سيطرة “هيئة تحرير الشام”، معزولة دولياً عن زيارة الوفود الدولية، والرعاية الأممية المباشرة، وهو ما أثقل كاهل السكان، متابعاً: “لا ننسى ان هذه التنظيمات الإرهابية هي أيضا من ترعى مصالح دولة الاحتلال التركي، حيث كانت قواعد الاحتلال التركي وقواته المتواجدة في الجغرافيا السورية، متواجدة وتسير برعاية وحماية هيئه تحرير الشام، ويقدمون لها الدعم اللوجستي والدعم على الأرض”.
مُستدركاً: “ربما المجتمع الدولي فصل ما بين موضوع السياسة والجانب الانساني في ظل أزمة الزلزال المفاجئ، ولا نتمنى أن تكون للزيارة الأممية أبعاد سياسية بتعويم هيئه تحرير الشام كسلطة أمر واقع، نتمنى ان يفصل المجتمع الدولي الناحية الإنسانية عن الناحية السياسية”.
أزمات على كافة الصعد بمناطق “حكومة دمشق”
وجاءت زيارة غيبرييسوس الى منطقة إدلب، بعد رحلة قام بها في 11 فبراير الماضي، إلى مدينة حلب، في طائرة حملت حوالي 37 طناً من الإمدادات الطبية الطارئة استجابة للزلزال.
وحول ذلك، قال عضو مكتب العلاقات في “مجلس إدلب الخضراء”: “بالنسبة للنظام السوري، حاول وسعى لاستغلال أزمة الزلزال لتعويم نفسه، ومحاوله كسب تعاطف الدول والمنظمات الدولية، للتعامل مع الحكومة السورية”، مُستكملاً: “النظام السوري استغل الأحداث لصالحه وجيّش لها عربياً وإقليمياً، فشاهدنا الوفود العربية والدعم العربي والإقليمي الذي قدم للنظام بذريعة الزلزال الذي ضرب المنطقة”.
وتمنى عضو المجلس العام لـ”حزب سوريا المستقبل”، أن تتعاطى الأمم المتحدة مع أزمة الداخل السوري كما تتعاطى مع ما جرى في غرب سوريا، “لأن الواقع الذي تعيشه المناطق الخاضعة لسيطرة النظام واقع أليم وانساني مرير، إذ هناك أزمة على كافة الصعد، فرضها وجود النظام، وفساد المؤسسات الإدارية لديه، وقد شاهدنا أزمة غذاء وأزمة محروقات، وأزمات أخرى تضرب السكان الذين يرزحون تحت وطأة سلطة دمشق”.
الخشية من استخدم المعابر لإيصال الأسلحة
وقد التقى غيبرييسوس في الثاني عشر من فبراير الماضي، مع “بشار الأسد” في دمشق، ونقل عنه انفتاحه على استخدام الأمم المتحدة لمعبرين، خارج نطاق سيطرة حكومة دمشق، من أجل إيصال المساعدات عبر الحدود الى المناطق المتضررة من الزلزال والخارجة عن سيطرة القوات الحكومية.
وبخصوص ذلك، بيّن “الخطيب”: الأهالي بحاجة إلى دعم مباشر، وشاهدنا المُبادرات من قبل الإدارة الذاتية لإرسال المساعدات إلى مناطق شمال غرب سوريا، وإلى المناطق الحكومية، بشكل منفصل”، متاسفاً كونه “لم يتم السماح لها من قبل قوات الاحتلال التركي، بالدخول والوصول إلى الأهالي المتضررين والمنكوبين هناك”، وبالنسبة لفتح المعابر، أشار “الخطيب”: “طالما أن هذه المعابر تعمل على إيصال فقط المساعدات الإنسانية وما يستلزم وجود الأهالي، فنرى إنها خطوه جيدة، لكن نخشى أن تُستخدم هذه المعابر لإيصال الدعم والأسلحة من قبل بعض الأطراف الدولية للتنظيمات الإرهابية”.
التنسيق بين “حكومة دمشق” و”هيئة تحرير الشام”
أما عن إمكانية فتح زيارة غيبرييسوس، باب التنسيق بين “حكومة دمشق”، و”هيئة تحرير الشام”، رأى عضو المجلس العام لـ”حزب سوريا المستقبل”، وعضو مكتب العلاقات في “مجلس إدلب الخضراء”، أن حكومة دمشق وهيئة تحرير الشام، ليسا بحاجة إلى تلك الزيارة، ليتواصلوا مع بعضهم، مُؤكداً: “هناك تنسيق على أعلى المستويات بين حكومة دمشق وهيئة تحرير الشام، سواء في المعابر أو غيرها، حيث هناك معبر الترنبة في سراقب، وتدخل من خلاله المساعدات، كما يجري خلاله التبادل التجاري على نطاق محدود بين الطرفين”.
مُفسراً بأن “التنسيق بين هيئه تحرير الشام والنظام السوري، جار على قدم وساق من خلال بوابة الآستانة، حيث كانت هيئة تحرير الشام مُلتزمة بكل مُقرراتها، وبكل ما جرى فيها”، لافتاً: “يقود التنسيق ما بين تحرير الشام والنظام السوري، أطراف دولية، هي الجانب التركي والجانب الإيراني والجانب الروسي”.
مُختتماً حديثه لـ”منصة تارجيت” بالقول: “هيئة تحرير الشام ما هي إلا دمية بيد قوات الاحتلال التركي، توجهها كيفما شاءت، وشاهدنا كيف كانت تركيا تسعى جاهدة إلى التواصل مع النظام السوري وإعادة العلاقات معه، وما يتم تطبيقه بالنسبة للسياسة التركية، يتم تطبيقه بالنسبة لهيئة تحرير الشام”.