على وقع حرب مستمرة.. وفود عربية تزور دمشق بعد كارثة الزلزال

منذ الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا قبل أكثر من ثلاثة أسابيع والتقارير تتوالى عن مساع حكومة دمشق لاستغلال الكارثة للخروج من العزلة السياسية المفروضة عليها منذ اندلاع الأزمة السورية قبل نحو اثني عشر عاماً، محاولة استثمار مأساة السوريين وما تسميه صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية “دبلوماسية الكوارث” للعودة للمسرح الدولي، حيث قالت إن هزة أرضية قوية ضربت تركيا وسوريا قذفت معها الرئيس “الديكتاتوري” السوري بشار الأسد إلى دائرة الضوء العالمية.

ومع استمرار الحرب المدمرة التي أتت على جميع مقدّرات البلاد، تتواصل زيارات المسؤولين العرب إلى العاصمة السورية دمشق ولقاء الرئيس السوري بشار الأسد، فبعد يوم على زيارة وفد من الاتحاد البرلماني العربي للتأكيد على دعم حكومة دمشق بعد الزلزال، وصل وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى العاصمة السورية للتأكيد على وقوف مصر إلى جانب سوريا ودعمها في مواجهة الكارثة، وفق ما أعلنت الخارجية المصرية.

عضو هيئة التفاوض السورية عن منصة القاهرة أحمد شبيب، قال في تصريحات لمنصة تارجيت، إن النظام حاول استغلال كارثة الزلزال التي زادت آلام ومعاناة السوريين بالداخل، ولم يقتصر الأثر السلبي على المنكوبين بل اتسع ليشمل أقاربهم في الخارج وعموم السوريين، مضيفاً أنه “من المعيب” استغلال الكارثة الطبيعية لغايات سياسية وإعلاء الصوت لرفع العقوبات وكأنها السبب في الحال الذي وصلت إليه سوريا، كما أنه من المؤسف أن قدر السوريين هو مواجهة نرجسية النظام في الوقت الذي تكاسل الجميع عن نجدتهم والاستجابة لمأساتهم لأسباب سياسية أو بيروقراطية.

زيارات الوفود العربية إلى دمشق، بدءاً بوزيري الخارجية الإماراتي والأردني ووفد الاتحاد البرلماني العربي وصولاً إلى وزير الخارجية المصري، تسلّط الضوء مجدداً على التقارير التي تناولت المساع العربية بقيادة الإمارات لتطبيع العلاقات مع الحكومة السورية، وذلك رغم عدم حدوث أي اختراق في ملف مفاوضات الحل السياسي السوري المجمّد أصلاً، في إطار ما يقول محللون إنه محاولات عربية لتقليص الدور الإيراني في سوريا ومحاولة أخذ دور في تسوية سياسية تقود لإنهاء الأزمة التي خلفت مئات آلاف القتلى والجرحى وملايين النازحين واللاجئين، وما نتج عنها من تبعات وصلت إلى دول الخليج أبرزها رواج تجارة وتهريب المخدرات على الحدود السورية الأردنية التي يتهم فيها بالدرجة الأولى حزب الله اللبناني وفصائل تابعة لإيران.

شبيب، اعتبر أنه من المبكر الحديث عن تغير في مواقف الدول العربية تجاه حكومة دمشق، لأن هذه الدول لا تختلف حول الثابت الوحيد في الحالة السورية وهو ضرورة إنجاز انتقال سياسي حقيقي، لكن أي مقاربات تكتيكية ستفشل لأن النظام لن يتعاطى بإيجابية مع أي حل سياسي حقيقي، وهنا لا بد من التذكير أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية والعديد من الدول العربية الأكثر تأثيراً ترفض التطبيع مع النظام إلا بتحقيق الانتقال السياسي الشامل الذي يحظى بموافقة ورضا السوريين ويتوافق مع قرارات الشرعية الدولية، على حد تعبيره.

تمديد فتح المعابر مقابل استمرار تجميد العقوبات
في غضون ذلك، أفادت تقارير إعلامية غربية، أن محادثات سرية تجري بين حكومة دمشق ودول عربية، لبحث تمديد فتح المعابر مع تركيا، مقابل تمديد تجميد العقوبات الأمريكية على دمشق، والتي تم رفع جزء منها بعد كارثة الزلزال لتسهيل مرور المساعدات الإنسانية للمتضررين، مشيرةً إلى أن زيارات مسؤولين عرب على رأسهم وزيرا خارجيتي الإمارات والأردن إلى العاصمة السورية دمشق وزيارة الرئيس السوري إلى سلطنة عمان تصب في هذا الجانب، وذلك بالتزامن مع تصريحات لوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان خلال مؤتمر ميونخ للأمن في ألمانيا، قال فيها إن هناك إجماع عربي وعالمي على أنه لا يمكن استمرار الوضع في سوريا على ما هو عليه، مضيفاً أنه لا بد في فترة ما من الحوار مع حكومة دمشق من أجل بحث مساعدة المتضررين من كارثة الزلزال وضمان عودة آمنة للاجئين السوريين إلى ديارهم وذلك في ظل غياب أي سبيل لتحقيق “الأهداف القصوى” من أجل حل سياسي ينهي الأزمة السورية المستمرة منذ عام ألفين وأحد عشر.

عضو هيئة التفاوض السورية عن منصة القاهرة أحمد شبيب، لفت في حديثه لمنصتنا إلى أن موضوع المعابر السورية مع تركيا يتم استغلاله من أجل ما أسماه “رسائل غزل جوفاء” روسية_ تركية و”سورية”_ تركية وبرضا حذر من الأمم المتحدة التي يمكن وضع العديد من إشارات الاستفهام حول أدائها خلال كارثة الزلزال سواء للاستجابة الإنسانية أو التصريحات “العبثية غير المجدية”، مشدداً على أن نقطة الضوء الأكثر أهمية هي أن الكارثة رغم قساوتها أكدت للسوريين أن وجعهم وألمهم واحد، ويجب تنسيق الجهود وفتح الحوارات بين مختلف القوى السورية، من أجل إنقاذ البلاد وانتشالها من البازار السياسي الدولي والإقليمي، ومؤكداً على قدرة السوريين لتغليب المصلحة الوطنية وتحييد الخلافات من أجل مستقبل سوريا.

تمسك أوروبي بـ”اللاءات الثلاث” في العلاقة مع حكومة دمشق
في السياق وفيما يتعلق بالموقف الأوروبي من العلاقات مع حكومة دمشق، أكدت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية في تقرير، أنه ورغم وجود تيار يضم دول مثل إيطاليا واليونان والنمسا وقبرص، يطالب بإعادة العلاقات مع دمشق ومراجعة سياسة “اللاءات الثلاث” المتمثلة بلا للتطبيع ولا لرفع العقوبات ولا لإعادة الإعمار قبل التوصل لحل سياسي في سوريا، إلا أنه لا تزال غالبية الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا وألمانيا وبريطانيا متمسكة بسياسة “اللاءات الثلاث” وترفض بشدة أي إعادة للعلاقات مع الرئيس السوري.

الأسد يحاول استغلال الكارثة لتمويل إعادة الإعمار
من جانبها، قالت صحيفة “ذا صاندي تايمز” البريطانية في تقرير لها، ان الرئيس السوري يحاول استغلال كارثة الزلزال لمحو الأدلة على الجرائم البشعة التي ارتكبها نظامه، والمطالبة بتمويل إعادة الإعمار في سوريا رغم مواصلته الحرب ضد شعبه، حيث قصفت طائراته قبل الزلزال بساعات فقط مناطق شمال غرب البلاد الخاضعة لفصائل المعارضة، التي تعتبر الأكثر تضرراً من الزلزال، لافتةً إلى أن قرار الأسد بالسماح بفتح معبرين آخرين مع تركيا في مناطق لا تسيطر عليها حكومة دمشق من أجل دخول المساعدات الإنسانية إلى شمال سوريا، جاء كمحاولة منه لأخذ المبادرة من مجلس الأمن الدولي الذي كان يخطط لعقد جلسة لاتخاذ مثل هذا القرار.

 

قد يعجبك ايضا