عقب أسبوعين تقريباً من الزلزال الكبير الأول، في السادس من فبراير الجاري، الذي ضرب جنوب تركيا وشمال غرب سوريا، تحطمت آمال السوريين في المناطق التي ضربها الزلزال الأول، بالتوجه نحو الاستقرار، عقب وقوع زلزال آخر بقوة كبيرة مساء الإثنين\العشرين من فبراير.
الزلزال الجديد، كان بقوة 6.3 درجة، ومركزها “محافظة هاتاي \ لواء اسكندرون” في تركيا، قرب الحدود السورية، وتسبب بحالة ذعر، مُخلفاً المزيد من الأضرار بالمباني التي تضررت قبل أسبوعين من أسوأ زلزال شهدته المنطقة في التاريخ الحديث، والذي أودى بحياة عشرات الآلاف، بينما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن الزلزال الجديد أدى لوقوع 470 مصاباً في سوريا.
عدة دول شعرت بالزلزال الجديد
وقد شعر بالزلزال الجديد سكان سوريا ولبنان وفلسطين، وحسب وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، فإن سكان مناطق طرابلس والبداوي ووادي النحلة والجوار “شعروا بهزة أرضية قوية جداً”، وذكرت أن شوارع هذه المناطق شهدت حالة من الخوف والهلع وإخلاء المباني المرتفعة من سكانها.
في حين قال مرصد الزلازل الأردني في بيان له، إن مواطنين بالعاصمة عمان وشمالي البلاد شعروا بالهزة التي جرى تسجيلها بقوة 6.4 درجات في تمام الساعة 8:04 مساء (17:04 تغ)، على الحدود التركية السورية.
كما أعلن المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر، عن تسجيل محطات الشبكة القومية لرصد الزلازل التابعة للمعهد، “هزة أرضية على بعد 552 كيلومتر شمال مدينة رفح بقوة 6.43 درجة”، فيما ذكرت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، أن “السكان في شمالي ووسط البلاد شعروا بهزة أرضية”.
تجدد الزلازل يُفاجئ سكان حلب
وتسبب زلزال مساء الإثنين، بحالة هلع في محافظة حلب، التي هرع أغلب سكانها في مختلف الأحياء إلى الشوارع، وفي السياق، قال “شكري محمد”، وهو مواطن مقيم في حي السريان بمدينة حلب، لـ”منصة تارجيت”: “بعد أن عاد سكان حلب الإثنين، إلى شبه حياة طبيعية، بعيد زلزال 6 شباط، تفاجئوا بزلزالً جديد مساءً، وهرعوا إلى خارج البيوت، في حالة من الفزع، وتقريباً لم يبقى أحد في المنازل، كلهم في الشوارع وفي السيارات”.
مردفاً: “ولكن هذه المرة الأجواء طبيعية نوعاً ما، ومقبولة من ناحية الطقس، وقد سمعنا عن انهيار عدد من المباني المتصدعة والمتهالكة من الزلزال السابق، بجانب سقوط عدد من الجرحى، لكن لم نسمع عن وفيات، على الأقل في الاحياء القريبة من مكان سكني، ولا يتوقع عودة السكان إلى منازلهم حتى صباح الغد (الثلاثاء) على الأقل”.
الزلزال والخدمات في حلب
أما المواطن “أبو سعيد”، من حلب أيضاً، فقد أشار لـ”منصة تارجيت”، إلى أن الناس “هربوا إلى الساحات العامة وإلى المتحلق الشمالي للمدينة، في ظل حالة خوف شديدة، خاصة بين الأطفال والنساء، ولكن كبار السن، فالمشكلة لديهم، إذ لا زالوا في بيوتهم”.
لافتاً إلى أن الناس متعاونة مع بعضها، و”جميع الأسر مع بعضها، الأصدقاء والمعارف، الاتصالات الخليوية والنت وصفحات التواصل الاجتماعي”، مثنياً: “هناك تواصل شديد، للسؤال عن بعضهم، وعن أحوالهم”.
وحول الخدمات الأساسية في حلب في ظل هذه الظروف الاستثنائية، فقد أوضح “أبو سعيد” إن ” المياه متوفرة ولا مشكلة فيها، أما الكهرباء فهي متوفرة كحالة طبيعية عبر الأمبيرات، ويقتصر التزويد بكهرباء الشركة الرئيسية الحكومية على 3 ساعات يومياً، أما الأمبيرات فهي بأغلبها تأتي خمس ساعات يومياً، من الساعة السادسة مساءً إلى الحادية عشر ليلاً، ويصل سعر الأمبير الواحد إلى 30 ألف ليرة سورية، خلال الأسبوع”.
الزلزال ومواعيد الدوام بالمدارس والجامعات
فيما تحدث المواطن “محمد علي” المُقيم في حلب لـ”منصة تارجيت”، حول وضع المدراس والجامعات في ظل أزمة تجدد الزلزال، فقال: “صباح الأمس (صباح الإثنين)، بدأ الناس بالعودة إلى المدارس، وتم تحديد موعد افتتاح الكليات الجامعية ابتداءً من يوم السبت القادم، وكذلك الفحوصات الجامعية، لكن الزلزال الذي وقع في مساء الإثنين، أرجع الأمور إلى ما كانت عليه من قلق، مرة أخرى”.
وتوقع “علي” إعادة تأجيل الدوام المدرسي في معظم أحياء محافظة حلب، مع ترجيحه بقاء الامتحانات الجامعية على موعدها الأول، باعتبار أنه لا يزال هناك بضعة أيام على موعدها، داعياً السكان في حلب، إلى عدم الاكتراث بالشائعات، والاستماع إلى الحديث العلمي من ذوي الاختصاص.
جنديرس.. كباخرة في عرض البحر
أما في جنديرس، الواقعة جنوب غرب منطقة عفرين، والتي تضررت بشكل واسع في الزلزال الأول يوم السادس من فبراير، فلم يكن الواقع مختلفاً عما هو عليه الحال في حلب، حيث قال المواطن “كوجر” من أهالي القرى القريبة من جنديرس، إنه “في قرابة الساعة الثامنة وعشرة دقائق، هزت بنا الأرض كباخرة في عرض البحر، مُسببةً رعباً كبيراً من جديد بين السكان، حيث تعالت أصوات النساء والأطفال خوفاً”.
وأشار “كوجر” إلى تهدم مجموعة أبنية متضررة من الزلزال السابق (6 فبراير) في الزلزال الجديد (20 فبراير)، لافتاً إلى اتصاله مع مركز مدينة عفرين، موضحاً أن الرعب كان واسعاً هناك، بحكم أن “المدينة تضم كثيراً من الأبنية الطابقية، المشكوك في جودتها”.
هذا ولا يبدو ان الأوضاع مُتجهة إلى الاستقرار في الوقت الراهن، إذ كشف صباح يوم الثلاثاء، المركز الوطني للزلازل بسوريا، عن وقوع زلزال جديد بقوة 3.6 غرب اللاذقية عند الساعة 11:24 صباحاً.
شرفات متداعية وهلع مقيم بين المواطنين
الهلع الذي يعيشه الناس في سوريا نتيجة الزلازل المتلاحقة وتداعي شرفات آمالهم باستقرار يزداد ابتعاداً يوما بعد يوم، سواء بظروف الحرب والأزمة السياسية المتفاقمة أو بكارثة الزلازل، وفي هذا السياق أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان إصابة أكثر من 470 شخص ونقلهم إلى المستشفيات في سوريا، بينما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن 6 أشخاص أصيبوا في حلب من جراء سقوط حطام بعد الزلزال. وجرى الإبلاغ عن إصابات بين المدنيين من جراء سقوط حجارة عليهم أو القفز من الأبنية المرتفعة أو التدافع، وآخرين بحالات إغماء.
وانهار مبنيان متصدعان غير مأهولين ومئذنة مسجد في جنديرس شمالي حلب، وعدد من الأبنية المتصدعة في خربة الجوز والحمزية والملند والزوف غربي إدلب، من دون وقوع إصابات. كما انهارت جدران وشرفات منازل في عدة مدن وبلدات بريفي حلب وإدلب، وذلك في حصيلة أولية.
وقال مدير الصحة في حلب زياد الحاج طه، إنه ليست هناك حالات إسعافية ناجمة عن سقوط أبنية نتيجة الهزة الارتدادية، مشيرا إلى أشخاص راجعوا مستشفى الرازي “بسبب الخوف وخروج الناس من منازلهم مسرعين إلى الشوارع”. ونقلت “سانا” عن قائد فوج إطفاء اللاذقية، إنه لم يتم الإبلاغ عن أي أضرار في الأبنية حتى الآن نتيجة الهزة الأرضية التي تأثرت بها المحافظة.