القامشلي
رغم هزيمة تنظيم داعش الإرهابي عسكرياً على يد قوات سوريا الديمقراطية بإسناد من قوات التحالف الدولي عام ألفين وتسعة عشر في آخر معاقله بريف دير الزور شرقي سوريا، إلا أن التنظيم لايزال يحتفظ بخلايا إرهابية تنتشر في الأرض السورية ويشن بين الحين والآخر هجمات تستهدف المدنيين والعسكريين، ما يسلط الضوء مجدداً على التحذيرات الأممية والدولية من أن خطره لايزال قائماً وأنه يحاول استغلال الفرص لإعادة تجميع صفوفه مستنداً على عدة عوامل أبرزها عناصره المحتجزون بسجون قسد وعائلاتهم في مخيمات شمال وشرق سوريا.
عناصر التنظيم الإرهابي شنوا الأسبوع الماضي، هجوماً عنيفاً على مدنيين يعملون في جمع “الكمأ” وحاجزاً لقوات حكومة دمشق بمنطقة “الضبيات” بريف مدينة السخنة ببادية حمص وسط سوريا، مستقلين دراجات نارية وباستخدام أسلحة خفيفة ومتوسطة، ما أسفر عن فقدان واحد وستين مدنياً لحياتهم ومقتل سبعة عناصر من قوات حكومة دمشق، فيما لاذ عدد من المدنيين بالفرار لم يعرف مصيرهم حتى الآن، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
يأتي ذلك، بعد أيام على اختطاف التنظيم الإرهابي، خمسة وسبعين مدنياً كانوا يعملون في جمع “الكمأ” ببادية تدمر بريف حمص، وإعدامه ستة عشر منهم بينهم امرأة، وإطلاق سراح عدد منهم فيما لا يزال مصير الآخرين مفقوداً، حيث يستغل التنظيم انشغال العالم بكارثة الزلزال التي ضربت مناطق بشمال سوريا، لتنفيذ هجماته الإرهابية الخاطفة.
داعش يستغل الأزمات العالمية لشن هجمات بالبادية السورية
الباحث في شؤون الحركات الإسلامية حسن أبو هنية، قال في تصريحات لمنصة تارجيت: “إن تنظيم داعش منذ هزيمته بآخر جيب له في بلدة الباغوز عام ألفين وتسعة عشر وهو ينفذ هجمات متكررة بالبادية السورية ولم تتمكن الهجمات العديدة التي تنفذها روسيا والنظام السوري من استئصاله من تلك المنطقة التي يتمترس بها أو القضاء عليه، وبالتالي التنظيم يحافظ على نسق من الهجمات بشكل دائم”.
أبو هنية، أضاف أن “التنظيم يستغل الفرص لشن هجمات أعنف وبالتالي يستغل انشغال العالم بكارثة الزلزال وانشغال روسيا بحرب أوكرانيا وعجز النظام السوري عن مواجهته بمعزل عن روسيا، لذلك كثف هجماته خلال الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ وخاصة في البادية السورية التي يصعب السيطرة عليها”.
من الجدير ذكره، أن الهجوم الأخير الذي يعتبر الأكثر دموية منذ شهور، تم في منطقة تسيطر عليها بشكل أساسي الفصائل التابعة لإيران التي تسيطر على باديتي تدمر ودير الزور وصولاً إلى بادية حمص الشرقية، وعلى رأسها فصيل “زينبيون” المكون من مقاتلين باكستانيين، والذي اتهمته مصادر أهلية بالمنطقة خلال الأيام الأولى من الهجوم بالمسؤولية عنه.
الباحث في شؤون الحركات الإسلامية حسن أبو هنية، اعتبر خلال حديثه لمنصتنا أنه “من غير المؤكد أن الفصائل التابعة لإيران هي المسؤولة عن هذا الهجوم الدموي رغم أنها تنتشر في المنطقة بشكل واسع، مشيراً إلى أنه لا يمكن الاعتماد على البيانات العشائرية في هذا الشأن دون وجود تقارير حقوقية تؤكد حدوث ذلك”.
يأتي ذلك، بعد يومين فقط على تحذير أطلقه منسق الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف إيلكا سالمي، من أن “خطر تنظيم داعش الإرهابي لا يزال قائماً في العراق وسوريا رغم القضاء عليه عسكرياً”، مؤكداً أن “التنظيم بدأ يتجه إلى وسائل التواصل الاجتماعي في محاولة لتجنيد الشباب في صفوفه خاصةً في العراق”، داعياً إلى “الاستثمار في الرياضة والعلم لاستقطاب الشباب بدلاً من استغلالهم من قبل التنظيمات الإرهابية، وذلك بالتزامن مع مقتل قياديين بارزين للتنظيم الإرهابي بعملية مشتركة للتحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية شمال شرقي سوريا، وفق ما أعلنت القيادة المركزية الأمريكية.
الإدارة الذاتية وقسد يحذران من مخاطر عودة داعش
تحذيرات كانت قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، قد أطلقتها مراراً، معتبرةً أن عناصر التنظيم الإرهابي المحتجزين في سجون شمال وشرق سوريا وعوائلهم المتواجدة في مخيمات المنطقة لاسيما مخيم الهول بريف الحسكة، يشكلون قنبلة موقوتة مهددة بالانفجار في أي لحظة، مؤكدةً أن التنظيم يستغل الهجمات التركية على المنطقة لمحاولة إطلاق سراح عناصره وشن هجمات إرهابية، كما حدث في سجن الصناعة بالحسكة في كانون الثاني/ يناير عام ألفين واثنين وعشرين.
في سياق متصل، وفي معرض ردها على تقرير لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن أطفال عناصر داعش المتواجدين بشمال وشرق سوريا، قالت الإدارة الذاتية في بيان: “إن التقرير الحقوقي بشأن استغلال أو سجن أطفال تنظيم داعش أو ما يعرفون بـ”أشبال الخلافة” لا أساس له من الصحة وبعيد كل البعد عن الحقيقة والواقعية”، مؤكدةً أن “المراكز التأهيلية التي تم إنشاؤها لإعادة تأهيل أطفال داعش، كانت مفتوحة إلى جانب السجون والمخيمات طوال الفترة الماضية أمام الكثير من المنظمات الحقوقية الدولية، التي وثقت الأوضاع في هذه السجون والمراكز دون أي معوقات”.
البيان، أضاف أن “الإدارة الذاتية لا تزال تتحمل مسؤولية ملف عناصر داعش وعوائلهم منذ سنوات، وسط تجاهل شبه كامل من قبل المجتمع الدولي رغم النداءات المتكررة التي تم إطلاقها”، محذراً “من أن عدم التوصل إلى حل نهائي لقضية عناصر داعش وعوائلهم المتواجدين في شمال وشرق سوريا، سواءً باستعادة الدول رعاياها أو إنشاء محاكم بالمنطقة لمحاكمة العناصر، قد يقود إلى نتائج لا تحمد عقباها ليس على المنطقة فحسب بل على العالم بأسره”.