تناقلت مجموعة إخبارية على وسائل التواصل الاجتماعي قبل يومين، صوتاً لأحد الأشخاص يدعو فيه أحد معارفه، واسمه “أبو أحمد” للمجيء إلى مدينة جنديرس، التي تضررت بشكل واسع جراء الزلزال العنيف الذي هز أجزاءً من جنوب تركيا وشمال غرب سوريا، يوم السادس من فبراير الجاري.
ورغم أنه ليس من الممكن تحديد مصداقية التسجيل الصوتي، تبرهن شهادات صادمة من عفرين وجنديرس تحديداً، ما ذهب إليه المتحدث، من تحول كارثة جنديرس التي حلت بقاطنيها، إلى تجارة مربحة للبعض، ممن تم توطينهم في عفرين عقب عملية “غصن الزيتون” العام 2018، أو من سكان المخيمات القريبة من جنديرس، كمخيمات أطمة في ريف إدلب الشمالي.
فالمتحدث، “أبو أحمد” الذي دعا للمجيء إلى جنديرس، والحصول على المساعدات المتوافدة على المنطقة بشكل كبير، أشار إلى تمكنه من الاستيلاء على 17 سلة غذائية، مقدراً ثمنها بـأكثر من 1500 دولار أمريكي، ومُخمناً بأنه قد يستطيع جمع ما قدره 5000 دولار، إن تمكن من الاستيلاء على المزيد من السلات الغذائية والإغاثية المقدمة للمتضررين من الزلزال في جنديرس، في ظل الفوضى العارمة التي تشهدها عمليات توزيع المساعدات، في حين تؤكد دعوته لآخرين للقدوم إلى جنديرس، بأنه ليس من سكان المنطقة، وليس من متضرريها.
كذلك، تناقل ناشطون مجموعة مقاطع مصورة، أحدها لصراع نحو مئة شخص على شاحنات مساعدات، كان ينبغي توزيعها على سكان جنديرس، أكد ناشطون من جنديرس، أنهم ليسوا من قاطني المدينة أساساً، بل من سكان المخيمات المحيطة التي لم تتضرر من الزلزال، بجانب مشاهد مصورة أخرى أظهرت تصارع مجموعة نساء على المساعدات، أكد الناشطون أنهن لا يمتن لجنديرس بصلة.
شهادة من جنديرس
وبالصدد، نشر “أحمد البرهو” وهو ناشط إعلامي يتواجد في عفرين وريفها، منشوراً على صفحته في “الفيسبوك”، أيّد فيها ما سُرب، حيث قال حول “اليوم العاشر على الكارثة”، “شاحنات تأتي من جهة جنديرس، وشاحنات تذهب إليها، ومن إعزاز، ومخيمات مُصطنعة بكل مكان بمدينة عفرين، غالبيتها شيدت خصيصاً لسرقة المساعدات، والبعض أنتقل من مخيمات قرب عفرين لقلب المدينة، حيث يأتون إليها نهاراً ويرجعون لمخيماتهم السابقة ليلاً”.
واصفاً المشهد بالقول: “إنها أحقر طريقة شاهدتها بحياتي، بكل وقاحة أشخاص يجلبون عوائلهم ويستلمون خيمة جديدة من أجل اصطياد المساعدات، ومن ثم ليلاً يحملونها نحو مسكنهم الأول”، مشيراً إلى الإخفاق في إدارة الملف، بالقول: “فساد وفشل وحقارة وعنصرية بتوزيع المساعدات، موظفي المنظمات هم المسؤولين عن كل ما يحدث، بالإضافة لبعض الفصائل، تقوم برعاية هذه التصرفات المُشينة”.
موضحاً: “يبدو أن هناك جهات تريد من مدينة عفرين، سوق للتخْييم والشحادة على أكتاف المنكوبين الذين لهذه اللحظة الغالبية منهم، لم يسألهم أحد ماذا تحتاجون، وحتى كلمة جبران خاطر لم يسمعوها من أحد”.
تعليقات على المنشور
وقد حصد المنشور تعليقات كثيرة، لشهود عايشوا الواقع على الأرض، ومنهم حساب باسم “أبو علي ناصر”، قال صاحبه: “الغلط فينا والمرض فينا للأسف.. شعب مريض عنده عقد نقص المعونات… صرنا نخجل نذكر التفاصيل يلي عم تصير”.
أما “فراس الأحمد”، فقد علق بالقول: “عنصرية لأبعد الحدود، قال بنحكي على عنصرية الأتراك وغيرهم، قسم بالله حال أهل جنديرس ببكي، كلهم قاعدين ببيوتهم بين الأنقاض وما حدا عبقرب يمهم، وإذا جبتلهم مساعدة رح يجوك الحنشل النصابين يزاحموهم عليها”، مردفاً: “من كم يوم ونحن عبنوزع، أجا شخص شافنا عبنعطي للأكراد، قام صار يسب عليهم وبدو يضرب شب كردي لأنو أخد، وهو ما عطيناه”.
وهو ما أكده “محمد النعيمي الهاشمي”، بالقول: “صحيح هذا الكلام، بجنديرس أصحاب البيوت تركوا الجمل بما حمل، وضعاف النفوس وأهل المخيمات استغلوا الفرصة، والمجلس المحلي والشؤون شركاء”.
فيما علق “إسماعيل أحمد عبد اللطيف”، بالقول: “جيراني هيك نصبوا خيمتين تحت البناية، ودوامهم إداري، يبداً الساعة 7 صباحاً، للساعة 12 ليلاً، حتى الخيم سرقوها من المكتب الاغاثي، طبعاً شوف عيني ليس قيل عن قال”.
بينما قال “حسين اليوسف”: “اقلك شغلة، في شخص حكالي، قال في جامع عنا بالحارة بعفرين، في شخص من فصيل، دار على بيوت معارفه بالحارة، قال اذهبوا أجلسوا بالجامع، وأصبحت المساعدات والوجبات وكل شيء تأتي لهم، ومساءً كل شخص يعود إلى بيته، وقال اغلبهم جيراني”.
الكُرد لا يريدون مساعدات غذائية
وبالسياق، تحدث “أبو سروشت” وهو أحد سكان عفرين الأصليين، في شهادة خاصة لـ”منصة تارجيت”، حول وجود وقائع مُشابهة في مركز مدينة عفرين، فقال: “تضاعف وجود الخيم في عفرين، فعلى طول الطريق الواصل بين مركز مدينة عفرين وحتى مركز مدينة جنديرس، ومن مركز مدينة جنديرس وحتى قرية حمام، التي تضم معبراً مع تركيا، أصبح الطريق على قارعتيه، مليئاً بالخيام لأناس يدعون بأنهم متضررون من الزلزال”.
مردفاً: “هم فعلياً في غالبهم من سكان مخيمات أطمة وجنوب جنديرس وغيرها، وحتى في مركز مدينة عفرين، انتشرت الخيام واضحت بوابة للتسول لدى البعض، حيث يجدها الغرباء عن عفرين، ممن جرى توطينهم فيها، بأنها قضية مربحة مالياً”.
مستطرداً لـ”تارجيت”: “في شارعنا، جرى نصب مجموعة خيام، يتم جلب الطعام، الخبز، المعونات لها”، مؤكداً: “رأيت مجموعة محلات في عفرين، وقد امتلأت بالسلات الغذائية والمعونات، إذ يقوم المستولون عليها ببيعها للتجار، وحتى المسلحون أضحى لديهم عمل جديد من هذه المساعدات”.
مُختتماً بالإشارة إلى أن عقول المدنيين الكُرد من سكان المنطقة الأصليين، ليست منشغلة بالمعونات الغذائية أو ما شابه، بل منشغلة بأشياء أعمق، قد تساعدهم في البقاء على أرضهم، في ظل المخاوف من أن يكون الزلزال عاملاً جديداً لتغيير ديموغرافيتها، التي تغيرت بالفعل عقب عملية “غصن الزيتون”، فيقول: “السكان الكُرد لا يطلبون تلك المساعدات، بل تنحصر آمالهم في الحصول على مساعدات مالية، بغية إعادة ترميم بيوتهم المتضررة، أو بناء بيوت جديدة عوض المُتهدمة بفعل الزلزال، ليبقوا على أرضهم، قرب قبور أجدادهم”.