أثار تأخر دخول المساعدات الإنسانية إلى الأرضي السورية وتحديداً شمالها الغربي الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية ونفوذ الجانب التركي، حفيظة شرائح واسعة من السوريين بمن فيهم مناصري المعارضة نفسها.
فبعد خمس أيام من وقوع كارثة زلزال مرعش المدمر في السادس من فبراير الجاري، دخلت الجمعة، بعض الشاحنات الإغاثية المقدمة من “جميعة بارزاني الخيرية” ومقرها في إقليم كُردستان العراق، عبر معبر باب السلامة الحدودي بين تركيا وسوريا، إلى مناطق ريف حلب الشمالي، حيث يفترض أن تتوجه إلى المناطق المنكوبة، وأبرزها مركز ناحية جنديرس، غربي منطقة عفرين.
واتهم ناشطون دولاً كـ”قطر”، المعروفة بمساندتها لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا، بتأخرها في إغاثة السوريين، في الوقت الذي كانت تساند فيه إقامة تجمعات استيطانية في عفرين، وترسل معدات البناء ومستلزماته من آليات ثقيلة.
وبالصدد، عقب السياسي السوري “علي الأمين السويد”، على تلك التحفظات لمنصة “تارجيت”، فقال: “كان رد مغتصب السلطة في سوريا، بشار الأسد ونظامه على المظاهرات السلمية: “إما الأسد، أو نحرق البلد”، وفي المقابل قررت الدول الداعمة للإخوان المسلمين آنذاك التسلق على ثورة الشعب السوري وسلبه القرار الوطني تحت شعار إما أن نحكمكم (نحن الاخوان المسلمين) أو ليحكمكم الأسد”.
وأردف: “وبهذا تكون الدائرة قد اكتملت، إما الأسد أو الإخوان، أو تدمير الوطن السوري، فاختار الشعب السوري الموت ولا مذلة حكم الأسد، أو مذلة حكم الاخوان المسلمين، لذلك كانت الأموال تتدفق على مؤسسات الاخوان المسلمين لتنفيذ مخططات الأقطاب الداعمة لهم مثل تركيا ومصر مرسي وقطر”.
اتفاق “المدن الأربعة” والتغيير الديموغرافي
وخلال خمس سنوات من عمر سيطرة تركيا على منطقة عفرين شمال غرب سوريا، جرى الحديث عن بناء عشرات التجمعات الاستيطانية، التي تم فيها إسكان مهجرين من مناطق سوريا الوسطى والجنوبية، وهو ما فسره مراقبون باستكمال لتغيير ديموغرافية عفرين ذات الخصوصية الكردية، التي اعقبت تهجير غالبية سكانها الأصليين الكُرد بفعل عملية “غصن الزيتون”.
بالصدد أوضح “السويد” لـ”تارجيت”: “تم بناء المستوطنات في الشمال السوري، والتي كان يشترط على ساكنيها أن يعلنوا تأييدهم للإخوان المسلمين بطرق مختلفة، وتم دفع الأموال الهائلة لتنفيذ خطط التغيير الديموغرافي فيما عُرف باتفاق المدن الأربعة، حين تم تفريغ الزبداني ومضايا من ساكنيها، لقاء ترحيلهم الى الشمال السوري وتسليم الزبداني ومضايا لحزب الله وللحشد الشعبي”.
وأكمل السويد لـ”تارجيت”: “وبالرغم من الحاجة الماسة لإغاثة السوريين، إلا أنهم التزموا بإرادة نظام الاحتلال التركي، قطبهم الاخواني الأكبر الذي يسعى بكل ما أوتي من قوة للاستحواذ على جميع المساعدات المقدمة من قبل دول العالم، ليتم تقديمها لناخبي نظام حزب العدالة والتنمية التركي من الأتراك حصراً”.
الاخوان والأولوية التركية على حساب السوريين
واستطرد السويد: “ولأن تنظيم الاخوان المسلمين لا يرى في السوريين إلا أداة سياسية من الدرجة التالية لمصلحة النظام التركي، ثم الشعب التركي الناخب لأردوغان، فقد التزمت الجمعيات والمنظمات الاخوانية في الشمال قرارات الدول الداعمة للإخوان حرفياً، ومصلحة تركيا حالياً هي عدم تقديم المساعدات الى الشمال السوري، باعتبار أن ذلك يقسم “الصيد المالي الدولي” أي الدعم الدولي الى قسمين بين تركيا والشمال السوري، وهذا ما يؤثر على استثمار أردوغان للكارثة الطبيعية في سبيل تقديم نفسه كمناضل في سبيل شعبه”.
ويُقيم في تركيا نحو ثلاثة ملايين سوري، يتواجد قسم كبير منهم في الجنوب التركي القريب من الحدود السورية، وهي مناطق طالها الزلزال بشكل واسع، ما يفسر وجود كثير من الضحايا سوريي الجنسية، حيث يجري نقلهم من الداخل التركي إلى شمال غرب سوريا، عبر معبر “باب الهوى” في إدلب.
وحول اقتصار دور المعابر خلال الأيام السابقة على إدخال جثامين الضحايا دون تقديم مساعدات، رأى “السويد” إن تركيا “تسعى لتصوير الكارثة الطبيعية على أنها نالت من تركيا والشعب التركي فقط، وليتمكن من الاستحواذ على المساعدات الدولية كلها حارماً الشعب السوري الذي يعيش الذل على الأرض التركية، ويعيش الخوف والبرد والقهر والتشرد في الشمال السوري”.
متابعاً: “وقد توضح هذا التوجه اللاإنساني بالضغط على الدول المانحة لتمرير المساعدات الدولية الموجهة للشعب السوري عبر أروقة الحكومة التركية بكل صفاقة، وعن طريق التصريحات الرسمية بأن الطرق الى سوريا مغلقة، وأن المناطق الشمالية غير آمنة، علماً أن تركيا هي من تسيطر على هذه المناطق وأمنها هو مسؤوليتها”.
ويعتقد مراقبون أن المعارضة السورية مُمثلة بـ”الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة”، و”الحكومة السورية المؤقتة” تنصاع بشكل كبير للأوامر التركية، ويرى كثير من السوريين أنها تُنفذ أجندات أنقرة على الأراضي السورية، ولا تملك خيار رفض أوامرها، كونها تتلقى التمويل من الجانب التركي.
واستغرب السويد “قيام النظام التركي بالطلب من الحكومة السورية المؤقتة التي يرأسها عبد الرحمن مصطفى، تركي الجنسية، برفض السماح للمساعدات العاجلة المقدمة من الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا إلى المناطق السورية المنكوبة غربي الفرات”.
تسجيلات تدين الحكومة المؤقتة
وبيّن بأنه قد “قامت قوات سوريا الديمقراطية ومجلس سوريا الديمقراطية ممثلة بالقيادي الأستاذ عبد القادر موحد، بتكليف السيد وائل إسحاق بالتواصل مع رئيس الحكومة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى بشأن إدخال مساعدات مقدمة من الإدارة الذاتية الى السوريين المنكوبين غرب الفرات، إلا أن عبد الرحمن مصطفى رفض ذلك مرارا وتكراراً، وراح يبرر رفضه بأن قسد تريد أن تلعب بورقة المساعدات للاستفادة سياسياً على حساب الأزمة الإنسانية، وكأنه هو لا يلعب بورقة المساعدات الإنسانية للاستفادة سياسياً على حساب الازمة الإنسانية”.
لافتاً إلى أن “موقف الحكومة المؤقتة، هو انعكاس مُهين لإرادة المحتل التركي وانصياع لأوامره، غاضين الطرف عن مسؤولياتهم الإنسانية والوطنية اتجاه مواطنيهم السوريين”، وقد زود السيد علي الأمين السويد منصة تراجيت بتسجيل صوتي لـ”وائل إسحاق” المكلف من قبل “قسد” و”مسد” بالتواصل مع “الحكومة المؤقتة” التابعة للمعارضة، وفيما يلي رابطه:
تسجيل صوتي بصوت وائل إسحاق يقدم تقريرا عن نتيجة المحادثات
ووفق “السويد”، “تمت محاولة تعاون قسد مع ممثلي المنظمات الإنسانية في مناطق غرب سوريا، إلا أنهم كانوا يقومون باللف والدوران على ممثلي قسد، بسبب عدم حصولهم على موافقة من الاحتلال التركي، وهذا يوكد بأن قرار المنظمات الاغاثية محكوم بالقرار التركي المحتل”، حيث زود “تارجيت” بمحادثة مصورة بين وائل إسحاق ومحمد سلام، وهو مدير مؤسسة إغاثية في مناطق شمال غرب سوريا.
يعرض فيديو يصور المحادثات عبر الواتساب
كما تم التواصل مع مسؤولين في “منظمة الخوذ البيضاء”، إلا أن مسؤول المنظمة وهو “رائد الصالح”، أبدى اعتذاره لعدم استطاعته تمرير المساعدات، بسبب القرار العسكري والسياسي بإغلاق المعابر في وجه المساعدات القادمة من أي مكان في العالم، حيث زود “السويد” منصة “تارجيت” بتسجيل صوتي لاعتذار “رائد الصالح”، فيما يلي رابطه:
تسجيل صوتي لرائد الصالح
واعتبر السياسي السوري “علي الأمين السويد” أن “هذه الكارثة بمثابة صندوق باندورا، الذي فضح الجميع بدون استثناء، وكشف من هو الوطني ومن هو المرتزق والعميل”.