أبدت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، أمس الأربعاء، استعدادها لإرسال مساعدات إنسانية عاجلة إلى المناطق المنكوبة التي ضربها الزلزال المدمر بمحافظة إدلب وريف حلب الشمالي فجر السادس من فبراير الجاري، الإثنين الفائت، إلا أن الحكومة السورية المؤقتة رفضت استقبال المساعدات بأوامر مباشرة من “أنقرة”.
وأعلن عبد حامد المهباش “الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا” عُقب وقوع الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا استعداد الإدارة لتقديم المساعدة والعون لكل السوريين حيث قال في تصريحات صحفية؛ إن أبواب ومناطق الإدارة الذاتية مفتوحة لكافة السوريين الذين تضرروا جراء الزلزال، وأضاف، أن كافة المشافي والمراكز الطبية على أتم الاستعداد لتقديم العون والمساعدة وأنهم مستعدون لإرسال قافلة طبية وأدوية وأطباء وآليات إذا تطلب الأمر ذلك.
وأكدت لجنة المحروقات التابعة للإدارة الذاتية على خلفية تصريحات المهباش أنها قامت بارسال ثلاثين شاحنة محملة بالمحروقات، بالإضافة إلى عدة شاحنات محملة بمواد إغاثية مقدمة من الأهالي، بإتجاه معبر أم جلود الذي يربط مناطق سيطرتها بمناطق سيطرة “الحكومة المؤقتة السورية” قبل يومين من الآن، بغية تسليمها إلى مؤسسة الدفاع المدني والمنظمات الإنسانية العاملة شمال غرب سوريا ليساعدوا فيها المنكوبين من الزلزال المدمر، إلا أن القافلة ما زالت متوقفة داخل النقطة صفر ضمن المعبر بسبب عدم استجابة الطرف الآخر “المعارضة السورية” على طلب إدخال هذه المساعدات.
*الحكومة المؤقتة لم تستجيب لإدخال المساعدات رغم الحاجة لها
تواصلت منصة “تارجيت” الإعلامية مع مسؤول العلاقات العامة في الحكومة المؤقتة للاستفسار عن الأسباب التي منعتهم من استقبال القافلة المرسلة من قبل الإدارة الذاتية لكنها لم تلقى أي رداً على الأسئلة المطروحة حتى تاريخ نشر التقرير. وفي هذا الصدد كشف مصدر من إدارة مجلس بلدة جنديرس المحلي “فضل عدم الكشف عن هويته لأسباب خاصة” أن الحكومة المؤقتة كان لديها رغبة كبيرة بقبول قافلة المساعدات القادمة من مناطق الإدارة الذاتية لأنهم بأمس الحاجة إليها بعد خذلان المجتمع الدولي للمناطق المتضررة من الزلزال، إلا أن المسؤولين عن الملف السوري “الأتراك” رفضوا عبور القافلة إلى المناطق المنكوبة لأسباب لم يفصحوا عنها لما تُسمى بالحكومة المؤقتة.
وحول المناطق المتضررة من الزلزال شمالي مدينة حلب، أوضح المصدر خلال حديثه مع “تارجيت” أن فرق البحث والإنقاذ انتهت منذ اليوم الأول من انتشال الضحايا والجرحى من تحت الأنقاض باستثناء مدينة جنديرس التي تعرضت إلى كارثة حقيقية بسبب تهدم أكثر من نصف الأبنية السكنية فوق رؤوس ساكنيها، وسط عجز كبير وعوائق كثيرة تواجه فرق الإنقاذ نتيجة عدم وجود معدات خاصة بالزلازل.
وتعاني المناطق المتضررة بشكل رئيسي من مشكلة تأمين مأوى للأهالي والعائلات المتضررة التي تجاوز عددها أربعة آلاف عائلة، إلى جانب نقص بالاحتياجات والمعدات الطبية، والمواد الغذائية والإغاثية المستعجلة، وفق المصدر.
*ترحيب شعبي بمبادرة الإدارة الذاتية
لاقت مبادرة الإدارة الذاتية ترحيباً واسعاً من الأهالي في المناطق المنكوبة شمال وغرب سوريا بعد أن تخلى العالم عنهم وتركهم وحدهم في مواجهة مصيرهم في ذروة الكارثة، يقول أيهم حنبظلي “ناشط مدني في إدلب” في تصريح “لتارجيت” إنه يشجع أي مبادرة تنطلق لإغاثة العائلات المتضررة من الزلزال الذي ضرب محافظة إدلب وريف حلب الشمالي حتى لو كانت مقدمة من إسرائيل (مستثنياً من ذلك مبادرات النظام السوري لأنه يراه سبباً بزيادة مأساة السوريين الذين انتشروا في كل بقاع الأرض بسبب إجرامه بحق شعبه طيلة إثنا عشر عاماً) وذلك لأن ألاف الأُسر أصبحت بحاجة ماسة للمساعدات الإغاثية والغذائية بعد أن هُدمت منازلهم فوق رؤوسهم وأصبحت دون مأوى، كما اضطرت عشرات ألاف العوائل لإخلاء بيوتهم نتيجة تصدعها من قوة الزلزال والانتقال إلى المخيمات والمساكن المؤقتة التي تم بناؤها في اليومين الثاني والثالث من حدوث الكارثة الإنسانية الكبيرة التي لم تشهد مثلها البلاد منذ أكثر من مئة عام، ولفت الحنبظلي إلى أن مناطق شمال غرب سوريا بحاجة ماسة لكافة أنواع المساعدات الدولية الطارئة في وقت تتجاهل وكالات الأمم المتحدة ومؤسساتها الوضع الكارثي داخل المناطق المنكوبة.
يذكر أن عبد حامد مهباش القيادي في “الإدارة الذاتية” أكد منذ اليوم الأول من وقوع الزلزال بأن كافة المعابر مفتوحة للمساعدات الإنسانية، وأنهم ناشدوا الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لفتح المعابر الدولية المحيطة بسوريا في ظل تأثر معبر باب الهوى بهذه الكارثة، كما طالبوا الأمم المتحدة بفتح معبر اليعربية لاستخدام مناطق الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا في إيصال المساعدات للمناطق المنكوبة شمالي غرب البلاد.
كما أعلن مظلوم عبدي، القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، استعدادهم الكامل لمد يد العون والمساعدة للمناطق المنكوبة، فيما دعا “مجلس سوريا الديمقراطية إلى مساعدة المناطق المنكوبة ومد يد العون والمساعدة في عمليات الإنقاذ وانتشال العالقين تحت الأنقاض.
*مناطق المعارضة الأكثر تضرراً من الزلزال في سوريا
يعيش شمال غرب سوريا الخاضع لسيطرة الفصائل المعارضة وضعاً كارثياً وصعباً للغاية منذ أكثر من أربعة أيام، وذلك جراء العقبات وشح الإمكانيات والآليات والمعدات اللازمة لعمليات الإنقاذ والفرق الطبية والإسعافية، فضلاً عن تشريد عشرات آلاف السوريين نتيجة تهدم الأبنية والمرافق العامة في المنطقة التي يمكن وصفها بأنها الأكثر تضرراً من الزلزال بسبب قربها من نقطة حدوثه.
وبحسب مؤسسة الدفاع المدني السوري “الخوذ البيضاء” التي أطلقت عشرات المناشدات والاستغاثات لمد يد العون وتقديم الدعم اللازم لتسريع عمليات البحث والإنقاذ، فإن مناطق شمال غرب سوريا هي الأكثر تضرراً على الرغم من أن تركيا هي الضحية الأولى للزلزال، إلا أن حجم الكارثة داخل المناطق الآنفة الذكر ينذر بعواقب أكثر كارثية يعيشها أكثر من أربعة ملايين مدني يقيمون في إدلب وريف حلب، وسط قيود مفروضة على إدخال المعونات والمعدات المنقذة للحياة وحصرها بمعبر باب الهوى المفتوح للمساعدات ضمن إطار تفويض مجلس الأمن.
وفي الوقت الذي تستغيث فيه “الخوذ البيضاء” ووسط حملات التضامن والتعاطف مع الكارثة، يستغل “النظام السوري” الفرصة لتجديد مطالبه بضرورة التنسيق معه بشأن المساعدات الدولية التي يصعب إرسالها عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا بسبب الأوضاع الراهنة، وفي إطار ذلك وصلت إلى مناطق “حكومة دمشق” عبر مطاري دمشق وحلب الدوليان، عشرات الطائرات المحملة بأطنان من المساعدات الإنسانية لمتضرري الزلزال في سوريا، مقدمة من الإمارات والهند ومصر والجزائر ولبنان وإيران وغيرها الكثير من الدول، ناهيك عن فرق الإنقاذ والفرق الطبية والمشافي المتنقلة التي استطاع أن يستغلها لصالحه متناسياً صرخات وأنين الشعب حتى ضمن مناطق سيطرته.
وتتواصل عمليات البحث والإنقاذ على مدار الساعة لليوم الخامس على التوالي ضمن المناطق التي ضربها الزلزال في محافظة إدلب وريف حلب الشمالي وتضررت منه عشرات المدن والبلدات القريبة من الحدود السورية التركية، حيث ما يزال إلى الآن الآلاف من الأشخاص تحت أنقاض منازلهم المدمرة بشكل كامل وسط شح كبير في الآليات والمعدات المخصصة للزلازل التي تساعد بتسريع عمليات البحث عن ناجين، فيما وصلت أعداد القتلى الذين تم انتشالهم إلى أكثر من 2200 قتيل وخمسة ألاف مصاب معظمهم من الأطفال والنساء بحسب إحصائية حصلت عليها “تارجيت” من وزارة الصحة بإدلب.