قال السيناتور الديمقراطي ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، روبرت مينينديز، إن الرئيس التركي، أردوغان “ربما يستخدم العدوان على مناطق شمال شرق سوريا والقمع الداخلي للتغلب على الأزمة الاقتصادية في بلاده، حيث من الممكن أنه يفعل ذلك بدافع النكاية، أو ربما لأنه مجرم بالفعل”.
وشدد “مينينديز” في كلمة ألقاها قبل أيام أمام مجلس الشيوخ، على الهجمات التركية الأخيرة على شمال سوريا والعراق، قائلاً: “في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي شن “أردوغان” هجوماً جوياً وبالطائرات دون طيار على مدن كردية في شمال شرق سوريا، مهدداً بغزو بري قريب، وفي الوقت ذاته، أعلنت وزارة الدفاع التركية عملية ضد الكرد. إن مهاجمة قوات سوريا الديمقراطية التي تُعد شركاء أساسيين للولايات المتحدة في محاربة تنظيم “داعش”، يعرض القوات الأمريكية في سوريا للخطر”.
وطالب السيناتور عن الحزب الديمقراطي، باتّخاذ خطوات أكثر جرأة في مواجهة “أردوغان”، مؤكداً على ضرورة اتخاذ الولايات المتحدة تصرّفات الرئيس التركي على محمل الجد، داعياً في الوقت نفسه إلى محاسبته على سلوكه عندما ينتهك القوانين الدولية، أو يتحدى الأعراف الديمقراطية، أو يسمح لقواته بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، لذلك أدعو لإجراء انتخابات حرة ونزيهة في تركيا.
سياسات قمعية في الداخل والخارج
كما اتهم روبرت مينينديز، الرئيس التركي باتباع سياسات قمعية ومعادية للديمقراطية في الداخل والخارج منذ سنوات، تمثلت في قمع الحريات والمعارضين، وسجن العديد من النشطاء المؤيدين للديمقراطية وحقوق الإنسان لدرجة أنه بات هناك أكبر عدد من المحامين والصحفيين في السجون التركية مقارنة مع أي مكان آخر في العالم.
وتابع، “يجب على المجتمع الدولي أن يدين سجن أردوغان لخصومه السياسيين، وأن يستخدم حلفاؤنا نفوذهم لمحاولة منع المزيد من التوغلات في مناطق شمال شرق سوريا”.
وركّز “مينينديز” على قضية رئيس بلدية إسطنبول قائلاً: “في الأسبوع الماضي فقط، حُكم على أحد المنافسين السياسيين لأردوغان بالسجن لمدة عامين ونصف، بتهمة إهانة أعضاء المجلس الأعلى للانتخابات، وهذا يعادل وضع أمريكي في السجن لمدة عامين ونصف بسبب إهانة لجنة انتخابية تابعة للولاية أو لجنة الانتخابات العليا، وفرضت المحكمة أيضاً حظراً سياسياً على رئيس البلدية”.
معارضة صفقة مقاتلات “إف 16”
وأعرب السيناتور الأمريكي، عن معارضته الشديدة لصفقة تسليم تركيا مقاتلات “إف-16″، مشدداً على جملة السياسات التي تتّبعها أنقرة ضد العديد من دول الإقليم، واصفاً إياها “بغير المقبولة”.
وقال السيناتور المعروف بمواقفه المناهضة لسياسة “أردوغان”، “أعتقد، بالنظر إلى كل هذا السلوك الأخير، لا ينبغي للولايات المتحدة أن تضع طائرات مقاتلة من طراز F-16 في أيدي “أردوغان”. وبصفتي رئيساً للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، لن أوافق على أي صفقة طائرات F-16 لتركيا حتى يوقف “أردوغان” حملته العدوانية في جميع أنحاء المنطقة”.
اليونان والإبادة الأرمنية
ولفت رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، إلى تهديد “أردوغان” أمام مبنى للبلدية في شمال تركيا، بشن هجوم صاروخي على العاصمة اليونانية أثينا. قائلاً: على اليونان أن تخشى من صواريخنا”.
مضيفاً، “ثم خاطب الشعب اليوناني “قد نأتيكم على حين غرة.. ما لم تحافظ (الحكومة اليونانية) على هدوئها”.
وتحدث المسؤول الأمريكي في كلمته، “لقد رأينا “أردوغان” يهدد السيادة اليونانية بشكل متكرر، في الأشهر الماضية أرسل طائرات مقاتلة فوق الجزر اليونانية في بحر إيجه. لذا فإن تهديداته بضرب أثينا تتناسب مع نمط المطالبات التركية بالإقليم اليوناني”.
وأشار إلى أن القوات التركية قد تغزو اليونان “فجأة ذات ليلة. يبدو أن أردوغان يزيد من سلوكه غير القانوني والاستبدادي في الفترة التي تسبق الانتخابات في تركيا العام المقبل”.
مطالباً أردوغان “بإنهاء جميع التعديات على السيادة الجوية اليونانية وسحب آخر جندي تركي من قبرص”.
حيث استغرب “مينينديز” من قيام “عضو في الناتو بتوجيه تهديد مباشر باستهداف أثينا، المدينة التي يبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين مدني”، مذكّراً “إن الهجوم المتعمد على المدنيين يعتبر جريمة حرب وفقاً للأمم المتحدة”.
وقال السيناتور صاحب العديد من الكتب ذات الطابع السياسي والمتخصصة بسياسات واشنطن الخارجية، “جئت إلى القاعة اليوم لإدانة الأفعال الأخيرة التي قام بها الرئيس التركي والتي لم تكن مزعجة فحسب، بل إنها غير مقبولة أيضاً”.
ولفت إلى أن “حكومة أردوغان تواصل محاولة إخفاء الحقائق المتعلقة بالإبادة الأرمنية، وملاحقة الكتاب والمؤرخين الذين يكتبون عن ذلك. في عام 2008 اغتيل أحد الصحفيين الذين كتبوا عن الإبادة الجماعية في شوارع إسطنبول. على الرغم من عنف فترة حكم أردوغان في الداخل، إلا أن سياسته الخارجية كانت أكثر عنفاً”.
وتابع، “خلال حرب ناغورنو كاراباخ الأخيرة، باعت تركيا معدات عسكرية بقيمة 77 مليون دولار لأذربيجان استخدمت ضد الأرمن الأبرياء”.
ورأى السيناتور الديمقراطي، أنه “ليس من المستغرب اجتماع أردوغان بالرئيسين الإيراني والروسي أكثر الديكتاتوريين وحشية في العالم في طهران هذا الصيف. ما يجمعهم هو نظرتهم للعالم. ويمكننا أن نرى هذا بوضوح في رؤية أردوغان للمنطقة”.
انتهاك القرارات الدولية
وفيما يتعلق بالمسألة القبرصية، قال روبرت مينينديز، إنه “بعد خمسة عقود من احتلال تركيا غير الشرعي لقبرص، لا يزال “أردوغان” يؤجج الانقسامات في الجزيرة. واقترح العام الماضي إعادة فتح مدينة فاروشا القبرصية في محاولة لنشر النفوذ التركي. في انتهاك لقرارات مجلس الأمن الدولي التي أدانها الاتحاد الأوروبي”.
مضيفاً، “في أيلول / سبتمبر الماضي، هدد “أردوغان” بتعزيز القوات التركية الموجودة في قبرص والبالغ عددها 40 ألف جندي بمزيد من الأسلحة والذخيرة والمركبات البرية والبحرية والجوية. من الواضح أن “أردوغان” يتأثر بضم بوتين غير الشرعي لأجزاء من أوكرانيا. وهذا ما يجعل تعليقاته الأخيرة حول شن هجمات صاروخية على اليونان مقلقة للغاية”.
وأكد السيناتور روبرت مينينديز، “أن حديثه سيجعله منبوذاً من قبل الكثيرين في تركيا، وقد انتقدني أردوغان شخصياً، ووصفني بأنني عدو للدولة، لكن إذا كان الوقوف في وجه انتهاكات حقوق الإنسان يجعلني عدواً لأردوغان، وإذا كانت إشارتي إلى تركيا بقيامها بتسليح أذربيجان وتمكينها من قتل المدنيين الأرمن الأبرياء يجعلني عدواً، وكذلك مطالبتي تركيا بالاعتراف بالسيادة اليونانية والقبرصية تجعلني عدواً لأردوغان، فهذا العداء سيكون وساماً أرتديه بشرف”.
وفي نهاية خطابه وجّه السيناتور الديمقراطي كلمته لزملائه في مجلس الشيوخ قائلاً: “سأختتم بالقول لا تخافوا من الدفاع عن القيم الأمريكية في مواجهة عدوان أردوغان، وإلى المجتمع الدولي لا تترددوا في تحميل تركيا المسؤولية عن انتهاك القانون الدولي، وإلى المواطنين الذين يعيشون في ظل صواريخ أردوغان لا تنسوا أن الولايات المتحدة تقف بجانبكم، ولأولئك الأشخاص في تركيا الذين ما زالوا يأملون في مستقبل حر وديمقراطي، لا تستسلموا. في يوم قريب، وبشجاعتكم سيعود السلام والازدهار إلى وطنكم”.