وعلى الرغم من التكتم الرسمي الحاصل داخل حركة حماس حول مدى صحة هذه التصريحات والتي غالباً ما تكون لمسؤول يفضل عدم الكشف عن اسمه، لكن كافة المؤشرات تؤكد إقدام الجماعة الفلسطينية ومضيها نحو “التطبيع” مع حكومة دمشق في وقت تعيش فيه الأخيرة عزلة محلية ودولية واسعة، وبالتالي لن تستطيع “حماس” الحصول على امتيازات تشابه ما كانت عليه سابقاً عبر تقديم الدعم السياسي واللوجستي والتدريب العسكري وغير ذلك، وهو ما يثير العديد من التساؤلات عن حاجة الحركة في الوقت الحالي لإعادة العلاقات مع حكومة دمشق.
وحاولت إيران وحزب الله اللبناني عام 2018التوسط بين حكومة دمشق وحماس لكن دون فائدة، كما تكررت المحاولة عامي 2019 و2021 عندما نقل الأمين العام المساعد للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، طلال ناجي، تحيات الرئيس السوري بشار الأسد للفصائل الفلسطينية وبينها حماس.
الموقف الأكثر وضوحاً جاء على لسان القيادي البارز في حركة حماس، خليل الحية، في حوار مع صحيفة الأخبار اللبنانية، الثلاثاء الماضي، قائلاً: “إنه جرى نقاش داخلي وخارجي على مستوى حركة حماس من أجل حسم الموضوع المتعلق باستعادة العلاقات مع حكومة دمشق، وبخلاصة النقاشات التي شاركت فيها قيادات وكوادر ومعتقلون داخل السجون، تم إقرار السعي من أجل إعادة العلاقة مع دمشق”.
ويرى مراقبون، أن العلاقة بين إيران حليفة حكومة دمشق وحركة حماس لم تنقطع طيلة السنوات الماضية، حيث كان هناك تيار داخل الجماعة الفلسطينية لديه خط ساخن ومباشر مع طهران منذ عام 2012، وهو ما أكده رئيس المكتب السياسي للحركة في قطاع غزة، يحيى السنوار، عام 2017 عندما قال إن طهران هي الداعم الأكبر بالسلاح والمال والتدريب لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس الفلسطينية.
لتأتي اللحظة الحاسمة والمفصلية، في استعادة العلاقة بين حركة حماس وإيران في 7 تموز / يوليو عام 2019، عندما زار وفد من “حماس” برئاسة صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي للحركة العاصمة طهران والتقى المرشد الإيراني علي خامنئي.
الموقف الجديد لحركة حماس تجاه حكومة دمشق، يُظهر وبشكل جلي وجود تيارين داخل الحركة يتنازعان فيما بينهما، الأول يتزعمه رئيس المكتب السياسي في الخارج خالد مشعل، والآخر رئيس المكتب السياسي للحركة في قطاع غزة، يحيى السنوار، مدعوماً برئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية، خليل الحية، حيث استطاع كلاً من “السنوار” و “الحية” فرض قوتهما على خالد مشعل عبر إعادة عملية التطبيع مع دمشق والتي جاءت بإيعاز إيراني سبقه تعاون عسكري وتزويد بالسلاح، لتعود طهران مرة أخرى وتمتلك القرار السياسي والعسكري للحركة، مؤكدة أن لعبة الوكلاء ما تزال تديرها بدقة وكفاءة عاليتين مستغلة البُعد والقطيعة العربية تجاه حركة حماس، لتبعث طهران برسالة جديدة مفادها أنها ما زالت تستطيع زعزعة استقرار المنطقة عن طريق استخدام أذرعها… فهل تسعى إيران وحكومة دمشق لاستغلال حركة حماس من خلال عقد صفقات مع عدد من الدول بمقدمتها إسرائيل والولايات المتحدة لكسر العزلة المفروضة على دمشق أولاً وربما طهران لاحقاً.