مؤتمر اللاجئين في دمشق.. شعارات حاضرة وحلول غائبة

نسخة جديدة ومحطة رابعة من أعمال “المؤتمر الدولي ﻹعادة اللاجئين والمهجرين السوريين” والذي يقام برعاية روسية في العاصمة السورية دمشق، بالتزامن مع تطورات وأحداث ميدانية متسارعة تشهدها مناطق شمال سوريا في ظل التهديدات التركية المتواصلة بشن غزو جديد يهدف لاحتلال المزيد من المدن والبلدات السورية، الأمر الذي سيؤدي بالتأكيد لموجة نزوح وتهجير واسعة قد تشمل مئات آلاف المدنيين، يضاف إلى ذلك انشغال روسيا في حربها ضد أوكرانيا وتوتر علاقاتها مع الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية.

جهود روسية باءت بالفشل ومشاركة ضعيفة

عمدت موسكو خلال الجولات الثلاثة الماضية من المؤتمر الخاص بعودة اللاجئين السوريين إلى قيادة جهود دبلوماسية حثيثة ﻹقناع العديد من الدول الغربية بتمويل مشروع إعادة إعمار سوريا، وفي نفس الوقت الحديث عن إعادة اللاجئين بعيداً عن رعاية المجتمع الدولي والأمم المتحدة، لكن كل هذه الجهود باءت بالفشل ولم تلقَ ترحيباً من المجتمع الدولي، الذي لا يزال يرى في سوريا بيئة “غير آمنة” لعودة اللاجئين، وإصراره على تطبيق قرار مجلس الأمن “2254” المتضمن إيجاد حل سياسي للأزمة في سوريا مقابل إعادة الإعمار وعودة ملايين اللاجئين والنازحين إلى مناطقهم.

أكثر من عامين مضيا على انطلاق المؤتمر وتحديداً في ال 11 من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2020، دون أن تستطيع روسيا الراعي الرسمي لهذه الاجتماعات، تحقيق أي تقدم يذكر كما لم يتم تسجيل مشاركة دولية ذات أهمية، إذ اقتصر الحضور على الجانب اللبناني والأردني البلدان المجاوران لسوريا واللذان يستضيفان على أراضيهما عددا كبيراً من اللاجئين السوريين باﻹضافة إلى الصين وإيران وتمثيل منخفض من اﻷمم المتحدة، الأمر الذي يبدو أنه سيتكرر في النسخة الرابعة من المؤتمر حيث نقلت صحيفة “الوطن” المحلية عن مصادر وصفتها بالمطلّعة أن فعاليات المؤتمر الحالية والممتدة حتى ال١٧ من الشهر الجاري، ستجري بمشاركة عدد من الوزارات والجهات العامة وبحضور وفد رسمي روسي، كما سيعقد اجتماع مشترك للهيئتين التنسيقيتين الوزاريتين السورية والروسية، وسيشارك في الاجتماع إضافة إلى الجانبين الروسي والسوري، ممثلين عن الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات الإنسانية العاملة في سوريا.

حكومة دمشق لا ترغب بعودة اللاجئين

ويرى مراقبون، أن روسيا تسعى من خلال مثل هكذا مؤتمرات إلى إنقاذ حكومة دمشق التي تعاني من أوضاع اقتصادية متردية بعد توالي حزم العقوبات بموجب “قانون قيصر” الأمريكي والعقوبات الأوروبية، وبالتالي إقناع الطرف المقابل بأن سوريا أصبحت أمنة ومن الضروري عودة اللاجئين والنازحين إليها وفي الوقت نفسه البدء بمشروع إعادة الإعمار وربما ستكون هناك تطورات تتعلق برفع العقوبات عن دمشق وفقاً لما تسعى له روسيا، إلا أن حكومة دمشق ما تزال تبدي تحفظات على مسألة عودة النازحين واللاجئين إلى كثير من المناطق، كون الغالبية العظمى من المعارضين لها، إذ تخشى من تجدد الاحتجاجات ضدها، بعد الهدوء النسبي في بعض نقاط المواجهة والمظاهرات، جراء عقد اتفاقيات المصالحة والتسويات والتي حملت في نهايتها عمليات تهجير كبيرة، سواء في حمص أو حلب أو ريف دمشق أو درعا، حيث تعتقد الحكومة أن لديها عددا من أوراق الضغط على الدول التي تستضيف اللاجئين لتحقيق وجهة نظرها وتأخير الملفات المطلوب منها إنجازها.

سوريا تفتقد للبيئة الآمنة

من جانبها، حذرت منظمات حقوقية من أن توقّف المعارك في مناطق عدة لا يعني أنها باتت مهيئة لعودة اللاجئين في ظل افتقارها للبنى التحتية والخدمية والخوف من حصول انتهاكات لحقوق الإنسان، بعد توثيق حالات عدة تعرض فيها العائدون لانتهاكات واسعة من قبل الأجهزة الأمنية الحكومية، إذ تبنى مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، قراراً في تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2021، أكد فيه أن سوريا ما تزال تفتقد للبيئة الآمنة لعودة اللاجئين السوريين والنازحين، وكذلك أصدرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة، التابعة للأمم المتحدة، تقريراً منتصف أيلول/ سبتمبر من العام 2021، قالت فيه إن سوريا ليست صالحة للعودة الآمنة والكريمة للاجئين، كما وثقت منظمة العفو الدولية في تقرير لها نشرته خلال العام الماضي تعرض عشرات اللاجئين السوريين العائدين إلى بلادهم للاعتقال والتعذيب والاغتصاب، على يد قوات الأمن الحكومية بينهم 13 طفلاً.

قد يعجبك ايضا