“الزلزال ولا الذل”.. جنديرس تختار التخييم بـ”فناء الدور” ومُواجهة التغيير الديموغرافي
“نستطيع أن نقول إن خيار أهالي جنديرس، حتى من لا يملك المال لإصلاح منزله المُتضرر أو المُنهار، هو البقاء على أرضه وعدم تركها”، يؤكد “سردار” وهو مواطن من مدينة جنديرس بريف عفرين لـ”منصة تارجيت”، ويتابع: “اليوم عندما تتجول في جنديرس، كل شخص يضع خيمة أمام منزله، وحتى من لم يملك خيمة، صنع لنفسه خيمة من مجموعة بطانيات وبعض العصي الخشبية، ونصبها في فناء داره، فيما آخرون يقيمون في سيارتهم أمام منازلهم، أو في (تريلات\مقطورات) جراراتهم”.
حيث كانت جنديرس التابعة لمنطقة عفرين، شمال غرب سوريا، على موعد مع زلزال مُدمر، في فجر السادس من فبراير الماضي، والذي شكّل واحدةً من أقسى التجارب التي عايشتها المدينة خلال السنوات المنصرمة، لكنها لم تكن الأولى خلال الحرب السورية، ففي العام 2018، شهدت عفرين، وتحديداً جنديرس، معارك ضارية بين “قوات سوريا الديمقراطية” من جهة، والجيش التركي وفصائل “الجيش الوطني السوري” المُعارض من جهة أخرى، ضمن ما سمي بعملية “غصن الزيتون”.
آنذاك، واكبت جنديرس الحرب، يوماً بيوم، على مدار 58 يوماً، حتى سقطت عفرين بقراها الـ366، تحت سطوة أنقرة و”الجيش الوطني السوري”، بعد أن كابدت الكثير من العناء والدمار والتهجير القسري للسكان الأصليين الكُرد، ليأتي الزلزال المُدمر، ومركزه مدينة “قهرمان مرعش” جنوب تركيا، ويُكمل على ما تبقى من المدينة، فتنهار أبنيتها التي صمدت خلال الحرب، متحولةً لكومة خراب، ويضحى قاطنوها ضحايا.
تؤيد “أمينة مستو” وهي ناشطة صحفية من جنديرس، وتقيم في المُغترب حديث “سردار” بالقول: “سمعت كثيراً من أهالي جنديرس إنهم مضطرون للبقاء بالقرب من منازلهم، خوفاً من السرقات، لذلك يبيتون في الشارع القريب من المنزل أو حتى البعض منهم ينامون في منازلهم رغم إنها متضررة، لأن المسلحين يسرقون المنازل المتضررة أمام أعين الناس، وهؤلاء المساكين لا يملكون خياراً آخر”.
كما لفتت “مستو” لـ”تارجيت” إلى أن “جنديرس ليس فيها فقط منازل، بل هناك عدد كبير من المحلات، كونها بلدة، وتضم محال ألبسة وذهب وخضروات وكل مستلزمات الناس”، مُوضحةً: “أي أن لقمة عيشهم في جنديرس، لذلك هم يرفضون الخروج من البلدة، بجانب خوفهم من أن يأتي غرباء ويدعوا ملكيتهم لمحلاتهم أو لبيوتهم، فيبنوا فوق الدمار منازلاً لهؤلاء المستوطنين أو المسلحين”.
خيمة مكان منزلي
أما “علي شير” وهو مواطن أيضاً من جنديرس، فقد قال لـ”تارجيت”: “الناس باتوا فقراء، لكن ما يجعل الإنسان سعيداً، هو إنه عندما يتجول في جنديرس، فإن سكانها الأصليين يقولون حتى لو هدم بيتي، فإنني سأضع خيمة مكان منزلي، ويؤكدون أنهم لن يغادروا أرضهم، خاصة أن البيوت تضم بعض الحاجيات التي لم تتضرر بشكل كامل من الزلزال، وبالتالي فانهم يخشون من تعرضها للسرقة إن تركوها، فـ(السرقة على أبو جنب)”، في إشارة إلى شدة انتشار السرقات.
بيد أن الصحفي “شيار خليل” وهو ينحدر كذلك من مدينة جنديرس، يعتقد أنها “ليست مسألة مُتعلقة بالسرقة فقط”، ويردف: “أهالي جنديرس وعفرين عامة متعلقون بأشجار الزيتون والتراب الأحمر الذي بنوا عليه بيوتهم ومحلاتهم، هذه المنازل بمثابة وطن بالنسبة لهم، وخلال السنوات الماضية، تعرضوا للكثير من العذابات والسرقات والاعتقالات، ورغم ذلك، من بقي هناك راضٍ بما هو موجود، حفاظاً على امتداده في تلك الأرض، وعمق جذوره هناك”.
وحول ما نشرته تقارير إعلامية من قيام المسلحين بنشر عناصرها لحماية المنازل من السرقة في جنديرس، أكد الشاهد “علي شير”: “هم بأنفسهم من يقومون بالسرقة، يقبضون نهاراً على شخص أو إثنين، لكن ليلاً الأمر مختلف، هل لديك تصوّر عن أعداد من يتوجهون للمنطقة بحثاً عن سرقة ما أمكن لهم من المنازل المُنهارة”.
تحدث “شيار خليل” لـ”منصة تارجيت” بالسياق قائلاً: “بخصوص ما يتعلق بالسرقات والخوف من سرقة المرتزقة ما بقي هناك، فبالطبع ذلك صحيح، الأعوام الخمسة الماضية كانت مليئة بالرعب قبل رعب الزلزال، كانوا يخافون ترك منازلهم مفتوحة أو دون أن يتواجد فيها أحد، لأن الفصائل التابعة لتركيا في الكثير من القرى بعفرين، احتلوا تلك المنازل، ومارسوا التغيير الديموغرافي”، مؤكداً: “أهالي عفرين المتضررون لن يغادروا إلى الخيم، وقرروا البقاء بخيمتهم فوق منزلهم، لأنه بالنسبة إليهم، ذلك المنزل هو ما تبقى من هويتهم”.
وادي للذئاب
ومنذ لحظة وقوع الزلزال في جنديرس، تهافت أبناء عفرين وباقي المناطق الكردية في سوريا وحتى إقليم كردستان العراق، لمد يدّ العون لأقرانهم الذين تعرضوا للفاجعة، ونشطت عشرات القنوات المحلية بطرق سرية، بغية الوصول إلى المتضررين من سكان المنطقة الأصليين، بهدف تقييم الأضرار وربطهم مع المتبرعين، وهو ما ساهم في تخفيف وطأة الفاجعة على الناجين من أهالي جنديرس.
“نيروز”، ثلاثينية كُردية تُقيم في جنديرس، تحدثت لـ”تارجيت” عن أثر المُبادرات التي انطلقت في بلاد المهجر للشد من عزيمتهم، فقالت: “أهلنا في الخارج لم يقصروا، لكن من الصعوبة بمكان أن يجري السماح لوسائل النقل بجلب المعونات من أوروبا مثلاً إلى جنديرس، بجانب صعوبة توزيعها في جنديرس على السكان الأصليين”، مُتابعةً: “تستطيع أن تقول بأننا في وادي للذئاب، كل حارة هي دولة بحد ذاتها”، وهي هنا لا تشبّه الوضع في جنديرس بمسلسل (مُخابراتي) تُركي شهير، بقدر ما تصف واقعها المُعاش.
وحول آلية توزيع المساعدات المالية التي جاءت لهم، بينت “نيروز”: “جرى تعيين أشخاص ثقة، حيث كانوا يقومون بتوزيع المعونات المالية المقدمة من أهالينا في المُغترب، على سكان جنديرس الأصليين بشكل سرّي”، فيما تأسفت “أمينة مستو”، كونه “لم يُساعد أحد أهالي عفرين، سوى الخيّرين في الخارج، الذين يجمعون الأموال ويرسلونها إلى أهاليهم وذويهم، ليشتروا بها إغاثة وخيم وضرورات الحياة”.
متابعةً: “في اليوم الثالث (للزلزال)، بدأ المسلحون بتوقيف المتطوعين على الحواجز ومُضايقتهم ومُحاولة ابتزازهم، والسيطرة على كل ما اشتروه بأموال الناس للمُتضررين، لذلك توقفت عمليات الإغاثة، وبدأ الأهالي بتقديم مُساعدات مالية للمُتضررين، عوضاً عن المساعدات الإغاثية”.
جنديرس بحاجة جهود دولية
لكن المُساعدات التي قدمت للمُتضررين في جنديرس، كانت على عجل، وبمبالغ صغيرة في مُجملها، لا تتعدى عدة مئات من الدولارات، وهي لا تساوي شيئاً بالنسبة إلى مَن خسر كل شيء جناه في حياته، حتى أن كلفة ترميم البيوت تستلزم أضعاف مُضاعفة للمُعونات المُقدمة، وقد تحدث “أبو عدنان” وهو من أهالي ريف جنديرس، لـ”تارجيت”، عن ترميم البيوت في مدينته المنكوبة، قائلاً: “أصحاب الأحواش المكونة من طابق واحد وسور خارجي، يقوم بعضهم حالياً بترميم منزله، أما بالنسبة للأبنية الطابقية فإن ترميمها يعتبر صعباً، ولا يستطيع أحد الدخول إليها، كونها تُعاني من تشققات كبيرة وانهيار لجدرانها، إضافة إلى الأبنية التي انهارت بالكامل، والتي لا يمكن ترميمها”.
“لا يملك البعض المال لتجهيز منزله”، يُشدد “أبو عدنان”، فـ”المنازل، قد تصل تكلفة ترميمها لـ10 آلاف دولار، وبالتالي فإن غالبية الناس سوف تبقى مُقيمة في الخيام إلى أن تستطيع تدارك وضعها الاقتصادي”، ووفقاً له، فإن الأبنية التي تضررت جدرانها، أو سقط بعضها، ستتراوح تكلفة ترميمها ما بين 10 إلى 15 ألف دولار، أما الأبنية القديمة (الأحواش) المُكونة من طابق واحد، والتي غالبها تضرر بتشققات في جدرانها، فستتراوح تكلفة ترميمها ما بين ألف دولار، إلى 5 آلاف دولار، حسب درجة الخراب التي أصابتها.
ويظن “شيار خليل”، أن “هناك خراباً ودماراً كبيراً في جنديرس، تحديداً البيوت المهدومة والتي تحتاج إلى ترحيل الأنقاض وإعادة إعمارها بحسب مقاييس جديدة، تراعي الكوارث المُحتملة، أما البيوت الصامدة، فهي تحتاج إلى الكشف من قبل مُختصين، ومنها ما يحتاج إلى الهدم لأنها مُهددة بالانهيار أصلاً”.
ويُوضح “خليل” أن المنطقة بحاجة لجهود دولية، وليس فقط أهلية ومحلية “لتهديمها وإعادة بنائها والحفاظ على هويتها الكُردية”، مُؤكداً: “أهل جنديرس غالبيتهم كُرد، وهناك من يُحاول استغلال هذه الكارثة لإحداث تغيير ديموغرافي، وإجبار السكان على النزوح أو الترحيل إلى الخيم خارج المدينة، وهنا تكمن المُصيبة الكبرى”، مُطالباً المنظمات الدولية والجهات المسؤولة بمُراقبة ذلك والضغط على تركيا، للحفاظ على “ما تبقى من تلك البلاد الجميلة بسكانها الباقين”.
الزلزال ولا الذل
أما على المُنقلب الآخر، أي في صفوف فصائل “الجيش الوطني السوري” المُوالي لتركيا، والمدنيين الذين جرى توطينهم في جنديرس، بعد عملية “غصن الزيتون” العسكرية التركية في العام 2018، فقد كانت الصورة مُختلفة كثيراً، وقاتمة إلى حد كبير، عززتها الشهادات التي تحدثت باستفاضة عن ممارسات تلك الأطراف في جنديرس خاصة، وعفرين عامة.
فعلى صعيد “الخيام” التي تحتاجها جنديرس المنكوبة، ورغم أنها قُدمت من قبل جهات كثيرة، كمُساعدات طارئة ومجانية، إلا أنها لا تزال مفقودة، ويُطالب كثير من الناشطين على منصات التواصل الاجتماعي بسد حاجات الأهالي منها، وحول ذلك كشف “أبو عدنان” لـ”منصة “تارجيت”: “من يبيع الخيام هم المسلحون، كما يوجد بعض المدنيين الموطنيّن في جنديرس، ممن لهم صلات مع المسلحين، يقومون أيضاً ببيع الخيام”.
ويُكمل: “في الوقت الذي ضرب فيه الزلزال جنديرس، رأينا مئات السيارات من طرف مناطق إعزاز ومارع وغيرها (شرقي عفرين) ومن طرف إدلب (جنوبي عفرين)، وهي تتوجه إلى المنطقة المنكوبة، ليس لمساعدتها، بل للحصول على الإغاثة، وسرقة ما أمكن من البيوت المُدمرة، إن كان مصاغاً أو أثاثاً أو غيره”، مُستفسراً: “هل هذا يمت للتفكير البشري بصلة؟”، منتقداً الأمم المتحدة التي تُشاهد ما يجري في عفرين، وتلتزم الصمت.
أما “أبو فرهاد” وهو مواطن من سكان جنديرس الأصليين، فتحدث لـ”منصة تارجيت”، وسرد تفاصيلاً عن سرقة المعونات، بالقول: “المساعدات يجري الاستيلاء عليها من الفصائل، ويتم توزيعها على من تم توطينهم في جنديرس (عقب عملية غصن الزيتون العام 2018)، وإذ رغبت إحدى الجهات بتوزيع المعونات على الكُرد، من أغذية، حليب أطفال، حفاضات وغيرها، وحتى الخيام، فإنه يُجري توزيعها بشكل سري، ولا نستطيع كناشطين على الأرض القيام بذلك بشكل علني”.
مقرات المسلحين مليئة بالمواد الإغاثية
وأردف “أبو فرهاد”: “الموضوع الأهم بالنسبة إلى أهالي جنديرس، في الوقت الراهن هو الخيام، فالناس لا تستطيع النوم في بيوتها، وفي الأيام السابقة، حتى الناس الذين يقيمون في الخيام، شعروا بالخوف عند حصول الهزات الارتدادية”، موضحاً أنه “يجري بيع الخيام من قبل المسلحين بمبالغ تتراوح ما بين 150 إلى 180 دولار امريكي”.
ويستكمل “أبو فرهاد”: “المنظمات التي دخلت إلى المنطقة، تقوم بالتوزيع على المُقربين منها حصراً، بجانب تدخل المسلحين في عملها، وتقسيمها المنطقة إلى قطاعات، ومنع العمل إلا بإشراف منهم، حيث يقومون بالاستيلاء على الخيام من المُنظمات، ويجري توزيعها وفق أهواء المسلحين”.
وأكد الشاهد لـ”تارجيت” إن “مقرات المسلحين باتت مليئة بالمواد الإغاثية والمعونات والاسفنجات والبطانيات والخيام”، سارداً: “هذا ما رأيته بأم العين في قرية بافلور (تابعة لجنديرس)”، لكنه اعتذر عن تسمية الفصيل الذي رأى المعونات في مستودعاته، هامساً لـ”تارجيت”: “لا أستطيع تسمية المليشيا التي ينتمي إليها المسلحون”، خشية مُلاحقته.
“أمينة مستو”، الناشطة الصحفية، أيدت “أبو فرهاد” بخصوص استيلاء فصائل “الجيش الوطني السوري” على المساعدات القادمة إلى جنديرس، وقالت لـ”تارجيت”: “هذا لا يحدث فقط في مركز الناحية أو القرى المحيطة بها، لكن في كافة القرى، لأن غالبية المنظمات التي تدخل جنديرس والقرى الأخرى، هي منظمات إخوانية تابعة لقطر أو تركيا، أو موالية لها”.
وأردفت “مستو”: “إنها توزع المساعدات على عائلات المسلحين والمستوطنين فقط، ويؤكد أهالي القرى (بريف جنديرس)، أن المستوطنين يتركون المنازل التي استوطنوها، ويذهبون لإنشاء خيم حوالي جنديرس، ويدعون إنهم من أهلها، ليحصلوا على المساعدات، لدرجة أن مساكن المستوطنين امتلأت بالمساعدات والخيم، التي يبيعونها، لأنهم لا يحتاجون إليها”.
بينما يستدرك “سردار”: “حتى لو أرسلت أمريكا، كل ما لديها من إمكانات، لن يكون كافياً، حيث سيقومون بالاستيلاء عليها، ولن يصل شيء منها لسكان جنديرس الأصليين، وحتى المنظمات التي تقوم بإدخال مساعدات إلى جنديرس وعفرين، مجبورة على دفع أتاوات، بجانب منح قسم من المساعدات للمسلحين، وإلا لن يُسمح لها بالعمل”.
لماذا بات المسلحون يشفقون على أهالي جنديرس؟
ورغم هول الزلزال، تواصل فصائل المُعارضة في عفرين، مُضايقاتها بحق الأهالي، وهو ما أكده “أبو عدنان”، قائلاً: “الزلزال ولا الذل، المُضايقات لا تزال مُستمرة، فكلما رغبنا بالتوجه إلى جنديرس أو قراها، يجري سؤالنا من قبل المسلحين عن أسباب توجهنا إليها”.
ويسرد “أبو عدنان”: “بعد خمس سنوات (من سيطرة تركيا على عفرين)، جرى سؤالي ثلاث مرات (خلال يوم واحد) من قبل مسلحي حاجز قريتنا، (إلى أين تذهب)، في كل مرة كنت أتوجه فيها إلى جنديرس أو قراها”، مُمتعضاً بشدة: “هذا السؤال يُطرح من أشخاص لا يمتون للمنطقة بصلة، وهو ما يقتل فينا روحنا المعنوية”، مُتسائلاً: “من هم حتى يسألونا أين نريد الذهاب”.
وحول ذلك، تُشير “أمينة مستو” لـ”تارجيت”، إلى أن “المسلحين يوزعون القرى بين بعضهم، وكأنها ممتلكات خاصه بهم، وحتى الأشخاص الموجودين داخل القرى، يجري التعامل معهم كقطيع يعود للفصيل المُهيمن، وبإمكان ذلك الفصيل قتل أي مواطن أو نهب آخر، وإخراج ثالث من بيته”، مُستكملةً: “يفعلون كل ما يحلو لهم، وطبعاً لا يستطيع فصيل آخر التدخل في قرية ليست ضمن ممتلكاته”.
ويعود “أبو عدنان” ليقول بصوت منخفض يعتصره الحزن: “أي شخص منهم (المسلحون والمدنيون الموطنوّن)، يمكنه أن يتهمنا بأي تهمة، وستكون مُثبتة عليه، لا يوجد قانون”، مُختتماً حديث لـ”تارجيت” بالقول: “هل تعلم أننا وصلنا إلى مرحلة بات فيها هؤلاء يشفقون فيها علينا، لكثرة ما مارسوه بحقنا من خبث وأعمال شائنة، وبالتالي باتوا يقللون من انتهاكاتهم ضدنا”! .
أخرجوا الغرباء
المُضايقات، الانتهاكات، وسرقة المعونات، لن تتوقف إلا بطريقة واحدة لفت إليها “سردار” في حديثه لـ”تارجيت”، عندما قال: “نحن لا نحزن بسبب الزلزال، ولا نريد مساعدات، ولا نريد أي شيء سوء إخراج الغرباء من جنديرس”، (في إشارة إلى المسلحين والمدنيين ممن تم توطينهم في المنطقة عقب عملية غصن الزيتون).
ويؤيد “علي شير” ذلك الحديث، كاشفاً عما يجول في خاطره لـ”تارجيت”، بالقول: “نحن في بيوتنا ولكننا مستنفرون، لو شاء المسلحون إخراجنا من بيوتنا، ليس هناك ما يمنعهم”، مردفاً: “هناك العشرات من الأهالي الذين أعرفهم، عادوا إلى عفرين (بعد تنفيذ عملية غصن الزيتون)، ولا يُسمح لهم بالعودة إلى بيوتهم، هذا الحكم غير مُناسب لنا، نُقسم بأننا لا نريد المساعدات، لكننا نريد أن يخرجوا من أرضنا”، داعياً جميع القوى السياسية والاجتماعية الكُردية في سوريا، للعمل على التعاضد لأجل عفرين.
“بالفعل، مُعاناة الأهالي أصبحت كبيرة جداً”، تقول “أمينة مستو”، وهي تزيد في الشعر بيتاً، فتقول: “أصبحنا نسمع بين الفينة والأخرى عن أشخاص يخرجون الى الشارع ويصرخون، وكان الزلزال أخرج ما في داخلهم من ألم وحزن، حتى لم يعودوا يحسبون حساباً لشيء، ولا حتى يخافون من المسلحين، فيتحدثون عن السرقات وعمليات النهب وعمليات القتل وعمليات التهديد والترهيب والتخويف”.
ويؤكد “علي شير”: “لا يمكن ترك عفرين في هذا الظلم بشكل دائم”، بينما توضّح “أمينة مستو”: “بالفعل من يسيطرون على عفرين، مجرد مرتزقة، قتلة مأجورون، لصوص، يسرقون في وضح النهار أمام أعين جيش الاحتلال التركي، مُتابعةً: “هناك من يوجههم، ونحن نعلم أنها المُخابرات التركية”.