أصدرت “قوات تحرير عفرين” يوم الجمعة، بياناً إلى الرأي العام شددت، فيه على أن أنقرة تتحجج بالعملية التي استهدفتها في الأول من أكتوبر الجاري، لـتبدأ ولا تزال بهجمات مستمرة استهدفت الأماكن الخدمية، وكافة الأماكن ذات الاحتياجات الحيوية من قبل الطيران الحربي وطائرات الاستطلاع.
وذكرت قوات تحرير عفرين إنه “في 5 أكتوبر الجاري، قُصفت قرى شوارغة، مرعناز، كشتعار، صوغاناكه، بينه، ذوق كبيرة/كوندي مازن، دير جمال، زيارة، مياسه، شعالة، زيوان، الشيخ عيسى، كفرنايا، وبلدة تل رفعت، بطائرات الاستطلاع المذخرة، ومدافع ثقيلة ومدافع الهاون، وبالإضافة إلى ذلك قصفت الطائرات الحربية كل من قرى بيلونيه وعين دقنة والمالكية وقرية زيارة، حيث قامت قواتنا بالرد على هجمات العدو“.
وأكدت القوات: “في هذا السياق.. وبتاريخ 5 اكتوبر، نفذت قواتنا عملية نوعية ضد قاعدة الاحتلال التركي في دابق التابعة لبلدة إعزاز، وأدت هذه العملية إلى مقتل 5 جنود من جيش الاحتلال التركي وإصابة 9 اخرين بجروح خطيرة، وفي الوقت نفسه، أصيبت سيارة وقاعدة للعدو، وفي نفس اليوم تم إسقاط طائرة مسيرة تابعة للجيش التركي في قرية شوارغة التابعة لناحية شرا“.
عفرين حاضرة على الساحة العسكرية
ومنذ أن استولى الجيش التركي في مارس العام 2018، عقب غزو عسكري أشركت فيه مليشيات المعارضة السورية المسماة بـ”الجيش الوطني السوري”، على منطقة عفرين ذات الخصوصية الكردية في شمال غرب سوريا، والمنطقة تعيش مناوشات عسكرية متباينة في الشدة والقوة.
فعقب أن كانت عفرين، واحدة من مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، ومحمية من قبل قواتها العسكرية وهي قوات سوريا الديمقراطية، تبدلت الحال عقب احتلالها تركياً، وأضحى لزاماً البحث عن بديل، كون “قسد” تعتبر قوة دفاعية عن مناطقها، وما جرى في عفرين يستلزم قوة أخرى للدفاع عنها، لتتأسس قوات جديدة تحت مسمى “قوات تحرير عفرين“.
تلك القوات، عمادها الأساس أبناء عفرين المهجرون عن أرضهم بشكل قسري، والذين يعملون منذ إطباق الاحتلال العسكري التركي على أرضهم، على مهمتين أساسيتين، أولها حماية مهجري عفرين في الشهباء شمال حلب، وقرى شيراوا جنوب عفرين، وثانيهما، تذكير القوات التي تحتل أرضهم بأن للأرض أصحاباً لن يتنازلوا عنها، عبر توجيه ضربات عقابية لهم.
وضمن ذلك السياق، تشن “قوات تحرير عفرين”، عمليات عسكرية تصفها بالنوعية، تقوم في أساسها على الهجمات المباغتة على نقاط تمركز مسلحي المعارضة السورية، أو توجيه صواريخ حرارية إلى تلك النقاط بجانب نقاط الجيش التركي.
هجمات وإن كانت لم تستطع تحرير عفرين حتى الآن، لكنها تأتي في إطار استراتيجية الاستنزاف من جهة، ومعاقبة المسلحين من جهة ثانية على انتهاكاتهم المستمرة بحق سكان عفرين الأصليين الكُرد.
خلال سبتمبر.. نشاط ملحوظ
وعليه، تتواصل العمليات العسكرية لتلك القوات، والتي تصاعدت خلال سبتمبر الماضي، إذ قامت “قوات تحرير عفرين” في الثامن من سبتمبر، بقُتل ثلاثة مسلحين من ميليشيا فرقة الحمزة وميليشيا السلطان سليمان شاه، وأصابت أربعة آخرين بجروح خطيرة، خلال عملية تسلل نفذتها على إحدى النقاط في محور كيماريه بناحية شيراوا بريف عفرين.
كما قُتل في السابع عشر من سبتمبر، مسلحٌ من ميليشيا “فيلق الشام”، وأصيب 7 آخرون بجروح خطيرة، جراء استهداف “قوات تحرير عفرين”، بصاروخ موجه، لسيارة عسكرية تابعة للميليشيا على محور قرية كباشين بناحية.
وفي الثامن عشر من سبتمبر، نفذت “قوات تحرير عفرين”، عملية تسلل على محوة قرية عبلة بمنطقة الباب شمال حلب، أوقعت نتيجتها 15 قتيلاً، بجانب جرحى في صفوف ميليشيا “حركة أحرار الشام”، وذلك بالتزامن مع اقتتال فصائلي على ذات المحور.
علاقة الأستانا وعفرين
وللحديث حول أهداف تلك العمليات العسكرية التي نُفذت في سبتمبر الماضي، أو الأخيرة التي نُفذت في الخامس من أكتوبر الجاري، والنتائج المأمولة منها، قال “دارا مصطفى” وهو مُمثل الإدارة الذاتية في الدانمارك، في حديث خاص لمنصة تارجيت: “هناك نظرية قديمة في علم السياسة، تقول بأنه عندما يخفق ويفشل الساسة بتحقيق نتائج، فإن دور العسكر يبدأ“.
وأردف: “على ما يبدو أن هذا هو أحد أسباب العمليات النوعية لقوات تحرير عفرين، ضد القوات المحتلة في شمال غرب سوريا، وهي دلالة على انسداد الأفق السياسي للأزمة السورية بشكل عام، وعدم وجود آمال بانسحاب القوات المحتلة عن طريق الدبلوماسية“.
موضحاً: “فمسار آستانة انتهى دون إنهاء الاحتلال التركي للأراضي السوري، بسبب تورط روسيا في الحرب على أوكرانيا، وانشغالها سياسياً وعسكرياً بهذه الحرب التي أدت لضعف سياسي روسي واضح، واستغلال تركيا لهذه الحرب، ومحاولة تثبيت احتلالها للأراضي السورية وتحويلها لأمر واقع“.
وأكمل: “أعتقد أن هذه القراءة السياسية هي التي دفعت قوات تحرير عفرين، لاستلام زمام المبادرة العسكرية مرة أخرى بعد انهيار الآمال بحل سياسي“.
من عفرين إلى الباب.. عدو واحد
وحول وصول عمليات “قوات تحرير عفرين” إلى منطقة الباب شمال حلب، قال مصطفى لـ تارجيت: “إن الموقف والعمق الوطني الواضح لقوات تحرير عفرين، هو ما دفعها لتنفيذ عمليتها الأخيرة ضد الاحتلال ومرتزقته بالقرب من مدينة الباب في شمال حلب، فيما تطلق عليه قوات الاحتلال بمنطقة درع الفرات، والتي تعد امتداداً جغرافياً وعسكرياً لجبهة منطقة عفرين (منطقة غصن الزيتون كما أسمته قوات الاحتلال)، إذا فالجبهة واحدة، والعدو واحد“.
وتابع: “باعتبار أن قوات تحرير عفرين، هي قوة وطنية سورية بامتياز، فمن حقها مُهاجمة المُحتل وتنفيذ العمليات ضده في أي بقعة سورية ترتأيه القيادة العسكرية لهذه القوات مناسباً، فالباب مدينة سورية مُحتلة حالها حال عفرين“.
ووفق مُمثل الإدارة الذاتية في الدانمارك: “تؤكد العملية النوعية لقوات تحرير عفرين، في منطقة الباب، بتاريخ الثامن عشر من سبتمبر، على أمرين مهمين، هما وجود حاضنة شعبية لهذه القوات في تلك المنطقة، مكنتها من تحديد الهدف بدقة، وسهّلت عملية التحرك هناك، وربما تكون القوة المنفذة هي من أبناء منطقة الباب وليس بالضرورة من أبناء منطقة عفرين، فالاحتلال التركي مرفوض من جميع السوريين الشرفاء، عدا عن حفنة مرتزقة باعت بلادها للعدو التركي“.
واستكمل: “والأمر الثاني، هو الكفاءة المهنية والعسكرية العالية لقوات تحرير عفرين، والتي مكنتهم من التسلل خلف الخطوط، وضرب العدو بقوة وايقاع عشرات القتلى في صفوفه، والعودة دون خسائر“.
وختم بالقول: “أي إننا أمام قوات منظمة تتمتع بقدرات عسكرية عالية، وقدرة على التخطيط والتنفيذ بدقة، وهي رسالة واضحة لقوات الاحتلال، بأن القادم سيكون أسوأ لهم، ما لم يلتزموا بالحل السياسي والانسحاب من الأراضي السورية المحتلة“.
وتبدو الأيام الحالية حُبلى بالمتغيرات والعمليات العسكرية، ليس في شمال سوريا، وإنما تحديداً في مناطق شمال حلب، حيث تتكرر المواجهة العسكرية بين “هيئة تحرير الشام” من جهة، ومليشيات المعارضة المسلحة التابعة لتركيا من جهة ثانية، وأن تمكنت “الهيئة” وهي امتداد لفرع القاعدة في سوريا، من السيطرة على شمال حلب، فإن ذلك قد يُحفز التحالف الدولي على مُساندة “قوات تحرير عفرين” لتطهير المنطقة من الإرهاب، على شاكلة دعمها لـ قسد في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي سابقاً، وهو سيناريو بات الأقرب إلى الواقع.