بعد أسابيع من الأخذ والرد والمحادثات المستمرة برعاية أمريكية، أعلنت السعودية وإسرائيل الاقتراب من تطبيع العلاقات فيما بينهما، في حدث سيكون الأبرز في حال حدوثه وربما يقود للوصول إلى تسويات وحلحلة ملفات أخرى بالمنطقة.
ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قال خلال مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز” الأمريكية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إن بلاده تقترب أكثر وأكثر من تطبيع العلاقات مع إسرائيل وأن هذه المحادثات تجري بشكل جيد حتى الآن، نافياً صحة التقارير التي تحدثت عن تعليق المحادثات التي ترعاها الولايات المتحدة بين الجانبين.
بن سلمان، شدد خلال المقابلة، على أهمية القضية الفلسطينية بالنسبة للسعودية، مطالباً بحل هذه القضية وفق القرارات الدولية ومبدأ حل الدولتين كشرط من شروط استكمال التطبيع، معرباً عن أمله عن يؤدي هذه التطبيع المرتقب للعلاقات مع إسرائيل إلى نتيجة تجعل حياة الفلسطينيين أسهل وتسمح لإسرائيل بأن تلعب دوراً إيجابياً في الشرق الأوسط، على حد تعبيره.
من جانبه، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن إسرائيل على عتبة تطبيع العلاقات مع السعودية وأن السلام بين الجانبين سيخلق شرق أوسط جديداً، مضيفاً أن اتفاقيات تطبيع العلاقات مع 3 دول عربية عام 2020 كانت بمثابة إشارة إلى “فجر عصر جديد من السلام” في الشرق الأوسط، الذي سيقطع شوطاً كبيراً نحو إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، وسيشجع دولاً عربية أخرى على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، مشيراً إلى أن “الطريق نحو سلام حقيقي مع الفلسطينيين يمكن تحقيقه أخيراً”، على حد تعبيره.
برنامج نووي سعودي
وتقول مصادر مطلعة، أن أهم الملفات التي يجري التباحث بشأنها خلال محادثات تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، هي اعتراف الرياض بدولة إسرائيل مقابل مساعدة إسرائيلية للمملكة في تطوير برنامج نووي مدني وتخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية، إلى جانب القضية الفلسطينية ومبدأ حل الدولتين لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
لكن مصادر أمريكية كشفت عن خلافات بين الأوساط السياسية والعسكرية في كل من أمريكا وإسرائيل، بشأن إمكانية الإشراف على برنامج نووي سعودي وإنشاء منشآت نووية في السعودية، حيث تعارض الأوساط العسكرية في البلدين ذلك بشكل كبير وتعتبر أنه لا يجب أن يدرج في البنود التي يتم التباحث بشأنها خلال محادثات تطبيع العلاقات بين تل أبيب والرياض، في حين تبدي الأطراف السياسية مرونة تجاه هذا الأمر وإمكانية تطبيقه.
الباحث في العلاقات الدولية محمود أبو حوش، قال في تصريحات لمنصة تارجيت الإعلامية: “إن تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل لن يكون بهذه السهولة، لأن هذه التطبيع سيكون له انعكاسات كبيرة على العديد من القضايا في المنطقة، وبالتالي فإنه أمر شديد الصعوبة والتعقيد، معرباً عن اعتقاده أن خطوة كل من البحرين والإمارات بالتطبيع مع إسرائيل في إطار ما يعرف بـ”الاتفاقيات الإبراهيمية” مرت ولن تستطيع السعودية أن تكون طرفاً فيها، لأن الأخيرة ليست رمزاً أو دولة سياسية فقط، بل هي رمز ديني وسياسي واقتصادي في المنطقة، وعليه فإن أي تطبيع يعتبر تحول في سياسات المملكة تجاه دول المنطقة وشعوبها وليس مجرد خطوة تطبيع”.
القضية الفلسطينية
ورغم أن مسؤولين سعوديين يؤكدون بشكل متكرر، أن القضية الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل بموجب المبادرة العربية التي تم طرحها في القمة العربية التي عقدت في بيروت عام 2002 هو شرط أساسي للتطبيع، إلا أن المسؤولين ووسائل الإعلام الإسرائيلية، يقولون إن هذه القضية “ثانوية” في محادثات التطبيع بين إسرائيل والسعودية، وأن إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي لا يتطلب بالضرورة إقامة دولة فلسطينية، قد تتحول إلى “قاعدة متقدمة” لإيران ومصدر تهديد للأمن.
ويضيف الباحث محمود أبو حوش، “أن تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية سيكون له انعكاسات مباشرة على القضية الفلسطينية، والسعودية تعي جيداً هذه الخطورة وكيف ستنعكس على شعبيتها إقليمياً وعالمياً، رغم أنه من منطلق براغماتي أنها ربما ستفعل كما فعلت الإمارات، لكن يعتقد أن السعودية تنظر بعين العقلانية وعين الواقع الحالي تجاه هذه الملف بشكل خاص، وبالتالي فإن أمر التطبيع يعتبر صعب رغم أن هناك العديد من التصريحات، لكن لن يكون هناك شكل من التفاهمات في هذا الإطار على المدى المنظور”.
وتأتي التصريحات السعودية الإسرائيلية المتزامنة بشأن الاقتراب من تطبيع العلاقات، بعد أقل من شهر على تعيين المملكة سفيراً لها بالعاصمة الإيرانية طهران وتعيين الحكومة الإيرانية سفيراً جديداً في الرياض، تنفيذاً لاتفاق استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين الموقع برعاية صينية بالعاصمة الصينية بكين في آذار/ مارس الماضي، ما قد ينعكس على العلاقة بين الجانبين في كثير من الجوانب على اعتبار أن إيران تعتبر إسرائيل “عدواً” وترفض أي تطبيع للعلاقات معها.