تعاون أمريكي أردني مرتقب لمواجهة “مخدرات حكومة دمشق”

وسط تقارير عن غضب وقلق أردني كبير من استمرار تهريب المخدرات عبر الحدود السورية، وأن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي نقل خلال زيارته الأخيرة إلى دمشق امتعاض عمان من عدم كفاية جهود حكومة دمشق في محاربة الظاهرة، كشفت هيئة أركان الجيش الأمريكي عن توجه لتعاون أمريكي أردني في مواجهة المخدرات القادمة إلى الأردن من سوريا.

رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي مارك ميلي، قال خلال مقابلة على قناة “المملكة” الأردنية، إن هناك خططاً للتعاون بين الولايات المتحدة والأردن لمحاربة المخدرات القادمة عبر الحدود السورية والتي يتهم النظام السوري بالمسؤولية عنها، مضيفاً أن عمليات تهريب المخدرات أمر بالغ الأهمية ويجب دعم الجيش الأردني بالمعدات والتدريب لمحاربتها.

الشرط الأوسط أولوية أمريكية

وشدد ميلي، على أن العديد من التنظيمات الإرهابية مرتبطة بعصابات تهريب المخدرات، مؤكداً في الوقت نفسه أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن حلفائها في منطقة الشرق الأوسط التي تعتبرها أولوية للأمن القومي الأمريكي، وذلك بعد تقارير عن توجه إيراني وروسي لمحاولة الضغط على القوات الأمريكية في سوريا من أجل إجبارها على الانسحاب.

منطقة عازلة

وتأتي تصريحات رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي، بالتزامن مع حديث تقارير إعلامية عن طرح الأردن على الولايات المتحدة ودول غربية خطة إقامة “منطقة عازلة” على الحدود مع سوريا لمواجهة عمليات تهريب المخدرات وإعادة لاجئين سوريين إليها، في ظل عدم ثقة عمان بنية حكومة دمشق أو قدرتها على مواجهة الظاهرة والقضاء عليها مع استمرار سيطرة إيران والفصائل التابعة لها وجماعة حزب الله اللبناني على أغلب مناطق سيطرة دمشق، حيث تتهم هذه الجهات بالمسؤولية عن تجارة وتهريب المخدرات بالتعاون مع ضباط ومتنفذين بقوات حكومة دمشق، وتحاول تعطيل أي جهود للحد من الظاهرة.

تحالف استراتيجي

وتقول الكاتبة والباحثة السياسية تمارا حداد في هذا السياق: “إن العلاقة بين الأردن والولايات المتحدة هي علاقة قوية ووثيقة وواشنطن تعتبر الأردن حليف استراتيجي في منطقة الشرق الأوسط إلى جانب الحلفاء الآخرين، كما أن الأردن عانى كثيراً من تهريب المخدرات وتحديداً “الكبتاغون” الذي يتم إيصاله عبر الحدود من سوريا، وهناك العديد من الجهات التي تساعد وتساهم في عمليات تهريب “الكبتاغون” إلى الأردن، وواضح أن المهربين محميون من الأجهزة الأمنية في الحكومة السورية، التي تعتبر الأردن ممر لإيصال هذه المواد المخدرة إلى دول الخليج”.

وتضيف تمارا حداد في تصريحات لمنصة تارجيت الإعلامية: “أن الجهات التي تقف وراء عمليات تهريب المخدرات إلى دول الخليج الغنية، تعتبر عمليات بيع “الكبتاغون” طريقة لجلب المال، مشيرةً إلى أن الأردن لم يستطع إيقاف هذه العمليات لذلك لجأ إلى الولايات المتحدة من أجل خفض حالات التهريب التي لم تعد مقتصرة على الحدود البرية بل دخلت فيها الطائرات المسيرة، إلى جانب تهريب السلاح إلى الأردن ومن ثم إلى الضفة الغربية، ولافتةً في الوقت نفسه إلى أن المساعدة الأمريكية للأردن تتمثل بتدريب قوات الجيش الأردني بما في ذلك الدعم التسليحي والمادي”.

وكان الجيش الأردني، قد أعلن خلال الفترة القليلة الماضية إسقاط عدة طائرات مسيرة تحمل مخدرات قادمة من سوريا، بالتزامن مع إحباط محاولات لتهريب كميات كبيرة من المواد المخدرة إلى البلاد عبر شحنات مواد غذائية أو صناعية، الأمر الذي انعكس بشكل كبير على حركة التجارة عبر معبر “جابر – نصيب” الحدودي، الذي أغلقته السلطات الأردنية أكثر من مرة على خلفية هذه العمليات.

وبحسب الكاتبة والباحثة السياسية تمارا حداد، فإن الولايات المتحدة بدأت بهذه المساعدة على أرض الواقع فهي الآن حاصرت بعض المناطق في شرق سوريا على الحدود مع العراق، من أجل قطع إيصال الإمدادات وقطع الطريق على الجماعات المتورطة بعمليات تهريب المخدرات والسلاح، حيث تنتشر هناك الكثير من الأنفاق السرية والمعابر الغير شرعية والتي تستخدم في هذه العمليات”.

وتشير حداد، إلى أن الولايات المتحدة تعتبر منطقة الشرق الأوسط ذات موقع جيوسياسي واستراتيجي مهم، لذلك فهي لن تترك هذه المنطقة الغنية بالثروات والنفط، لأن تركها سيخلق فراغاً تملأه روسيا والصين التي تعارض واشنطن تعزيز نفوذها خاصةً بعد المصالحة التي حدثت بين السعودية وإيران برعاية صينية، والتي تشير إلى أن الصين تريد ترسيخ وجودها الاقتصادي بمنطقة الشرق الأوسط، إلى جانب محاولة استثمار النفط والغاز وهو ما يزعج الولايات المتحدة وذلك رغم تخفيضها لقواتها بالمنطقة، وعليه فالوجود الأمريكي مستمر بالشرق الأوسط بدءاً من إسرائيل التي تعتبر أكبر قاعدة أمريكية في هذه المنطقة وصولاً إلى قواعدها بدول أخرى كقطر وتركيا والإمارات والأردن، إلى جانب الشركات التي لها علاقة بالنفط، وواشنطن تريد إعادة الشرق الأوسط إلى ما قبل مرحلة “الفوضى الخلاقة” عبر تخفيض وجود إيران وأذرعها بالعراق وسوريا ولبنان واليمن، ومحاولة ترتيب المنطقة أمنياً وسياسياً وأن يكون هناك حلفاً سعودياً إسرائيلياً لمواجهة نفوذ إيران”.

يذكر، أن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي كان قد هدد مطلع أيار/ مايو الماضي، بشن هجمات داخل الأراضي السورية لملاحقة تجار ومهربي المخدرات في حال عدم تمكن قوات حكومة دمشق من وضع حد لاستمرار هذه الظاهرة، قبل أن تشن طائرات أردنية بعد أيام على هذه التهديدات غارات على مواقع لإنتاج “الكبتاغون” بريف درعا جنوبي سوريا، ومنزل مرعي الرمثان أبرز تجار المخدرات في قرية الشعاب بريف السويداء ما أسفر عن مقتله مع زوجته وأطفاله الستة.

قد يعجبك ايضا