وسط جمود يعتري العملية السياسية في سوريا، وعدم تحقيق أي تقدم أو اختراق في ملف الحل السياسي، والانهيار المتسارع لاقتصاد البلاد خلال الفترة الأخيرة، حذر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون في إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي من تفاقم الأزمة وتزايد معاناة المدنيين السوريين.
بيدرسون، قال إن استمرار الصراع والأعمال القتالية في سوريا يعرقل العملية السياسية المتعثرة أصلاً ويفاقم من معاناة الشعب السوري، في ظل أزمات متلاحقة تعصف بالبلاد من نزوح وخطف وانتهاكات لحقوق الإنسان وهجمات إرهابية، إلى جانب ارتفاع كبير بأسعار السلع الأساسية، مضيفاً أن النظام السوري أصبح غير قادر على إصلاح اقتصاد البلاد المتردي، ومشيراً في الوقت نفسه إلى أنه يمكن معالجة الأزمات التي تعانيها سوريا عبر تطبيق القرارات الأممية وعلى رأسها القرار 2254، والبدء باتخاذ بعض الخطوات الإضافية بشأن القرار الذي يمكن أن يؤدي لتدارك “الانهيار غير المستدام” وتحفيز التعافي وعملية بناء الثقة”.
وشدد المبعوث الأممي على ضرورة مواصلة تقديم المساعدات الإنسانية للسوريين واستمرار الحفاظ على حماية واستقلالية عمل الأمم المتحدة في عملياتها الإنسانية، وتقديم الدول المانحة المزيد من المساعدات للمحتاجين في سوريا، والعمل من أجل الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار على مستوى البلاد.
محاباة روسيا وإيران
ويقول الكاتب والمحلل السياسي سامر الخليوي في تصريحات لمنصة تارجيت في هذا السياق: “إنه إلى الآن لم يتحدث بيدرسون بصراحة وواقعية ويسمي الأمور بمسمياتها ولا يزال يراوغ ويحابي بشار الأسد وروسيا وإيران بل من يسمعه يعتقد أن مشكلة سوريا هي اقتصادية بالدرجة الأولى، كذلك إلى الآن لم يحمل الأسد فشل ما يسمى باللجنة الدستورية وهو يعلم أن هذه اللجنة لم ولن تحقق ما هو مطلوب منها وأنها التفاف على قرار مجلس الأمن 2254، لكنه يستمر بهذا المسار الفاشل كي يقول إنه في سبيل تحقيق الحل السياسي، والذي أثبت بشار الأسد له ولغيره أنه غير معني به بل يريد من الجميع أن يدعمه ويعيد إنتاجه إلى جانب رفع العقوبات”.
استمرار العقوبات الأمريكية
وبدورها، قالت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد في كلمة أمام المجلس، إن الصراع في سوريا ينشر حالة من عدم الاستقرار في المنطقة برمتها، لافتةً إلى أن حكومة دمشق تسهل عمليات تجارة وتهريب المخدرات، وأن واشنطن ستواصل المساعي لتعزيز المساءلة عن الانتهاكات التي ترتكبها قوات حكومة دمشق، وأن العقوبات الأمريكية على الأخيرة ستبقى سارية على الأقل حتى يتم إحراز تقدم نحو الحل السياسي، داعيةً في الوقت نفسه إلى ضرورة بذل الجهود لتحسين الواقع المعيشي للمدنيين السوريين وتأمين العودة الآمنة للنازحين واللاجئين إلى ديارهم والعمل لإطلاق سراح جميع المعتقلين وكشف مصير المغيبين.
الدعوة لدور عربي فاعل
من جانبها، شددت نائبة مندوبة الإمارات في الأمم المتحدة، على أن الحَل السياسي هو السَبيل الوحيد لتجاوز الأزمة السورية، داعيةً لتكثيف التعاون الدولي من أجل خفض التصعيد في كافة المناطق السورية ومواصلة التصدي للتهديد الذي يشكله تنظيم داعش الإرهابي، مطالبةً بضرورة تعزيز الدور العربي البنّاء لمساعدة سوريا في التعافي واستعادة استقرارها، في حين قال مندوب حكومة دمشق في الأمم المتحدة بسام صباغ، إن استمرار الوجود التركي في سوريا ودعم أنقرة للإرهابيين يعيق تثبيت الاستقرار في المنطقة.
ويضيف الخليوي، “أن الطامة الكبرى هي بمن يطالب بتدخل الإمارات ومن معها من أنظمة قمعية دكتاتورية داعمة لنظام الإجرام في دمشق وما تعمل عليه الإمارات هو دمار لسوريا وللشعب السوري، فقد قدمت ولا تزال تقدم كل أشكال الدعم لهذا النظام، مشيراً إلى أنه في حال بقاء بيدرسون على نفس منهجه فلن يتم تحقيق أي إنجاز حقيقي بل على العكس، هو يسير مع الأسد معادياً لتطلعات الشعب السوري ولهذا لا أحد من أبناء الشعب السوري يتأمل خيراً من بيدرسون أو غيره، على حد تعبيره.
وتأتي جلسة مجلس الأمن الدولي الخاصة بسوريا، في ظل تطورات متسارعة تشهدها الساحة السورية رغم تعثر العملية السياسية، أبرزها الانهيار المتسارع لليرة وما تبعه من تدهور الوضع المعيشي خاصةً في مناطق سيطرة حكومة دمشق، إلى جانب تزايد هجمات تنظيم داعش الإرهابي لاسيما في البادية، وصولاً إلى الحراك الشعبي المتنامي ضد دمشق ورئيس النظام السوري بشار الأسد الذي بدأ في السويداء بالجنوب وامتد إلى محافظات أخرى كريف دمشق وحلب ودير الزور.
يشار، إلى أنه لم تفلح جميع المبادرات والمؤتمرات التي عقدت بشأن سوريا منذ مؤتمر جنيف الأول، بإحداث اختراق في ملف الأزمة وتحقيق تقدم نحو حل سياسي شامل، بما في ذلك المبادرة العربية التي تم إطلاقها بعد عودة حكومة دمشق إلى مقعدها بالجامعة العربية في أيار/ مايو الماضي، والمعروفة بـ”خطوة مقابل خطوة”، وسط تقارير عن عدم تنفيذ دمشق الخطوات المطلوبة منها وخاصةً بشأن النفوذ الإيراني ومحاربة المخدرات، ما أعاق مضي الدول العربية قدماً في جهود الحل والاستثمار الاقتصادي والتنموي في سوريا.
غياب الإرادة الدولية
ورغم مرور أكثر من اثني عشر عاماً على الأزمة في سوريا وبقائها دون حل، يقول محللون إن الملف السوري لم يعد على رأس أجندات المجتمع الدولي، في ظل تفرد بعض الأطراف الفاعلة في الأزمة على رأسها تركيا وروسيا وإيران بالتحكم بمسارها وفق مصالحها بناءً على تسويات وصفقات معينة، ومحاولة إطالة أمد الصراع لتحقيق مآرب معينة، رغم المعاناة الإنسانية الكبيرة لملايين السوريين.