على وقع انهيار متسارع لليرة السورية وصل معه سعر صرف الدولار الأمريكي الواحد إلى أكثر من 15 ألف ليرة ، مترافقاً مع أزمة اقتصادية ومعيشية غير مسبوقة بمناطق سيطرة حكومة دمشق، تعلن الأخيرة عن رفع أسعار المحروقات بجميع أنواعها بنسب كبيرة جداً وصلت إلى نحو 300 في المئة.
وكالة سانا التابعة لحكومة دمشق، أفادت أن وزار الداخلية في الحكومة، رفعت أسعار المشتقات النفطية من مازوت وبنزين وفيول وغاز سائل، حيث أصبح سعر المازوت المخصص للأفران التموينية الخاصة 700 ليرة سورية للتر الواحد، في حين أصبح سعر المازوت المدعوم للمستهلك 2000 ليرة للتر الواحد، وبلغ سعر اللتر الواحد من المازوت الصناعي المقدم للزراعة خارج المخصصات المدعومة والصناعات الزراعية والمشافي الخاصة ومعامل الأدوية 8000 ليرة، والمازوت الحر 11550 ليرة للتر الواحد، كما تم رفع سعر البنزين “الأوكتان 90” المدعوم لـ8000 ليرة للتر، والبنزين الممتاز “الأوكتان 95” إلى 13500 ليرة للتر الواحد.
وتقول مصادر محلية من مناطق سيطرة حكومة دمشق، أن القرار صدر بشكل مفاجئ ودون إصدار نشرة تحدد الأسعار بناء على زيادة سعر المحروقات، بما في ذلك تعرفة الركوب بوسائل النقل العامة والمواد الأساسية والغذائية لاسيما التي ترتبط بشكل مباشر بالمحروقات من حيث الإنتاج وعمليات النقل، ما خلق حالة من الفوضى في عدة مدن لاسيما العاصمة دمشق، وامتناع بعض المحال عن البيع.
تدهور اقتصادي وتململ شعبي
ويقول عضو المجلس السوري للتغيير المستشار حسن الحريري خلال تصريحات لمنصة تارجيت الإعلامية في هذا السياق: “إنه وبعد فشل بشار الأسد ونظامه بالالتزام بالمبادرة العربية بل وانحرافه بشكل كامل باتجاه إيران، فمن الطبيعي أن تشهد الليرة السورية هذا الانخفاض الحاد ومن الطبيعي أن يستمر الاقتصاد في مناطق النظام بالتدهور، الأمر الذي سيؤدي أخيراً إلى حالة من الانفلات الأمني يصاحبها حالة من التململ بصفوف الموالين بسبب الضغط المعيشي الذي رافق رفع الدعم عن المحروقات، وانكشاف سعرها الحقيقي في السوق الأمر الذي ينبأ بكارثة اقتصادية ستجتاح تلك المناطق”.
ومن جانبه، يقول المحامي السوري المستقل عادل الهادي: “إنه عندما يعم الفساد ويتم بيع البلاد إلى المحتل الإيراني والروسي ناهيك عن سلطان الإخوان المسلمين العثماني، فإن الحكومة تبحث عن مصادر نهب جديدة لها لا تجدها إلا في جيوب المواطنين بعد أن باعت ثروات البلاد لذلك تلجأ لرفع أسعار المحروقات وهي تعلم تماماً أن الناس ما عادت تحتمل خصوصاً أن رفع الأسعار جاء بنسب فلكية لم تعهدها أو تقوم بها سلطة وطنية على وجه الأرض”.
ويضيف الهادي في تصريحات لمنصة تارجيت، “أن أوضاع الناس شديدة السوء اقتصادياً ونفسياً ومعنوياً بسبب سياسات السلطة السورية الكارثية وهذا القرار الجديد سوف يسرع من انهيار المؤسسات والخدمات خصوصاً أن الموظف أصبح يدفع أجور تنقل للوصول إلى مكان عمله أكثر من راتبه بعد الزيادة، لذلك لن يتمكن الطلاب والموظفون والمواطنون إجمالاً من التنقل وهذا ستظهر نتائجه قريباً جداً”.
وتزامنت الزيادة الجديدة لأسعار المحروقات في مناطق سيطرة حكومة دمشق، مع إصدار رئيس النظام السوري بشار الأسد مرسومين تشريعيين، رفع بموجبهما الرواتب والأجور المقطوعة للعاملين في مؤسسات الحكومة، وزيادة المعاشات التقاعدية بنسبة مئة في المئة، ما أثار موجة غضب واستنكار شعبي، على اعتبار أن الحكومة تحاول تعويض الزيادة من جيوب المواطنين من خلال رفع سعر المحروقات وما يتبعه من ارتفاع أسعار جميع المواد الأساسية، حيث أن أغلب الاعمال الزراعية والصناعية والتجارية تعتمد على مادة المازوت بشكل أساسي.
زيارة وهمية للرواتب
وبحسب الهادي، “فإن زيادة الرواتب تضخمية وليست حقيقية لأنها أضعفت القوة الشرائية للمواطن، والحكومة ترفع الرواتب وهمياً من جيوب المواطنين، وهي حكومة “احتلال” لذلك فسلوكها هكذا، مشيراً إلى أن الحكومات الوطنية المنتخبة تتنحى إذا فشلت، أما هذه “العصابات” فوظيفتها تدمير البلاد ودفع ما بقي من العباد للهجرة أو للموت بالبحار”، على حد تعبيره.
إضراب واضطرابات
ويؤكد المحامي السوري المستقل عادل الهادي، أن اضطرابات عمت جميع مناطق السويداء عقب قرار رفع أسعار المحروقات، وهناك دعوة من أجل الإضراب الشامل يوم الخميس، احتجاجاً على سياسات السلطة السورية الغاشمة التي تتقصد دفع البلاد إلى الانهيار، كما انتشرت دعوات عديدة للتحرك بالشارع بما في ذلك حركة 10 آب التي يبدو أنها موجودة في أكثر من مكان، معتبراً أن الأوضاع في ظل النظام الحاكم إلى تدهور وليس هناك من حل في سوريا إلا بالانتقال السياسي وتطبيق القرار 2254 والبدء بإعادة الإعمار وتطبيق الإدارة اللامركزية الموسعة”.
ويتوقع أغلب المحللين أن يكون لهذا القرار تبعات غير تلك التي تتعلق بالأوضاع المعيشية والاقتصادية، بل ربما يفتح الباب لاضطرابات وحراك شعبي في مناطق سيطرة حكومة دمشق وفق ما يعرف بـ “ثورة الجياع”، على اعتبار أن الأوضاع هناك وصلت إلى مراحل يصعب معها على المواطن تحمل تكلفة المعيشة في ظل شلل شبه تام للنشاط الاقتصادي وانعدام فرص العمل”