خيبة عربية في التطبيع مع الأسد ..مصدر دبلوماسي يكشف كواليس اجتماع لجنة الاتصال العربي

استضافت اليوم العاصمة المصرية القاهرة الاجتماع الأول للجنة الاتصال العربية بشأن الأزمة السورية بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والأردن والعراق ولبنان وحكومة دمشق، وهي اللجنة التي شكلت قبل 3 أشهر كإحدى مخرجات المبادرة العربية لتطبيع العلاقات مع حكومة دمشق، والتي ترى الدول المطبعة أنها مقاربة لحل الأزمة السورية في إطار مبدأ خطوة بخطوة، لكن يبدو أن الاجتماع يأتي وسط كثير من الإشكاليات.

ورغم أن صحيفة “الوطن” السورية أشارت إلى مشاركة وزير خارجية حكومة دمشق فيصل المقداد في اجتماع القاهرة واللقاء مع وزير الخارجية المصري سامح شكري، مشيرة إلى انفتاح الحكومة على المشاركة، إلا أن مصدر دبلوماسي مطلع أكد، لمنصة “تارجيت” الإعلامية، أن وزراء الخارجية الأطراف في لجنة الاتصال بالأزمة العربية أبدوا في لقاءات اليوم كثيراً من علامات الاستفهام بشأن تعاطي حكومة دمشق مع المبادرة العربية لحل الأزمة السورية، ولعل سبب إثارتها بشكل كبير ما جاء على لسان بشار الأسد مؤخراً خلال لقاء مع إحدى الفضائيات الإماراتية.

علامات استفهام كبيرة
وقال المصدر الدبلوماسي، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إن الراشخ لدى أطراف اللجنة أن حكومة دمشق لم تتعاطى بشكل واضح مع مسألة الانفتاح على فتح أي قنوات اتصال مع المعارضة في إطار ما دعت إليه الدول العربية من إجراء لحوار سياسي مع فصائل المعارضة المعتدلة، رغم مرور أكثر من 3 أشهر على التحركات التي تقودها الدول العربية، إذ لم يبد بشار الأسد بعد أية إشارة بشأن هذا المسار.

ولفت المصدر إلى أن حكومة دمشق كذلك لم تقم بما يكف فيما يتعلق بمجال مكافحة الكبتاجون سوى عمليات محدودة للغاية وهي العمليات التي تضررت منها بشكل كبير دول عربية على رأسها المملكة الأردنية الهاشمية ولبنان، بل إن ما أثار حفيظة الدول العربية التي تقود المبادرة هو أن بشار الأسد حين خرج في حوار مع قناة سكاي نيوز الإماراتية حمّل من وصفها بـ”الدول التي ساهمت في خلق الفوضى” مسؤولية انتشار الكبتاجون وغيرها من التجارات غير المشروعة.

وذكر المصدر الدبلوماسي أن دول المبادرة العربية رأت كذلك أن بشار الأسد لم يقدم بعد أية إشارة بشأن ملف استقبال اللاجئين السوريين، بل إنه رهن عودتهم بتحسن الأوضاع الاقتصادية، ما يعني أن هذا ملفاً قد يطول أمده وأنه غير متخمس لعودتهم، ولهذا فإن اجتماع لجنة الاتصال بالقاهرة تطرق إلى مختلف تلك المآخذ بشأن استجابة حكومة دمشق لبنود المبادرة.

وتدعو المبادرة العربية التي على أساسها عادت حكومة دمشق إلى مقعدها بجامعة الدول العربية إلى أن يقدم بشار الأسد على فتح حوار سياسي جاد يمهد الطريق لحل سياسي للأزمة ويحرك المياه الراكدة، كما تنص على أن تقوم حكومة دمشق باتخاذ تدابير صارمة لمكافحة تجارة الكبتاجون، وأيضاً السماح بانتشار قوة عربية مشتركة تمهد الطريق أمام عودة اللاجئين السوريين، فضلاً عن العمل على تقليص النفوذ الإيراني في الأراضي السورية.

مواقف مصر والسعودية
ورغم أن تحمس الدول العربية لتطبيع العلاقات مع بشار الأسد قد يكون لأسباب أخرى، زعمت الدول العربية أن هذا التقارب يأتي من أجل حل الأزمة السورية وإعمالاً لمبدأ خطوة بخطوة، أي أن مزيداً من التقارب العربي سيقترن بما يقدم عليه بشار الأسد من خطوات لتنفيذ بنود تلك المبادرة، كما ربطت الدول العربية ذلك بأن تعمل على تقديم المساعدات المالية اللازمة للمساهمة في إعادة إعمار سوريا لا سيما المناطق التي دمرها الزلزال، وكذلك دعوة الدول الغربية إلى رفع عقوباتها ضد دمشق.

ولفت المصدر الدبلوماسي، في ختام تصريحاته لمنصة “تارجيت”، إلى أن الجانب المصري كان الأشد انزعاجاً من عدم تفاعل حكومة دمشق مع المبادرة العربية بشكل جاد حتى الآن، وذلك رغم أن القاهرة كانت أكثر الدول تحمساً خلال السنوات الماضية لفتح علاقات مع بشار الأسد باعتبار أن سنوات القطيعة لم تقدم أي شيء على صعيد حل الأزمة السورية.

وتثار شكوك حول نجاح المبادرة العربية في تحقيق أي تقدم يذكر بشأن مسار الحل السياسي، في ظل حالة التجاهل الواضحة من قبل بشار الأسد لبنودها، وقد كان ذلك جلياً بمقال نشر في إحدى الصحف السعودية يشير إلى هذا الأمر، ومن المعروف أن صحف الخليج تعبر بشكل قاطع عن وجهة نظر السلطة فيها، ما فهم على أنه امتعاض سعودي تجاه حكومة دمشق.
أشار المصدر المطلع كذلك إلى أن الاجتماعات ستتواصل حتى لو لم تبدي حكومة دمشق بعد الاستجابة المرجوة تجاه بنود المبادرة العربية، حيث لا تزال القاهرة تدعم مسألة ضرورة أن تكون هناك قنوات اتصال مباشرة مع بشار الأسد، كما أن القاهرة رأت أن القطيعة جعلت “الأسد” يرتمي أكثر في أحضان إيران ما منحها نفوذأ واسعاً في بلد يشكل أهمية كبيرة للأمن القومي العربي.

هل فشلت المبادرة العربية؟
وتعليقاً على تلك التسريبات، يقول رامي عبدالرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، في تصريحات لمنصة “تارجيت” الإعلامية، إن المبادرة العربية حتى اللحظة غير ناجحة، كون حكومة بشار الأسد لم تنفذ أياً من المطالب التي طرحتها الدول العربية وبداية مسألة إخراج الميليشيات غير السورية من الأراضي السورية، إذ أن ما جرى إعادة تموضع لها لكنها لم تغادر بلدنا.
وأضاف “عبدالرحمن” أنه لم يحدث كذلك أي تقدم بخصوص الانخراط في العملية السياسية من أجل البحث عن حل سياسي للأزمة السورية وفق القرار 2254 بحسب ما طلبت وزارة الخارجية المصرية والرئاسة المصرية، أيضاً في ملف المعتقلين لم يتم الإفراج عنهم، وقبل ذلك محاربة الكبتاجون والمخدرات التي تصنع في سوريا باتجاه الدول العربية لم يحدث أي تقدم في هذا الملف كذلك، مشيراً إلى أنه في المقابل هناك ضغوطاً أمريكية على الدول العربية بعدم التقدم بأية خطوات إيجابية تجاه حكومة دمشق على الأقل في الوقت الراهن.

اجتماع في بغداد
رسمياً ذكر البيان الختامي أن المشاركين أكدوا أن الحل الوحيد للأزمة السورية هو الحل السياسي، وأعربوا عن التطلع إلى استئناف العمل في المسار الدستوري السوري، وعقد الاجتماع المقبل للجنة الدستورية السورية في سلطنة عمان بتسهيل وتنسيق مع الأمم المتحدة قبل نهاية العام الجاري، كما توافقوا على أهمية استكمال هذا المسار بجدية باعتباره أحد المحاور الرئيسية على طريق إنهاء الأزمة وتحقيق التسوية السياسية والمصالحة الوطنية المنشودة.

وفي ختام البيان، اتفق المشاركون على عقد الاجتماع القادم للجنة الاتصال في بغداد وتشكيل فريق اتصال على مستوى الخبراء للمتابعة والإعداد للاجتماع القادم، فيما أعرب أمين عام جامعة الدول العربية عن تطلعه لمواصلة العمل بمباركة دولنا الاعضاء لتحقيق التقدم المنشود في مختلف الموضوعات لمصلحة سوريا وشعبها العزيز.

قد يعجبك ايضا