تتصدر التوترات بين الولايات المتحدة وإيران بريف دير الزور والبادية، المشهد في سوريا خلال هذه الفترة، في ظل تحشيد عسكري للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي والقوات الأمريكية والحديث عن نية الأخيرة بدء عملية عسكرية ضد الفصائل التابعة لإيران شرقي البلاد.
المرصد السوري لحقوق الإنسان، أفاد بسقوط صاروخين في منطقة “حويجة صقر” المقابلة لقاعدة التحالف الدولي لمحاربة داعش في حقل “كونيكو” للغاز بريف دير الزور مصدرهما المطار العسكري في “هرابش” ضمن مناطق سيطرة الفصائل التابعة لإيران، وذلك بعد ساعات على تحليق طائرات تابعة للتحالف الدولي على علو منخفض في أجواء المناطق المحاذية لمناطق فصائل إيران.
تعزيزات عسكرية
هذه التطورات سبقها، هبوط طائرة مروحية للتحالف الدولي في قاعدة حقل “كونيكو”، وعلى متنها عشرات الجنود، وذلك بعد ثلاثة أيام فقط على تسيير قوات التحالف دورية عسكرية مؤلفة من عدة مدرعات من قاعدة “كونيكو” باتجاه محيط القرى الخاضعة لسيطرة قوات حكومة دمشق والفصائل التابعة لإيران في ريف دير الزور.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي حسام نجار في هذا السياق: “إنه بين الفترة والأخرى يزداد الضخ الإعلامي عن صراع وشيك بين أمريكا وإيران في الشرق السوري، يعززه التحركات الأمريكية بمحاولة لتوحيد “جيش سوريا الحرة” مع قوات الصناديد وقوات قسد لمنع التحرك الإيراني باتجاه الداخل السوري”.
استفادة متبادلة
ويضيف نجار في تصريحات لمنصة تارجيت الإعلامية، ” أن كل هذا لم يمنع التواصل بين الطرفين للاستفادة المتبادلة بينهما فلم نجد حتى الآن ضربات عسكرية فعلية تبشر بقوة الصراع، بل على العكس كان هناك توافق كبير لحل خلافاتهما من خلال هذا الأمر، فقد أفرجت إيران عن الأسرى الأمريكان لديها مقابل الإفراج عن مليارات الدولارات المحتجزة لدى كوريا الجنوبية، وكذلك تخفيض نسبة تخصيب اليورانيوم”.
تعزيز دفاعات
ومن جانبه، قال الصحفي السوري زياد الريس في تصريحات لمنصة تارجيت: “إن القوات الأمريكية لا تقوم بحشد قوات إنما تعزيز دفاعات نتيجة وجود تحركات من قبل عناصر موالية لإيران تنوي التحرش بالقوات الأمريكية في سوريا والعراق.
وأضاف الريس، “أنه لا يوجد أي بوادر لمواجهات مباشرة بين الجانبين ولا حتى من قبل المليشيات المعروفة بتبعيتها لإيران، مع استثناء بسيط هو حزب الله الذي يخطط لإنشاء تنظيم مقاوم في سوريا تحت مسمى المقاومة الشعبية، ويبدو أنه يتوخى الحذر منذ قرابة شهر ويبتعد عن مواقع ومقرات غير محصنة بتضاريس طبيعية”.
وتأتي التحركات الجديدة للولايات المتحدة وإيران، بعد يوم واحد فقط من صفقة بين الجانبين تم بموجبها إفراج طهران عن ستة مواطنين أمريكيين كانوا محتجزين لديها، مقابل إفراج الولايات المتحدة عن أموال إيرانية مجمدة بموجب العقوبات، ما اعتبره محللون توجهاً نحو التهدئة والميل لتفاهمات بعيداً عن التصعيد العسكري.
وبحسب الكاتب والمحلل السياسي حسام نجار، “فإن الجميع لا يختلف على ناحية الترابط في الأهداف المرحلية بين الطرفين، فلا يوجد بينهما صدام دموي شديد ولا توجد حرب مشتعلة، فعندما تحيد إيران عن الهدف المرسوم لها يأتي الدور الأمريكي لإعادتها للخط الصحيح، وبالخلاصة، فإن أمريكا تستخدم إيران كرأس حربة لتأديب من يخرج عن الطاعة”، على حد تعبيره.
تجنيد وتحركات على الأرض
التحشيد العسكري الأمريكي، يوازيه تحركات على الأرض تمثلت بما كشفته مصادر أمريكية قبل أسابيع، عن محاولات واشنطن تأسيس “الحزام العشائري السني” الذي يضم عدة فصائل لمحاربة الفصائل التابعة لإيران والسيطرة على الشريط الحدودي بين البوكمال وقاعدة التنف، إلى جانب ما كشفه المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن حملة تجنيد لعناصر من الفصائل التابعة لتركيا في الشمال السوري تمهيداً لنقلهم إلى قاعدة التنف لمواجهة الفصائل الإيرانية، وذلك رغم انتشار الأخيرة على خطوط التماس مع المناطق المحتلة منذ سنوات، دون حدوث صدام بين الجانبين، الأمر الذي أرجعه محللون لعدم رغبة تركيا بحدوث هكذا صدام مع إيران في المناطق التي تحتلها.
توجهات لإغلاق الشريط الحدودي
من جانبها، أفادت وكالة “المعلومة” العراقية نقلاً عن مصدر أمني عراقي في قاعدة عين الأسد الجوية لم تكشف عنه، أن القوات الأمريكية تنوي إغلاق الشريط الحدودي مع سوريا في محافظة الأنبار لدواع غير معروفة، بالتزامن مع وصول تعزيزات عسكرية للقوات الأمريكية إلى قاعدة التحالف الدولي في “التنف” قادمة من قاعدة عين الأسد في العراق، وتكثيف القوات الأمريكية من عمليات الاستطلاع الجوي عبر الطيران الحربي والمسير في أجواء محافظة الأنبار وصولاً إلى العمق السوري.
وكان الأسطول الخامس الأمريكي، أعلن الأسبوع الماضي، وصول أكثر من 3000 جندي أمريكي إلى منطقة الشرق الأوسط، على متن السفينتين الحربيتين “يو إس إس باتان، ويو إس إس كارتر هول”، وذلك في ظل التوترات مع إيران في الخليج بشأن حرية الملاحة العالمية واحتجاز طهران أكثر من مرة سفناً تجارية في مضيق هرمز وبحر العرب، الأمر الذي دفع إيران لاتهام الولايات المتحدة “لإثارة حالة من عدم الاستقرار” في المنطقة.