يثير نشاط حركة النهضة في تونس شبوهات عديدة خصوصاً علاقة هذه الحركة المنبثقة عن التنظيم الدولي للإخوان بتركيا وكذلك علاقة زعيمها راشد الغنوشي بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والاتهامات التي تلاحقهما بشأن التورط في أعمال إرهابية منها التشارك في ملف تسفير الشباب التونسي للقتال في سوريا وتكوين تنظيم سري يتبع الحركة متورط في تصفية بعض المعارضين.
وقد دفعت هذه الأمور بعض النواب في البرلمان التونسي إلى العمل على إعداد لائحة إن تمت الموافقة عليها سيتم حل حركة النهضة وحظرها كجماعة إرهابية، ما سيشكل ضربة موجعة بلا شك للرئيس التركي، الذي يعتبر “النهضة” رأس حربة له لتنفيذ “طموحاته ومخططاته التخريبية العثمانية” خصوصاً في شمال أفريقيا، وقد وضح ذلك من خلال تصريحات أردوغان الغاضبة عندما تم القبض على زعيم الحركة راشد الغنوشي وسجنه منذ أبريل الماضي بعد أن سُربت لقطات مصورة له يهدد ويتوعد مؤسسات الدولة لا سيما رجال الشرطة الذين وصفهم بـ”الطغاة”.
وفي هذا السياق، حاورت منصة “تارجيت” الإعلامية النائبة فاطمة المسدّي عضو مجلس نواب الشعب التونسي والتي تقود التحركات الجارية لحظر حركة النهضة الموالية لأردوغان ولتنظيم الإخوان الدولي المُصنف إرهابي في عدة دول، والتي تكشف عديداً من التفاصيل بشأن أسباب تحركها وطبيعة العلاقة بين الغنوشي وأردوغان وتورطهما في كثير من الملفات الإجرامية وذات الصلة بالنشاط الإرهابي، على حد قولها.
نص الحوار:
*بداية، ما تفاصيل التحرك الذي تقومين به بشأن حظر حركة النهضة؟
– هذا التحرك أقوم به أنا ومجموعة من البرلمانيين الآخرين الذين لديهم قناعة بأن حركة النهضة الإخوانية الموالية لتركيا تشكل تهديداً للأمن القومي التونسي وأنها على صلة بعديد من الملفات المتعلقة بالإرهاب وأيضاً تلك المتعلقة بتشكيل التنظيم السري التابع للحركة والذي يواجه اتهامات باغتيال معارضين سابقين لحركة النهضة، إلى جانب العلاقة بين الحركة وعملية تسفير الشباب للقتال في البؤر المتوترة مثل الأراضي السورية، كما أن عديد من القيادات سواء الكبرى أو الوسطى للحركة متورطين في قضايا إرهاب كما قلت مثل التسفير والاغتيالات والجهاز السري وتلقي بعض الأموال من الخارج، وأغلب القيادات الكبرى والوسطى في الحركة متورطة في هذه الملفات بما يشكل خرقاً للقانون والدستور في تونس.
*وما الذي تريدونه تحديداً بعد سردكي لكل هذه الاتهامات؟
– ما ذكرته يتطلب أن يكون هناك حظراً لنشاط حركة النهضة، لأن القانون التونسي – على سبيل المثال – يشترط عدم تلقي الأحزاب السياسية أية أموال من الخارج فهذا ممنوع، وأيضاً هناك تجاوز للمباديء التي بني عليها الدستور والقانون التونسي من خلال تورط النهضة في كثير من الجرائم التي أعتبرها أنا جرائم ضد الإنسانية، وبالتالي نحن كنواب عن الشعب نطالب السلطة والحكومة والدولة بتطبيق القانون بحظر هذه الحركة وحلها وتصنيفها كتنظيم إرهابي.
*أريد أن أعرف أكثر التفاصيل القانونية المتبعة؟
– أولاً نقوم بتقديم لائحة وتعرض على الجلسة العامة لمجلس النواب لمناقشتها، ولا أعتقد أن مكتب مجلس النواب سيرفض مناقشة تلك اللائحة التي تعبر عن مطلب شعبي، وبعد النقاش سيتم إصدار اللائحة النهائية التي ستعبر عن الخط السياسي الذي ستعتمد عليه الحكومة من أجل حظر هذه الحركة وحلها وتصنيفها كجماعة إرهابية.
*البعض ربما يرى صعوبة في ذلك بداعي أن للحركة وجوداً في الشارع، ما تعليقك؟
– أعتقد أن لدينا قانون وهذا القانون يطبق على الجميع مهما كان حجمه صغيراً أو كبيراً، وبدليل أننا نرى رئيس الحركة راشد الغنوشي الآن في السجن؛ نتيجة التجاوزات والجرائم التي تطاله سواء إرهابية أو جنائية، وأعتقد أن القانون سيطال الجميع ويطبق عليهم، ولا أعتقد أن هناك في تونس من يمكنه الإفلات من تطبيق القانون. وأعتبر أنه ما دام أن الحكومة قد حظرت وأغلقت مقرات لحركة النهضة، فإنها بداية لبعض القرارات التي تفضي بالنهاية إلى حل هذه الحركة وحظرها.
*كيف ترين طبيعة العلاقة بين حركة النهضة وأردوغان وتركيا؟
– أرى أن العلاقة بين رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ورئيس تركيا بها عديد من علامات الاستفهام والشكوك، لأنه عندما تم القبض على الغنوشي أصدر أردوغان بياناً يندد فيه بالقبض عليه، وأنا من وقتها اعتبرت أن الغنوشي مواطن تركي، لأنه ليس من الطبيعي أن يقلق رئيس تركيا وينزعج لهذه الدرجة بشأن مواطن تونسي، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن مصالح تركيا موجودة ومرتبطة براشد الغنوشي.
*ما التفاصيل التي يمكن أن توضحيها بشأن ملف تسفير الشباب للقتال في سوريا بالتعاون بين النهضة وأردوغان؟
– ملف التسفير هو أحد أكثر الملفات الشائكة والتي تعبر عن الشراكة بين النهضة وأردوغان لتدمير سوريا، فقد كان يتم نقل الشباب التونسي عبر عديد من النقاط مثل ليبيا لينتقلوا بعدها إلى تركيا ومن ثم الذهاب للقتال في سوريا، وتركيا جزء رئيسي من هذا الملف وهي التي تحمي الإخوان وتحمي الممارسات التي يقومون بها.
*أردوغان سبق وشن حرباً شعواء ضد مصر بعد حظر الإخوان، هل يفعل نفس الأمر ضد تونس؟
– أعتقد أن الإخوان لهم دول تحميهم وليس تركيا فقط أو أردوغان فقط، لأنهم بالأساس لا ينتمون إلى أية أوطان بل إلى تنظيم، وهذا التنظيم إرهابي وقد جرمت أعماله في عديد من الدول، والآن يجب أن يتم تجريم نشاطه في تونس. وأعتقد أن المصالح مع الإخوان هي التي تجعل في بعض الأحيان دول مثل أمريكا وتركيا وغيرها يدافعون عنها ويستبسلون في سبيل ذلك والدفاع كذلك عن حكمهم، وبالتالي أردوغان يقوم بهذا بالفعل ويوجه ضغوطاً شديدة إلى الدولة التونسية.
*ماذا عن رد فعل الرئيس قيس سعيد بشأن تلك التدخلات وهو الذي قاد المواجهة الرئيسية ضد الإخوان وتدخلات تركيا؟
– نحن لدينا رئيس وطني وهو الرئيس قيس سعيد وأعتقد أنه يؤمن بسيادة تونس ولن يرضخ أبداً لأي من تلك الضغوطات مهما حاولوا وفعلوا وحتى لو حركوا المرتزقة التابعين لهم ضد الدولة وغيرهم. نحن نعرف أن المصالح الاقتصادية والمافيا الإخوانية ترعاها بعض الدول، ولهذا فإن تلك الدول يمكنها القيام بأي شيء لحماية تلك المصالح، ونحن نرفض بدورنا ذلك في تونس والآن نتخذ الإجراء القانوني الأمثل ضد حركة النهضة وسنتخلص من فرع الإخوان في تونس عبر تجريمه، وقد حان الوقت لمحاسبة كل من تورطوا وورطوا تونس في هذا المسار الإرهابي.
*في نهاية حديثنا، هل لديكي ما تودين إضافته؟
– أعتقد أنه من واجبنا كأعضاء مجلس نواب مراقبة العمل الحكومي، ونحن لدينا تساؤلات عديدة بشأن بطء الحكومة في عدم حل حركة النهضة إلى حد الآن، ولهذا قمنا بإعداد تلك اللائحة السياسية للضغط على الحكومة من أجل القيام بدورها، وقد راسلنا كاتب عام الحكومة وأعلمناه أننا بصدد مناقشة لائحة تخص حظر نشاط حركة النهضة وحلها وتحويلها إلى جماعة إرهابية محظورة.