يطال قوات حكومة دمشق.. تصعيد إسرائيلي ضد إيران في سوريا

منذ التدخل الإيراني المباشر في سوريا قبل أكثر من عقد لدعم قوات حكومة دمشق في مواجهة معارضيها، والأراضي السورية تتعرض للقصف والغارات الإسرائيلية التي تستهدف بالدرجة الأولى مواقع الفصائل التابعة لإيران وجماعة حزب الله اللبناني، ما يسفر غالباً عن سقوط قتلى وجرحى ودمار في البنية التحتية السورية.

 

غارات كان آخرها استهداف مواقع عسكرية لقوات حكومة دمشق ومقرات ومستودعات أسلحة للفصائل التابعة لإيران في محيط منطقة مطاري دمشق الدولي والديماس ومحيط بلدة الكسوة بريف العاصمة السورية دمشق، أسفرت عن مقتل وإصابة ثمانية عشر عنصراً من الجانبين، وتدمير مستودعات للأسلحة والذخائر بالمواقع المستهدفة، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الأمر الذي أكدته وكالة “سانا” التابعة لحكومة دمشق التي نقلت عن مصدر عسكري أن أربعة عسكريين قتلوا وأصيب أربعة آخرون جراء غارات في محيط دمشق، قالت إن الدفاعات الجوية تصدت لها وأسقطت عدداً من الصواريخ.

 

قتلى وجرحى ودمار
ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن هذا هو الاستهداف الإسرائيلي الثاني والعشرين داخل سوريا خلال العام الحالي، بما في ذلك 17 غارة جوية و5 استهدافات برية، أسفرت عن مقتل 59 عسكرياً وإصابة 61 آخرين، إلى جانب إصابة وتدمير 51 هدفاً تم استهدافه.

 

وتطال الغارات الإسرائيلية مواقع ومرافق حيوية داخل سوريا بينها المطارات، التي تقول تقارير استخباراتية وإعلامية إنها تحولت إلى مقرات للحرس الثوري الإيراني وطريق لتوريد الأسلحة إلى سوريا ومن ثم إلى جماعة حزب الله اللبناني، حيث تعرض مطار دمشق الدولي لغارات إسرائيلية مطلع العام الجاري، أسفرت عن تدمير أحد مدارجه وخروجه عن الخدمة لأيام، قبل أن يتعرض مطار حلب لغارات مماثلة أسفرت عن خروجه عن الخدمة عدة أيام، لتكشف وسائل إعلام إسرائيلية لاحقاً أن الهجوم استهدف شحنة صواريخ إيرانية كان يتم تنزيلها بالمطار لنقلها إلى أحد المواقع العسكرية بريف حلب الجنوبي الشرقي.

 

إسرائيل هي الخاسر
مدير تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط محمود الشناوي قال في تصريحات لمنصة تارجيت الإعلامية: “إن إسرائيل هي الخاسر الأكبر وإيران هي أحد الفائزين إن لم تكن الفائر الأكبر من هذه المعركة في سوريا التي استمرت أكثر من عقد في حرب أهلية طاحنة أدت لسقوط آلاف الضحايا وملايين المهجرين، مشيراً إلى أن إيران ما زالت مستمرة بالوجود بسوريا بشكل قوي لكنها تخلت عن الخطة الاستراتيجية التي كان قد أعدها قاسم سليماني المسؤول عن عمليات إيران الخارجية، وربما الخطة نجحت في العراق لكن في سوريا تم الاستغناء عن الخطة الهادفة للسيطرة على مناطق واسعة من سوريا وتواجد عناصر كبيرة هناك بسبب الضربات الإسرائيلية المتوالية والهجمات التي تستهدف مناطق التواجد الإيراني والمليشيات سواءً كانت إيرانية مباشرة أو بالعقيدة الشيعية مثل حزب الله وأبو الفضل العباس وغيرها من الكتائب المنتمية إلى الجانب الشيعي في باكستان”.

 

ويضيف الشناوي، أن الخطة قد يكون تم تعديل بعض بنودها بالتواجد في الفرات الأوسط خاصةً دير الزور والبوكمال وغيرها والتواجد في محيط دمشق وحلب، وإسرائيل ليس أمامها سوى القيام بما تقوم بها من هجمات نتيجة معلومات استخباراتية سواءً على مخازن أسلحة أو غيرها، لافتاً إلى الوجود العسكري الإيراني في سوريا تم تدميره بشكل كبير لكن التواجد الروحي والسياسي موجود بشكل مكثف رغم كل الوعود العربية بالتقارب مع بشار الأسد ونظامه إلا أن هذا التقارب يمشي خطوة ويتأخر خطوتين، ولا يوجد أي مغريات يمكن أن تجعل بشار الأسد المرتبط سياسياً وأمنياً وعقائدياً بالنظام الإيراني يلجأ لمغادرة الحضن الإيراني إلى حضن عربي يسعى إليه لكنه لن يكون بديلاً عن إيران”.

من جانبه، قال الباحث في مركز العرب للأبحاث والدراسات محمد عامر في تصريحات لمنصة تارجيت: “إن الغارات ليست بجديدة، فإسرائيل منذ سنوات وهي تواصل مثل هذا النوع من الغارات التي تستهدف بالدرجة الأولى مواقع لحزب الله اللبناني والمليشيات الإيرانية التي تدعم حكومة دمشق، والهدف منها منع تعاظم النفوذ الإيراني ونفوذ حزب الله في الأراضي السورية، أكثر من مسألة استهداف حكومة دمشق.

تغاض روسي
وأضاف عامر، “أن الغارات تأتي في إطار التوترات خلال الفترة الماضية والتي تتصاعد بين الحين والآخر بين إسرائيل وإيران، مشيراً إلى أن روسيا لا تتخذ أي موقف رادع حيال هذا الأمر رغم تكراره بشكل كبير، أي أنها تتغاضى عن هذه الغارات التي تستهدف المليشيات الإيرانية كما أنها منشغلة بالحرب الأوكرانية، ولافتاً بالوقت نفسه إلى أن إسرائيل تريد إيصال رسالة بأنه حتى لو العرب تقاربوا مع بشار الأسد وإيران، فإن هذا لن يغير من قراراتها تجاه ما تعتبر أنه تهديد لأمنها القومي”.

تمدد وتوسيع النفوذ
ورغم تزايد غارات إسرائيل في سوريا بشكل ملحوظ خلال الأشهر الأخيرة، والتي تتحدث مصادر إسرائيلية عن أنها تأتي لمنع تموضع إيران على الحدود الشمالية للبلاد، تواصل طهران والفصائل التابعة لها بحسب تقارير إعلامية، التوسع والتمدد داخل الأراضي السورية، عبر إنشاء المقار العسكرية وشراء العقارات وتجنيد سوريين في صفوفها مستغلة الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها مناطق سيطرة حكومة دمشق.

 

وبحسب الشناوي، “فإن خطط إسرائيل في إحباط الخطط الإيرانية للتمركز في سوريا التي هي مهمة لإيران من حيث ربط التواجد الإيراني بالعراق وسوريا ولبنان، وهو الأمر الذي لا تريد إسرائيل أن يستمر لكنها لا تقوى على إنهائه تماماً، لأن لها سابقة في لبنان تحول بينها وبين أي تغيير شامل في أي دولة عربية، لافتاً إلى أن الخطط الإيرانية ستمضي لكن ببطء، وأن ما زاد التواجد الإيراني في سوريا هي اليد الروسية القوية التي منحت غطاءً كبيراً لإيران، ومنحت وجوداً تخشى إسرائيل والولايات المتحدة وحلفاؤها أن تصطدم به اصطداماً مباشراً، ورغم التواجد الرمزي للقوات الأمريكية في المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية شرقي سوريا، إلا أن هذا الوجود مؤثر ولن ينتهي بالقريب العاجل، لذلك الوضع سيبقى على ما هو عليه، أي محاولات إيرانية للتواجد ومحاولات إسرائيلية لخلخلة هذا التواجد”.

 

وتكشف الغارات الإسرائيلية ومعها التمدد الإيراني في سوريا، كيف تحولت البلاد لساحة للصراعات، في ظل ضعف موقف حكومة دمشق والموافقة الروسية بموجب تفاهمات مع إسرائيل تم التوصل إليها منذ سنوات، وتؤكد مجدداً أهمية التوصل لحل نهائي للأزمة السورية يضع حداً للتواجد الأجنبي على أراضي البلاد.

 

ويتزامن التصعيد الإسرائيلي ضد إيران والفصائل التابعة لها في سوريا، مع توترات بينها وبين جماعة حزب الله اللبناني على الحدود بعد إنشاء الأخير خيماً في مزارع شبعا جنوبي لبنان، أعقبه تحذير وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الحزب من أي تصعيد على الحدود، وتهديده بإعادة لبنان إلى ما أسماه “العصر الحجري” في حال نشوب حرب.

قد يعجبك ايضا